يعرف الصداع بنوبات ألم تصيب الرأس، وغالباً ما تكون عرضية وليست حالة مرضية، وتعتبر من أكثر الأعراض شيوعاً لحالات الصداع، على الرغم من أن الصداع الذي يصيب الفرد بوتيرة عالية يكون مؤشراً على وجود مشكلةٍ ما، إلا أن أغلبية حالات الصداع لا تعني بالضرورة وجود مرض عضوي، وقد تكون ناجمة عن توسع الأوعية الدموية في الدماغ، أو إثر شد في عضلات فروة الرأس أو العنق.ينقسم صداع الرأس لعدة أنواع، وتختلف أعراض نوبات ألم الرأس باختلاف نوع الصداع، فقد يكون صداعاً توترياً أو عنقودياً أو ناجماً عن التهاب في الجيوب الأنفية، إضافة إلى الصداع النصفي. يأتي الصداع التوتري على شكل ألم وضغط مستمر حول منطقة الرأس وخاصة في المنطقة الخلفية من الرأس والعنق، وغالباً ما يكون هذا النوع من الصداع أقل ألماً وحدة من الصداع النصفي. ويعتبر الصداع التوتري من أكثر أنواع الصداع شيوعاً، ويمكن معالجته من خلال مسكنات يمكن الحصول عليها دون الحاجة لوصفة طبية كمسكن الأسبرين. أما الصداع العنقودي، فعادة ما يصيب الذكور بنسبة تفوق الإناث، وغالباً ما يتمركز الألم في جهة واحدة من الرأس، ويكون الأم مصحوباً باحتقان أو سيلان في الأنف وتدميع في العينين. ليس للصداع العنقودي أي مسببات واضحة ذكرها، غير أنه من المرجح أن للجينات دوراً في الإصابة بهذا النوع، وبالنسبة للصداع الناجم عن التهاب الجيوب الأنفية، فإنه يتحول إلى ألم حاد في منطقة الرأس، مصحوباً بارتفاع في درجة حرارة الجسم، أما الصداع النصفي أو ما يعرف بالشقيقة، فيمتاز بنوباته المتكررة، وتتراوح حدته بين المتوسطة والشديدة ويتزايد بشكل تدريجي ويشكل ما يقارب 12%من أنواع الصداع الأخرى، وغالباً ما يصيب جهة واحدة من الرأس، وفي حالات أخرى قد يصيب الجهتين، وقد يكون مصحوباً بغثيان أو تقيىء. ويعتبر الشباب الفئة الأكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من الصداع، إذ يعاني المريض أثناء نوبات الصداع من حساسية للضوء وللصوت. ويصيب الصداع النصفي أو الشقيقة النساء أكثر من يصيب الرجال، وقد يكون للجينات دور بارز في حدوث الشقيقة والتأثير على الدماغ، مع العلم أن الشقيقة يمكن أن تكون هنالك عوامل وراثية وراء الإصابة بها.نوبات الصداع النصفي للصداع النصفي عدة عوامل قد تحفز حدوثه، وتتمثل هذه العوامل في الضجيج والضوء الساطع، وقد تتمثل أيضاً في عملية التبرز؛ حيث يمكن للضغط الذي يتخلل العملية أن يحفز حدوث الشقيقة، وقد تأتي نتيجة لتناول بعض الأطعمة والمشروبات كالأجبان واللحوم المصنعة والكحول والشكولاته؛ وذلك نظراً لاحتواء هذه الأطعمة على مواد تحفز حدوث نوبات الشقيقة كمادة النترات والجلوتامات والأسبارتام، كما أن التوقف المفاجئ عن تناول المشروبات التي تحتوي على مادة الكافيين وعدم تناول الطعام لفترات طويلة من الزمن، وتناول الأدوية الهرمونية وخافضات الضغط والأدوية التي تعمل على معالجة اضطراب الهرمونات، وغيرها من المسببات التي يمكن أن تحفز حدوث نوبات الشقيقة، كما أن الاضطرابات والضغوط النفسية واضطرابات النوم قد تلعب دوراً في تحفيز نوبات الصداع النفسي.الأعراض تتجلى أعراض الصداع النصفي في حدوث نوبات بوتيرة متكررة قد تفوق الأربع مرات، وتتراوح مدتها ما بين 4 ساعات إلى يومين كاملين، وغالباً ما يتمركز الألم في جهة واحدة من الرأس وليس كل الرأس، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة عدم وجود حالات قد تأتي بصداع يشمل جهتي الرأس وقد يشعر المريض بأن شيئاً ما ينبض في رأسه. وتتراوح شدة الألم بين المتوسط والحاد، بحيث إن الألم يمكن أن يعيق المريض من أداء مهامه اليومية، وقد تتفاقم الحالة أثناء ممارسة الأنشطة البدنية، وقد يحدث تغير في الشهية، ويمكن أن يعاني المريض من الأورة، وهو ما يعرف باضطراب بصري متجانس عادة ما يسبق نوبات الصداع النصفي، وهي الحالة التي يمكن أن تستمر لمدة تقارب الساعة، وتتمثل في بقع ضوئية أو تعرجات ضوئية أو عتمات وامضة، وقد يحدث تنميل في جانب واحد من الرأس وربما يفقد المريض القدرة على الكلام، إلا أن هذه الظاهرة لا تحدث إلا نادراً، وقد يعاني المريض من رهاب الضوء أو رهاب الصوت أو رهاب الروائح. طرق العلاج تتمثل الخطوة الأولى في علاج الصداع النصفي بتجنب المحفزات التي تؤدي بدورها لحدوث نوبات الشقيقة، إضافة إلى تناول العقاقير والأدوية التي تخفف من حدة أعراضها، ويعتمد العلاج في المقام الأول على حدة النوبة، فإذا كانت النوبة خفيفة، فإن ينصح باستخدام مضادات الالتهاب اللاستيرويدية مثل الـ«إيبوبروفين» أو الـ«نابروكسين». وفي حال تراوحت حدة النوبة بين المعتدلة والحادة، فإنه ينصح باستخدام أدوية التريبتان، وهي أدوية محفزة لمستقبلات الـ«سيروتونين» وتعتبر من أكثر الأدوية فعالية في علاج نوبات الشقيقة وتتوفر بنوعين اثنين، أولهما يؤخذ عن طريق الفم، أما النوع الآخر فيؤخذ على شكل رذاذ أنفي أو عن طريق حقن إبرة تحت الجلد.تعتبر الأدوية التي يتم استخدامها في علاج الصداع النصفي الحل الأخير لتخفيف حدة النوبات، ولكي تمكن المريض من إتمام مهامه اليومية على أكمل وجه. يتم وصف مضادات الاختلاج ومضادات الاكتئاب وحاصرات قنوات الكالسيوم والمستقبل «بيتا»، وعقاقير تحتوي على فيتامين ب 2 في حال تكرر نوبات الصداع النصفي أكثر من ثلاث مرات في الشهر. كما يمكن اللجوء لطرق العلاج غير الدوائية لتخفيف حدة الأعراض. وتتمثل طرق العلاج هذه في الوخز بالإبر، وهي قائمة على وخز الجلد في أماكن معينة بالإبر، كما تتوفر كذلك تقنية الارتجاع البيولوجي؛ حيث يمكن من خلال هذه التقنية تحقيق مستوى عال من الاسترخاء عن طريق تزويد المريض بمعلومات حول التحكم ببعض استجاباته الجسدية، لاسيما الشد العضلي.كما أن العلاج بالتدليك يمكن أن يخفف من وتيرة حدوث نوبات الصداع النصفي، وكذلك العلاج السلوكي المعرفي الذي من شأنه أن يزود المريض بمعلومات عن حيثيات السيطرة على الأفكار والسلوكيات التي تعود بالفائدة على تحسين وضع الشعور بالألم. كما أن للأعشاب والمعادن والفيتامينات دوراً حيوياً في تخفيف حدة أعراض نوبات الصداع النصفي أو الوقاية منها، كما أن الجرعة العالية من فيتامين ب 2 قد تقي من نوبات الشقيقة، أو يمكن أن تخفف من وتيرة حدوثه. وقد كشفت الدراسات عن أن مكملات الإنزيم المساعد كيو 10 ومكملات المجنيسوم من شأنها أن تساعد على تخفيف وتيرة حدوث نوبات الصداع النصفي.
مشاركة :