يبدو أن اقتصاد المملكة المتحدة قد تجاوز مرحلة صعبة، حيث أظهر علامات انتعاش واكتسب زخما، كما أوضح استطلاعان مؤثران يكشفان عن نقطة تحول في النمو. وتشير الأبحاث التي أجرتها شركة بي دي أوه الاستشارية إلى ارتفاع الإنتاج الشهر الماضي إلى أعلى مستوى له منذ مايو 2022، مصحوبا بانخفاض التضخم إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاثة أعوام. وارتفع مؤشر بي دي أوه للإنتاج إلى 102.39 في مارس، متجاوزا عتبة 100 نقطة التي تحدد النمو من الانكماش. وجاء هذا الارتفاع مدفوعا بزيادة النشاط في قطاعي الخدمات والتصنيع. وقالت كالي كروسثويت، شريكة في بي دي أوه: إن وصول الإنتاج إلى أعلى نقطة له منذ عامين تقريبا يوضح قوة المملكة المتحدة في مواجهة الشدائد الاقتصادية العالمية، ويمثل خطوة كبيرة نحو الاستقرار الاقتصادي والنمو. وتتوافق هذه النتائج مع استطلاعات أخرى تشير إلى توقعات بتخفيضات وشيكة في أسعار الفائدة واعتدال في نمو الأسعار، ما عزز الإنتاج الشهر الماضي. وسجلت مؤشرات مديري المشتريات لقطاعات الخدمات والتصنيع والبناء مستوى فوق علامة الـ50 نقطة التي تشير إلى النمو، ما يمثل أول إشارة نمو متزامنة منذ يونيو 2022. وبعد انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1 % و0.3 % في الربعين الثالث والرابع من العام الماضي على التوالي، عانى اقتصاد المملكة المتحدة الركود. ومع ذلك، يتوقع صندوق النقد الدولي توسعا بنسبة 0.6 % لاقتصاد المملكة المتحدة هذا العام. وأسهم التباطؤ في نمو أسعار المواد الغذائية والمطاعم في انخفاض مؤشر بي دي أوه للتضخم إلى 96.81، وهي أضعف قراءة له منذ فبراير 2021 وسط عمليات الإغلاق الناجمة عن كوفيد - 19. وتشير هذه البيانات إلى أن تقديرات التضخم الرسمية الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية لشهر مارس، المقرر نشرها في 17 أبريل، قد تنخفض من 3.4 %. إضافة إلى أنها تعزز التوقعات بشأن التخفيضات المقبلة في أسعار الفائدة من بنك إنجلترا من أعلى مستوى لها منذ 16 عاما عند 5.25 %. وفقا للأسواق المالية، من المتوقع أن تخفض لجنة السياسة النقدية سعر الفائدة الأساسي في المملكة المتحدة ثلاث أو أربع مرات هذا العام، إما في اجتماعات يونيو أو أغسطس، ما قد ينشط النمو الاقتصادي في المملكة المتحدة الذي ضعف على مدى الشهور الـ18 الماضية. ومع ذلك، تشير بي دي أوه إلى أن التوظيف قد حافظ على اتجاهه الهبوطي للشهر التاسع على التوالي، حيث انخفض إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من عقد. وقد أعربت لجنة السياسة النقدية عن نيتها خفض أسعار الفائدة فقط عندما تهدأ سوق العمل بما فيه الكفاية. في الوقت نفسه، يشير استطلاع شركة ديلويت الذي شمل 64 من كبار المسؤولين الماليين من الشركات الرائدة المدرجة في المملكة المتحدة، بما في ذلك ثماني شركات مدرجة على مؤشر فوتسي 100 و23 شركة على مؤشر فوتسي 250، بقيمة سوقية مجمعة تبلغ 201 مليار جنيه استرليني، إلى تزايد الثقة بآفاق التداول. لاحظ إيان ستيوارت، كبير الاقتصاديين في ديلويت، أن التفاؤل بين أكبر الشركات في المملكة المتحدة يسير بمستويات أعلى بكثير من المتوسط، ما يشير إلى أننا تجاوزنا أسوأ ما في الانكماش الاقتصادي، مع وصول المعنويات الحالية إلى مستويات سبقت فترات النمو الجيد في 2010 و2014 و2021. ويتوقع كبار المسؤولين الماليين تخفيضات في أسعار الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة خلال الشهور الـ12 المقبلة، إلى جانب توقعات انخفاض التضخم إلى 2.9 % في غضون عام، ما لا يزال أعلى من هدف بنك إنجلترا البالغ 2 %. وعلى مدى عامين، يتوقعون أن ينخفض التضخم إلى 2.3 %، منخفضا من 2.9 % في الاستطلاع السابق.
مشاركة :