يؤكد مستشارو العلاقات الأسرية على أهمية تحضير الأبناء لمرحلة الطلاق تجنبا لأيّ أثر نفسي سيء عليهم. فهذه الخطوة يجب أن تسبق أي خطوة في طريق الانفصال، وهو ما يتطلب من الزوجين الاتفاق أولا على شكل العلاقة بينهما بعد الطلاق، بحيث يكون هناك تشارك مع الأبناء في كل شيء يخصّهم. ويتطلب نشر ثقافة الطلاق الصحي كف وسائل الإعلام والدراما عن تصدير نماذج سلبية عن الطلاق. القاهرة - أظهر نقاش أسري جرى في مصر مؤخرا، وانتشرت معالمه في مواقع التواصل الاجتماعي حول مزايا تأهيل الأبناء لاستقبال طلاق الأبوين إلى أيّ درجة صارت هناك تغيرات في فهم شريحة من الأسر للطريقة التي يجب اتباعها عند وصول العلاقة بين الشريكين إلى مرحلة عميقة من الخلافات لا يصلح معها استمرار الحياة الزوجية في هدوء، لكن الأهم في ذلك هو تجنيب الصغار تبعات الطلاق. وارتبط الحديث عن تحضير الأبناء لمرحلة انفصال الأبوين بتطرق مسلسل “بدون سابق إنذار” الذي عرض على بعض القنوات الفضائية المصرية لأهمية تأهيل الزوجين للأولاد قبل إعلان الطلاق رسميا، للتخفيف عنهم من هول الصدمة ونتائجها النفسية والسلوكية والاجتماعية السلبية، بحيث يستقبل الأبناء هذا المتغير الخطير وهم في أجواء هادئة مواتية، بعيدا عن الطريقة المفاجئة الصادمة. ويغيب عن الكثير من الأزواج عند الوصول إلى مرحلة معقدة من الخلافات والتفكير جديا في الانفصال كيفية إدارة العلاقة مع الأبناء في هذه الفترة الحرجة، وماذا يمكن أن يقدموه للتخفيف عنهم، وتجهيزهم لمرحلة سوف يعيشون فيها من دون وجود الأبوين معا، خاصة أن قرار الانفصال يحمل معه تداعيات خطيرة إذا كان الأبناء في سن صغيرة لا تسمح لهم باستيعاب الموقف. هدم كيان الأسرة بالغ الصعوبة على الصغار، وهذا يتطلب من الزوجين الاتفاق أولا على شكل العلاقة بينهما بعد الطلاق ومن النادر أن يفكر الشريكان في الحديث مع أبنائهما عن قرار الطلاق وأسبابه، وشرح أبعاده بطريقة تجنبهم التعرض لمشاكل نفسية، خاصة أن الأب لن يكون متواجدا في المنزل بعد ذلك، ويعيش الصغار بلا أسرة مستقرة ومتماسكة ولها كيان واحد، ما دفع بعض الأصوات للمطالبة بنشر ثقافة الانفصال لخدمة كل الأطراف. ويتوقف الانفصال الصحي بين الزوجين على وعيهما بالطريقة المثلى لإنهاء العلاقة، وتمهيد الأبناء لتقبل الوضع الجديد للأسرة، ويبعد الطرفان عن أيّ محاولة لابتزاز الصغار عاطفيا أو استمالتهم ناحية طرف بعينه أو التشكيك في نوايا الطرف الآخر، لأن ذلك يضاعف من التبعات السلبية على الأبناء ويفقدهم الثقة في من حولهم وفي المستقبل. ويؤكد خبراء في العلاقات الزوجية على أهمية عدم غياب الوالدين فترة طويلة في مرحلة ما بعد الانفصال مباشرة، بحيث تكون هناك حالة من المشاركة في اللقاءات والزيارات وقضاء بعض الأيام مع الصغار، وهذا يتطلب أن يكون الطلاق حدث بشكل حضاري وبلا صراعات تصيب الأبناء بانتكاسة تطاردهم طيلة حياتهم. وليس من السهل حدوث الطلاق الحضاري بين الأزواج لخدمة الأبناء إلا إذا كان الطرفان قد عاشا في بيئة أسرية صحية وبطريقة سليمة تعتمد على احترام الرجال للنساء، والعكس، وأن الانفصال لا يعني بدء مرحلة جديدة من المتاعب والانتقام، بقدر ما يمكن أن يكون بداية لحياة مغايرة للأبوين والأبناء، طالما أن منزل الأسرة لم يكن بيئة مريحة للطرفين أو أحدهما، وكان الانفصال ضروريا. وتظل المشكلة الحقيقية في الكثير من المجتمعات العربية وجود مفاهيم خاطئة تسود بين الأبوين بعد وصول العلاقة إلى الانفصال الرسمي، حيث تختل أسس التربية والتقارب مع الأبناء وتغليب التباعد وتجنّب مظاهر المودة، وهناك آباء وأمهات يقرّرون الطلاق بلا اكتراث بأهمية مشاركة الأبناء في القرار، والتخطيط معا لمستقبل العلاقة. ويعكس النقاش الأسري حول مراعاة الأبناء أولا عند اتخاذ الزوجين قرار الطلاق عمق أو ضحالة التفكير داخل شريحة من الأسر، وقد لا يتم تسليط الضوء عليه مقابل تصدير نماذج قاتمة يقرر فيها الرجل والمرأة إنهاء العلاقة بطريقة مؤذية كنوع من الانتقام، أما من يفكرون في حماية صغارهم قبل راحة أنفسهم لا يسمع أحد عنهم شيئا. وثمة أعمال فنية صارت تركز على تثقيف الأجيال المعاصرة بمراحل الانفصال الهادئ حماية للأبناء ودفاعا عن حقهم في المعرفة، لكن العبرة في توسيع دائرة التوعية الأسرية بهذا الأسلوب الراقي من خلال المنابر والمؤسسات التي لها تأثير ونفوذ مجتمعي، مثل الدينية والثقافية والإعلامية، فضلا عن التعليمية على مستوى المناهج الدراسية، على الأقل لتغيير فهم الأجيال الجديدة. ويقول خبراء في العلاقات الزوجية إن الطلاق الصحي الذي يغلّب مصلحة الأبناء، يفترض أن يكون ثقافة عامة في أي مجتمع دون قصره على الفئات المتعلمة التي تعي خطورة انهيار الكيان الأسري على نفسية الصغار ومشاعرهم، لأن الشريحة التي تتعامل مع الانفصال وفق عرف وتقليد مجتمعي متوارث تعتبر هذه المرحلة بداية للانتقام. الانفصال الصحي بين الزوجين يتوقف على وعيهما بالطريقة المثلى لإنهاء العلاقة الزوجية، وتهئية الأبناء لتقبل الوضع الجديد للأسرة الانفصال الصحي بين الزوجين يتوقف على وعيهما بالطريقة المثلى لإنهاء العلاقة الزوجية، وتهئية الأبناء لتقبل الوضع الجديد للأسرة وعلى المستوى النفسي، من المفترض عندما يقرر الزوجان الطلاق ألاّ يسبقا ذلك بما يسيء لأحد كي لا تزداد التأثيرات السلبية على الأبناء، فالصغار في هذه المرحلة يحتاجون إلى أن يشعروا بقيمتهم عند والديهما، ويرغبان في الإحساس بأن الانفصال سوف يجلب لهما منغصات اجتماعية، بينما إذا انفصلا بطريقة صحية وبلا إساءة أو تجريح سوف تصبح الصدمة أقل وطأة. وأكد جمال فرويز استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية في القاهرة أن تحضير الأبناء لمرحلة الطلاق يجب أن يسبق أي خطوة في طريق الانفصال، فهدم كيان الأسرة بالغ الصعوبة على الصغار، وهذا يتطلب من الزوجين الاتفاق أولا على شكل العلاقة بينهما بعد الطلاق، بحيث يكون هناك تشارك مع الأبناء في كل شيء يخصّهم. وقال لـ”العرب” إنه من السهل على الزوجين إنهاء العلاقة بطريقة تحفظ آدمية كل طرف وتراعي مصالح الأبناء، شريطة التخطيط الصحي لهذه الخطوة، وأن ينفصلا ولا يحمل كلاهما ضغينة للآخر أو كراهية، أو تجاوز في حق بعضهما أمام الأولاد خلال فترة الطلاق، لأن ذلك يترك أثرا سيئا، ويشعر الصغار بالمرارة في المستقبل. ولفت المختص النفسي إلى أن نشر ثقافة الطلاق الصحي يتطلب كف وسائل الإعلام والدراما عن تصدير نماذج سلبية عن الطلاق، وأنه بداية للتناحر والصدام والمعارك بين الشريكين، ومن الواجبات الإنسانية والأسرية تسليط الضوء على حالات انفصلت في هدوء كي يأخذ الناس العبر والدروس منها ولا يكرروا الأخطاء، ودون ذلك سوف يظل الانتقام والابتزاز بين الطرفين ثقافة أسرية. تزداد أهمية التوعية بالتخطيط لمرحلة الطلاق وما بعدها في البيئات التي تنتشر فيها ثقافة استخدام بعض الأزواج لأبنائهم بعد الانفصال كأداة للانتقام، ومثل هذه المناطق يندر فيها أن تكون نهاية العلاقة صحية وتقوم على التفكير في كيفية رعاية الأبناء والتضحية من أجلهم كي لا يتأثروا بتبعات الانفصال نفسيا وسلوكيا واجتماعيا، وإلا تحولوا إلى قنبلة موقوتة تسبب وجعا كبيرا لمن حولهم. انشرWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :