كثفت إسرائيل هجماتها على قطاع غزة اليوم (الخميس) وأمرت بإخلاء مناطق جديدة في ظل مفاوضات بشأن هدنة إنسانية جديدة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس). وتواصل القصف الإسرائيلي العنيف من الجو والبر والبحر اليوم في جميع أنحاء غزة، فيما تم الإبلاغ عن القصف الأكثر كثافة في بيت لاهيا ومناطق متعددة في مدينة غزة وشرق خانيونس والمناطق الشرقية والغربية من مدينة رفح، بحسب مصادر أمنية فلسطينية. وذكرت المصادر لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن العمليات البرية المكثفة والقتال بين القوات الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية المسلحة مستمرة في شمال غزة ومدينة غزة والمنطقة الوسطى وخانيونس. وأفاد مصدر طبي فلسطيني بمقتل 55 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على خانيونس خلال الساعات الأخيرة. فيما ذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن قصفا إسرائيليا استهدف اليوم معبر كرم أبو سالم بعد أيام إعادة السلطات الإسرائيلية تشغيله لتوسيع عملية فحص المساعدات الإنسانية. وقالت هذه الوسائل إن مدير المعبر بسام غبن وثلاثة موظفين في المعبر جراء القصف الإسرائيلي لمرافق المعبر أثناء العمل. وأعادت السلطات الإسرائيلية الأحد الماضي تشغيل معبر كرم ابو سالم/ كيرم شالوم، وهو المعبر التجاري الوحيد مع قطاع غزة، لأول مرة منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، وفق مصدر أمني فلسطيني. من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته هاجمت 230 هدفا في قطاع غزة خلال الساعات 24 الماضية، بما في ذلك استهداف بني عسكرية ومسلحين فلسطينيين. وقال الجيش في بيان إنه سيطر على مجمع فوق وتحت الأرض في وسط مدينة غزة، بما في ذلك ساحة فلسطين يعد مركزا للأجنحة العسكرية والسياسية لحركة حماس. على الصعيد الدبلوماسي، تتواصل جهود الوسطاء للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحركة حماس. وقال مصدر فلسطيني لـ((شينخوا)) إن إسرائيل عرضت عبر الوسيطين القطري والمصري وقف إطلاق النار لمدة أسبوع مقابل إطلاق سراح نحو 40 محتجزا إسرائيليا لدى حركة حماس في غزة. وذكر المصدر أن إسرائيل تركز على الإفراج عن جميع النساء والأطفال المتبقين قيد الاحتجاز في غزة، بالإضافة إلى المسنين الذين يحتاجون إلى علاج طبي عاجل على أن يوقف الجيش عملياته البرية والجوية لمدة أسبوع ويسمح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وبحسب المصدر، تطالب حماس في المقابل بوقف القتال لمدة أسبوعين، وأن تكون الهدنة الجاري التفاوض بشأنها خطوة تمهيدية لوقف إطلاق نار شامل وإنهاء الحرب على غزة. ويزور وفد رفيع من قيادة حركة حماس برئاسة زعيم مكتبها السياسي إسماعيل هنية منذ أمس العاصمة المصرية القاهرة لإجراء مباحثات مع مسؤولي المخابرات المصرية لمناقشة أفق الهدنة المقترحة. كما أعلنت حركة الجهاد الإسلامي أن وفدا من قيادتها سيزور القاهرة خلال اليومين المقبلين للقاء المسؤولين المصريين للغرض ذاته. وبموازاة المحادثات الجارية للهدنة عمدت إسرائيل إلى المزيد من الضغط على حماس عبر إرسال آلاف الجنود الإضافيين إلى مدينة خانيونس في جنوب قطاع غزة من أجل "تعميق" عملياتها. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن الجيش الإسرائيلي خصص منطقة جديدة تغطي حوالي 20% من وسط وجنوب مدينة خانيونس للإخلاء الفوري. وبحسب المكتب الأممي تم تحديد المنطقة في خريطة إلكترونية منشورة من الجيش الإسرائيلي على وسائل التواصل الاجتماعي. وقبل بدء الحرب الإسرائيلية كانت هذه المنطقة موطنًا لأكثر من 110 آلاف شخص، كما تضم 32 مركز إيواء استوعب أكثر من 140 ألف نازً، غالبيتهم العظمى نزحوا سابقاً من الشمال. وتدعو التعليمات المصاحبة للخريطة السكان إلى الانتقال فورًا إلى الملاجئ جنوب خانيونس، وتحديدًا في أحياء الشابورة وتل السلطان والزهور في محافظة رفح المكتظة بالفعل. وقال مكتب أوتشا إن الملاجئ في مدينة رفح تجاوزت طاقتها الاستيعابية بشكل كبير واستقر معظم النازحين الوافدين حديثاً في الشوارع والأماكن الفارغة في جميع أنحاء المدينة. وأصبحت محافظة رفح المنطقة الأكثر اكتظاظا بالسكان في قطاع غزة، حيث يضطر مئات الآلاف من النازحين داخليا إلى العيش في أماكن مكتظة للغاية وفي ظروف معيشية مزرية. وتشير التقديرات إلى أن الكثافة السكانية تتجاوز الآن 12,000 شخص لكل كيلومتر مربع، أي بزيادة أربعة أضعاف قبل التصعيد. وتقدر الأمم المتحدة أن ما يقرب من 1.9 مليون شخص في غزة، هم نازحون داخليا، بما في ذلك الأشخاص الذين نزحوا عدة مرات. وتم تسجيل ما يقرب من 1.4 مليون شخص من هؤلاء النازحين في 155 منشأة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مختلف أنحاء غزة، بما في ذلك أكثر من 1.2 مليون في 98 ملجأ في وسط وجنوب القطاع. وأعلنت وزارة الصحة في غزة عن وفاة ثلاثة جرحى بسبب نقص الإمدادات الطبية في مجمع الشفاء الطبي الذي يعمل جزئيا في مدينة غزة. وصرح الناطق باسم الوزارة أشرف القدرة في بيان بأن "مئات الجرحى يفارقون الحياة نتيجة عدم توفر الخدمات الصحية في مجمع الشفاء الطبي وخروج مستشفيات شمال غزة عن الخدمة". وأكدت جمعية الهلال الأحمر الفلسطينية أن 800 ألف فلسطيني في المناطق الشمالية لقطاع غزة محرومون من الخدمات الطبية. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن تسعة من أصل 36 مستشفى في غزة تعمل بشكل جزئي، وتقع جميعها في جنوب القطاع. وتعمل هذه المستشفيات بثلاثة أضعاف طاقتها، في حين تواجه نقصا حادا في الإمدادات الأساسية والوقود. وارتفعت حصيلة القتلى الفلسطينيين إلى أكثر من 20 ألف شخص، بالإضافة إلى 52600 مصاب منذ السابع من أكتوبر الماضي، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة. وفي الإطار الإنساني، يتواصل انقطاع الاتصالات والإنترنت في قطاع غزة لليوم الثاني بسبب انقطاع خطوط الألياف الضوئية الرئيسية. وحذرت الوكالات الإنسانية من أن انقطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية يعرض للخطر عملية تقديم المساعدات المنقذة للحياة، والتي كانت محدودة بالفعل. ومنذ السابع من أكتوبر الماضي تشن إسرائيل حربا واسعة النطاق ضد حركة حماس في قطاع غزة بعد أن شنت حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل، أودى، وفق السلطات الإسرائيلية، بحياة أكثر من 1200 إسرائيلي. ■
مشاركة :