غزة / الأناضول رغم تدمير الجيش الإسرائيلي عشرات المساجد في قطاع غزة، إلا أن صوت الأذان ما زال يصدح من تلك المساجد المدمرة في مواقيته. شمال قطاع غزة، بقيت مأذنة "مسجد العودة" صامدة وحدها، بينما دمرت الغارات الإسرائيلية المسجد نفسه خلال الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ويواصل المؤذن نداء المصلين "إلى الفلاح" لإقامة الصلاة، مثلما كان يفعل قبل الدمار الذي لحق بالمسجد. مأذنة شامخة رغم الدمار وبجانب المأذنة الشامخة يمتد الدمار والركام، وتتناثر أنقاض المسجد الذي كان يستقبل مئات المصلين ويدرّس داخله القرآن الكريم وأحكامه. في شهر رمضان بات المسجد ذكرى للمصلين، حيث كان سكان شمال القطاع يقصدونه دائمًا للاعتكاف فيه خلال شهر الصوم والعبادة. كان رواده يعتادون على تزيينه لاستقبال شهر رمضان، ولكن هذا العام تغيرت الأجواء وألمت بهم حالة من الحزن والقهر بسبب الدمار الذي لحق بالمسجد. قبلة المعتكفين في رمضان ففي رمضان من كل عام، كان المسجد يحتضن مئات المصلين قبيل أذان المغرب، حيث يجتمعون لتلاوة القرآن الكريم، ويقدم المشرفين عليه طعام الفطور للمحتاجين. في ساعات الليل، كان يأتي رواد المسجد ليستمتعوا بالدروس الدينية وجلسات المواعظ التي يقدمها مجموعة من الدعاة. يقع "مسجد العودة" الذي تم بناؤه قبل ما يقارب 50 عاما، في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين. هنا مسجد يزين وبالقرب من المسجد، يشعر الفلسطيني عوض الشُرَفا (55 عامًا) بالحزن الشديد على القصف والتدمير الذي طال المساجد والمنازل. ويتذكر قائلاً: "كنا في رمضان من السنوات الماضية نحتفل ونزين المساجد التي كانت تضم مئات المصلين والأطفال، ولكن بسبب الحرب غاب كل شيء". ويضيف: "الاحتلال خلف دماراً في كل مكان، دمر منازلنا ومساجدنا وشرد الفلسطينيين وقتلهم، وأزال الفرحة والاحتفالات بشهر رمضان". ويسترجع الشرفا ذكريات الشهر خلال السنوات الماضية داخل المسجد، حيث كان يتم تزيينه ويزدحم بالمصلين الذين يعتكفون، ولكن اليوم، يبدو أن كل شيء قد اختفى. يتمنى الرجل أن تنتهي الحرب، وأن تعود المساجد وتُعمَّر من جديد، حتى تصدح بالأذان مرة أخرى، ويعود الناس إلى العيش بسلام وأمن. رغم الدمار يرفع الأذان وكذلك "مسجد المحطة" في حي التفاح بمدينة غزة، فقد لحق به دمار بشكل كامل جراء الهجمات الإسرائيلية، ومع ذلك، يستمر صوت الأذان في الصدور من بين الركام. ولا يتردد الشاب ياسر حسونة (23 عاما) في الذهاب إلى المسجد في كل موعد صلاة، حيث يأذن ويتلو القرآن على أنقاضه، في تحد لإسرائيل. يقول حسونة: "في ظل حرب الإبادة ومحاربة المساجد بالقصف والتدمير، نأتي كل يوم لمسجد المحطة نرفع الأذان". ويضيف: "نحن مصرون على أن نأتي لبيت الله لنقيم الصلاة ونرفع الأذان في ظل حرب الابادة الإسرائيلية على غزة". وتمنى الشاب الفلسطيني أن تنتهي الحرب الإسرائيلية وتعمر المساجد ويعود المسلمون جميعاً للصلاة في المسجد. أرقام وإحصائيات بدوره يقول مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، إسماعيل الثوابتة: "دمر جيش الاحتلال خلال حرب الإبادة الجماعية على غزة 224 مسجدا بشكل كلي، و290 مسجدا بشكل جزئي". ويضيف للأناضول: "كان تدمير هذه المساجد من خلال إلقاء صواريخ وقنابل عليها يزن بعضها ألفي رطل من المتفجرات، مما أدى إلى تدميرها بشكل مباشر وعنيف، بما يدل على حقد وإجرام الاحتلال (إسرائيل)". ويتابع الثوابتة: "هذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الاحتلال الإسرائيلي المساجد بالقصف والتدمير، لكنها الأعنف". ويلفت إلى أن "جريمة الاحتلال باستهداف وهدم المساجد وكذلك الكنائس أخفى صوت الأذان من عشرات الأحياء المنتشرة في الأوقاف، وأوقف طرق أجراس الكنائس أيضاً". ويعتبر أن "استهداف المساجد يعبر عن حالة الإفلاس والعجز التي وصل لها الجيش، وكذلك الحقد وكراهية الأديان الأخرى وإلغاء مفاهيم التسامح والتقارب التي لا يؤمن بها هذا الاحتلال المجرم". وتشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودمارا هائلا بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية". الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :