أسباب الصداع متعددة والتشخيص أهم مرحلة

  • 4/10/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لم ينج أحد من نوبة صداع تشكل ألماً سخيفاً يحاصر الرأس من كل الجهات طوال ساعات أو يضرب ناحية منه فيشكل ألماً يسيطر على منتصف الجمجمة بصورة طولية يسميه المختصون صداعاً نصفياً، يدق كالقادوم على أنسجة الدماغ، ولم يأل أحد جهداً في استخدام المسكنات على اختلاف أنواعها لدرء ذلك الضيف الثقيل وإعادة الهدوء إلى ذلك الجزء الحيوي المهم من الجسم. على الرغم من وصول العلماء إلى أسباب عدة للصداع، والتعرف إلى مشكلات يترتب عليها وقوع ذلك الألم المزعج، إلا أن أسرار الصداع لم تكشف بالكامل حيث عجز العلم عن تبرير بعض موجات الصداع التي تزور شخصاً ما بين وقت وآخر. ويحدث الصداع على أشكال مختلفة، كما تتنوع الفترة الزمنية التي يستغرقها عند كل زيارة، ويعتمد الطبيب على رواية المريض في التشخيص، بحيث يسأل عن التاريخ المرضي للألم، متى بدأ وكم استمر من الوقت وكيفية التواتر (عدد مرات الإصابة به في الأسبوع أو الشهر مثلاً)، إضافة إلى مكانه بالتحديد من الرأس ووصفه الدقيق من حيث إذا كان يصاحبه الشعور بالنبض من عدمه كما يستطلع الطبيب التاريخ العائلي لأسرة المريض من حيث عدد الأفراد الذين سبق لهم الإصابة بأورام الدماغ مثلاً، والعادات الغذائية للمريض وطبيعة عمله للوقوف على مدى علاقة التوتر بالأمر وهل يصلح اعتماده كسبب مباشر أم يحتاج الأمر إلى استطلاع أسباب أخرى خفية، وهكذا. ويعتبر الصداع الناتج عن انقباض الأوعية الدموية للدماغ من أكثر الأنواع شيوعاً، وتتمتع الشرايين والأوردة بمرونة في جدرانها علاوة على نسيج عضلي يتحكم في انقباضه أو انبساطه الجهاز العصبي، حيث يمكنه تضييق أو توسيع تلك الممرات الدموية، ويقوم بذلك بصورة تلقائية لتغيير كميات الدم التي يضخها القلب إلى المخ تبعاً للحالة التي يتطلبها الجسم، حيث يشكو المريض من وجود ألم في كامل الرأس يضغط على العينين من الخلف إلى الأمام، ويمكن أن يحس المريض كذلك بامتداده إلى جانبي الرأس وربما تصاحبه ضبابية الرؤية أو دوار خفيف، كذلك ربما يصل الأمر إلى القيء أو الإغماء إذا ارتفعت وتيرة الألم عما يمكن للمريض احتماله، وهناك أسباب عدة لوقوع ذلك النوع من الصداع أهمها انخفاض مستويات السكر في الدم نتيجة الجوع وربما قلة معدلات الكافيين اليومي الذي يتناوله شخص ما، ومن أكثر المواقف تكراراً ما اصطلح على تسميته بـ صداع يوم الإجازة حيث يشكو المريض من الصداع فقط يوم راحته الأسبوعية، بينما طوال أيام الأسبوع لا يحدث الأمر مطلقاً، والسبب كما يؤكد الاختصاصيون في الأمراض العصبية هو تغير العادات اليومية الخاصة بالقهوة أو الشاي مثلاً، ففي خلال الدوام اليومي يقضي 7 أو 8 ساعات في مقر العمل ويتناول خلالها قدحين أو ثلاثة من القهوة، وربما أكثر من ذلك، أما في المنزل فلا يقتضي برنامجه اليومي ذلك إذ يتغير بالطبع بصحبة الأسرة فلا يتناول القهوة وكذلك يمتنع عن التدخين أو يقلل من عدد السجائر التي يدخنها في ذلك اليوم حرصاً على صحة أفراد الأسرة خاصة الأطفال، وبشكل لا شعوري يقل المعدل اليومي من الكافيين أو النيكوتين وتصيح نتيجة لذلك خلايا الدماغ تطالب بحصتها اليومية من هاتين المادتين. ويرتبط الصداع أيضاً بالعادات الغذائية، إذ يصيب البعض صداع نتيجة تناول نوع من الطعام أو إذا ارتفعت نسبة الملح المستخدمة في الطهي، أما إذا أصيب شخص ما بعسر هضم وإمساك متكرر فمن الطبيعي أن يقع فريسة ألم شديد في الرأس لا تفيد معه المسكنات الطبيعية، حيث يوجد ارتباط وثيق بين الجهاز الهضمي والدماغ عن طريق العصب الحائر، ومن المعتاد أن يصاب ضحايا الإمساك المزمن بالصداع ولا يمكن الخلاص منه إلا في حالة تفريغ القولون وتوفير حلول لحالة الإمساك. ولا يعرف كثيرون أن آلام الأسنان تتحول إلى صداع نصفي يصيب الطرف الذي تشترك فيه الأسنان المتضررة، خاصة إذا كان الضرر في الضروس التي تحتل أركان الفم الأربعة، عندئذ يرتبط الأمر بتوفير الحلول المناسبة للأسنان حتى ينصرف الألم، كذلك يخطئ البعض ممن تقتضي مهامهم الوظيفية الجلوس لفترات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر في طريقة الجلوس، ما يترتب عليه ألم في الفقرات العنقية للعمود الفقري وربما ضغط على العصب خلال فترة الجلوس التي تمتد ساعات طويلة، والنتيجة شعور الشخص بالصداع الذي يتحول بعد فترة من إهماله إلى ألم في موضع تلك الفقرات يستوجب العلاج المناسب قبل أن ينزلق الغضروف ما بين اثنتين من هذه الفقرات ويسبب ضغطاً على العصب يفقد المريض إحساسه بأطراف اليدين أو إحداهما أو ما يعرف بـ (التنميل) بصفة مؤقتة إلى حين زوال الضغط على العصب. يسهل على الطبيب فهم دوافع الصداع الناتج عن الضغط العصبي بمجرد مناقشته في أول جلسات العلاج، فهناك من الناس فئة تشعر بالتوتر والضيق بمجرد صدور التكليفات الخاصة بالعمل من جانب مديره في العمل، ويتعلق الأمر بتركيبة الشخصية ومدى الثقة في الذات وغيرها من العوامل التي يفتقدها المريض ويشعر أنه ضئيل أمام كم العمل المكلف به، وربما يحس بضخامة ما كلف به، أو يقارنه بما كلف به زملاء العمل ويستنتج أنه كم أكبر وأعقد، ولا يزول ذلك النوع من الصداع إلا بالعلاج النفسي الذي يعيد تأهيل الشخص من الناحية النفسية لزرع ثقته في نفسه، ويحتاج الطالب قبل دخوله الامتحانات بأيام إلى ذلك النوع من الدعم إذا أصابه الصداع النفسي. في أحيان كثيرة يحرم شخص ما عدد ساعات النوم التي اعتادها لسبب أو لآخر، فيحدث رد فعل طبيعي للأوعية الدموية التي تغذي الدماغ فتنقبض محدثة الألم الذي يستمر إلى حصول الشخص على القدر المناسب من الاستغراق في النوم، أو إلى أن ينقطع الاتصال العصبي بتعطيل الإشارات التي تحمل الألم باستخدام مسكن قوي يقوم بذلك الدور. أما أخطر أنواع الصداع وأكثرها ضرراً فهو المرتبط بارتفاع أو انخفاض ضغط الدم، إذ يعتبر التفاوت بين الحالتين مصدر خطر على خلايا المخ، ويميل الطبيب إلى استقراء أرقام ضغط الدم على فترات مختلفة خلال الأسبوع، والسبب ببساطة أنه لا يريد الاعتماد على قراءة واحدة بينما الواقع يشير إلى تغيرها، وبالفعل يتغير ضغط الدم من وقت لآخر تبعاً لأسباب متنوعة أهمها نوع الطعام الذي يتناوله الشخص، بحيث يرتفع الضغط مع تناول الأطعمة ذات الملح المرتفع، كذلك تؤدي الوجبات الدهنية إلى بطء ملموس في حركة الدم، أيضاً من الطبيعي ارتفاع الضغط عقب مناقشة حامية الوطيس أو خلاف زوجي أو موقف محرج. وعلى الرغم من التأكيدات العلمية على عدم اعتبار الصداع دلالة مؤكدة على ارتفاع الضغط، إلا أن بعض الأطباء يبادرون إلى الفحص تحسباً لوجود ارتباط بينهما، وتشير أغلب الدراسات العلمية إلى أن نسبة لا يستهان بها من مرضى الجلطات الدماغية أكدوا شعورهم بالصداع الشديد قبل فقدانهم الإحساس في اليد أو القدم، وأشار بعضهم إلى أن الصداع أصاب الفص الدماغي المعاكس لجهة الجسم التي تضررت من الجلطة، بمعنى أن فقدان الإحساس في الجانب الأيمن من الجسم سبقه شعور بالصداع في الجانب الأيسر من الدماغ، وتؤيد الأبحاث العلمية تلك الفرضية حيث إن كل فص من فصي الدماغ مسؤول عن التحكم في الجانب العكسي من الجسم، إلا أنهم استبعدوا أن يكون كل الصداع النصفي مقدمة لجلطة في الدماغ. وتعتبر التهابات الجيوب الأنفية مصدراً معروفاً من مصادر الصداع، لأنها إذا أصيبت بعدوى بكتيرية سارع الجسم إلى إفراز المضادات المناعية التي تواجه العدوى، فتمتلئ تلك الجيوب بالمخاط والصديد فتعيق مرور الهواء إلى القصبة الهوائية، والجيوب الأنفية تجاويف في الجمجمة تلتهب في حالات الإصابة بالبرد أو غيرها من الأسباب، كذلك يسبب التهاب الأذن الداخلية صداعاً نصفياً في أحد جانبي الرأس، كما يسبب إجهاد العصب البصري صداعاً يحدث في حالة عدم انطباق الصورة على شبكية العين من حيث المسافة، ويعرف مستخدمو النظارات الطبية ذلك النوع من الصداع عندما يحين موعد تغيير عدسات النظارة الزجاجية عند تراجع قوة الإبصار، إضافة إلى عوامل أخرى مثل بعض الروائح النفاذة التي تصيب الأعصاب بالتحفيز. اتفق العلماء مؤخراً بعد العديد من الأبحاث والتجارب على اعتبار استخدام أجهزة الهاتف المحمول والتليفزيون والكمبيوتر والأيباد من أسباب الصداع، وأوصى بعضهم بعدم استخدام الأجهزة الإلكترونية ذات الشاشات لأكثر من 3 ساعات يومياً تجنباً للصداع النصفي، أيضاً يؤكد الاختصاصيون في مجال الطب النفسي على أن الاستغراق في النوم بالقرب من مصادر أصوات مختلفة يسبب الصداع، لأن العقل الباطن يقوم خلال النوم بحفظ تلك الأصوات تحسباً لطلب استعادتها، وباعتبارها أصواتاً مزعجة، تسبب ألماً في الرأس يشعر به النائم فور استيقاظه، ويتصور أنه حدث بعد حصوله على النوم الكافي، بينما الواقع يفيد أنه حرمه الراحة.

مشاركة :