خطاب بورقيبة في مسلسل فلوجة يعيد التونسيين إلى زمن الرهان على التعليم

  • 4/2/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حظيت لفتة مسلسل فلوجة التي سلطت الضوء على فترة الزعيم التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة واهتمامه بالتعليم لنهوض البلاد بترحيب واسع على مواقع التواصل الاجتماعي باعتباره مثالا يحتذى رغم عدم توافق المتشددين الإسلاميين مع طروحاته العلمانية. تونس – أثارت الحلقة الأخيرة من مسلسل فلوجة الذي يبث على قناة الحوار التونسي الخاصة، موجة تفاعل وضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعادت إلى ذاكرة التونسيين الرهان البورقيبي على التعليم وأهميته، في وقت يرثي المواطنون حال التعليم في البلاد. ويتغنى التونسيون بسياسة التعليم في زمن الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، التي تعتبر استثنائية في العالم العربي، فقد استلهم خريج أفضل المؤسسات الأكاديمية في تونس وفرنسا، أفكاره من المصلحين الفكريين في الداخل ومن الشخصيات الكبرى في عصر النهضة الأوروبية. وبعد استقلال تونس عن فرنسا، أعلن بورقيبة أن القضاء على الفقر يمثل “المعركة الثانية” في البلاد، وأعطى الأولوية لتأسيس شعب ناضج. وسعت الأجندة التي طرحها بورقيبة عام 1958 إلى بناء القوى العاملة اللازمة داخل البلاد لدعم الاقتصاد المتعثر للأمة الجديدة وملء الفراغ الذي خلّفه رحيل الأوروبيون، والتركيز بشكل خاص على التعليم. وحظيت لفتة مسلسل فلوجة التي سلطت الضوء على هذه الفترة بترحيب واسع من الجمهور والإعلاميين باعتبار الزعيم بورقيبة مثالا يحتذى، رغم عدم توافق المتشددين الإسلاميين مع طروحاته العلمانية التي تستند إلى العلم بدلا من التشريعات. وعبر الإعلامي سمير الوافي عن إعجابه الشديد بالعمل، حيث اعتبر أن “أجمل ما في الحلقة الأخيرة لمسلسل فلوجة.. هو أن هذه الأجيال الجديدة التي تتابع المسلسل تتحدث الآن عن الزعيم بورقيبة باعتزاز.. وتتعرف أكثر على إنجازاته وأفكاره ومواقفه الخالدة”. وفي تدوينة ثانية عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، قال إن “مسلسل فلوجة سجل هدف التفوق والانتصار في الحلقة الأخيرة.. وحافظ على بطولة الدراما في رمضان للموسم الثاني على التوالي”. ونشر العديد من الناشطين على مواقع التواصل صورا ومقاطع فيديو لمشاهد من الحلقة الأخيرة لفلوجة، مصحوبة بمقتطف خطاب الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الذي اختتمت به سوسن الجمني عملها. وكتب الناشط السياسي عدنان بالحاج عمر تدوينة عبر صفحته، قال فيها: ويصف الطاهر بلخوجة في كتابه “الحبيب بورقيبة سيرة زعيم” شخصية الرئيس الراحل التي أسهمت في صنع أسطورته، ويقول “كان مولعا بمقامه وهيبته ويعتبر نفسه ضمانا لسلطة الدول ونفوذها في إطار النظام الذي أراده لبلاده”. وأراد بورقيبة في شبابه التحرر من المحتل الفرنسي من دون التحرر من أفكاره التي تتمثل في الحداثة والتقنية، وكانت هذه التفرقة شديدة الوضوح في خطابات بورقيبة وممارساته منذ عودته من فرنسا وحصوله على الإجازة في القانون من جامعة السوربون. وفي الثامن من أبريل 1956 أي بعد أقل من شهر على استقلال تونس، وقف بورقيبة يخطب أمام المجلس التأسيسي محذرا من التعصب، قائلا “لا يفوتنا أننا عرب وأننا متأصلون في الحضارة العربية والإسلامية، ومع ذلك لا يمكننا أن نغفل أننا نعيش في النصف الثاني من القرن العشرين وأننا حريصون على المشاركة في مسيرة الحضارة كي نواكب عصرنا”. ووجد ناشطون أن المسلسل تناول العديد من القضايا المهمة في تونس، وعلق ناشط: وكتبت مدونة على فيسبوك: وأضافت أن المسلسل قدم الكثير من الرسائل، منها: وأثار مسلسل “فلوجة 2” جدلا واسعا حول مسائل عديدة تتّصل بصورة التلميذ التونسي ومنزلة المربي، وتنفتح بدرجات متفاوتة على دور الولي والمؤسّسة الأمنيّة وغير ذلك من الأطراف ذات الصلة بمشاغل المراهقين وهمومهم. ويتناول مسلسل فلوجة في جزئه الثاني على قناة الحوار التونسي، بعض الظواهر والسلوكات في المدارس على غرار ترويج المخدرات والعلاقات العاطفية بين المراهقين والانحراف والعنف ودور رجال الأمن في ما يحصل في محيط المدارس وعلاقة المراهقين بأوليائهم. وفي الموسم الأول الذي تم عرضه في العام الماضي تعرض مسلسل فلوجة لانتقادات واسعة وقد تزعّمت جامعة التعليم الثانوي موجة الرفض والامتعاض، فسارعت منذ الحلقة الأولى إلى المطالبة بإيقاف بثّ المسلسل لما اعتبرته “إساءة للإطار التربوي”، وفق التقديرات النقابيّة. لكن تهمة الإساءة للإطار التربوي ساهمت في الترويج المجاني لمسلسل فلوجة، ولم يخسر المتظلّم النزاع قضائيّا فقط إنّما خسر المعركة كذلك في علاقة بالجمهور الذي أظهر الرفض والامتعاض بعد الحلقة الأولى لكنّه سرعان ما بدأ بعد الحلقة الثانية في مراجعة تقييماته ورأى أن المسلسل عمل فنّي يستحقّ التنويه والاعتراف. ودأبت سوسن الجمني على إثارة الرأي العام منذ سنوات في جلّ أعمالها مع المخرج والإعلامي سامي الفهري، وقد بلغ ذلك التوجّه ذروته في مسلسل أولاد مفيدة حينما أحدثت في الجمهور ضربًا من التعاطف مع القاتل والزاني وبائع المخدّرات فرفعت الشخصيات المنحرفة إلى مرتبة القدوة في أذهان المراهقين، وتحقّقت من خلال تلك الأعمال الدراميّة معادلة “البطل الآثم” بحسب نقّاد الأدب، وقد حسب جلّ المشاهدين أنّ الجمني ستتمسّك بهذا الخط الدرامي الخطير، وهو ما يفسّر سرعة ردود الفعل المنددة الساخطة منذ بداية عرض الحلقة الأولى من مسلسل فلوجة.

مشاركة :