من خلال 3 تجارب سينمائية فقط مع الأفلام الروائية الطويلة استطاعت المخرجة هالة خليل أن ترسم لنفسها مدرسة سينمائية خاصة تميزها بنكهة الواقعية الأنثوية المصرية، وهو ما أكده آخر تجاربها فيلم نوارة، المطروح حاليًا في دور العرض السينمائية المصرية بعد مشاركته في المسابقة الرسمية للدورة 12 من مهرجان دبي السينمائي وحصول بطلته النجمة منة شلبي على جائزة أحسن ممثلة في المهرجان عن دورها في الفيلم. في بادئ حديثها لـالبيان تقول مخرجة العمل: بعيدًا عن الجائزة، أعتبرُ أن مشاركة الفيلم في المسابقة الرسمية ممثلاً لمصر شهادة في حد ذاتها لجودة الفيلم ومستواه الفني. وتضيف: إلى جانب ذلك، أصابتني حالة سعادة بالغة بحصول بطلة نوارة على جائزة، على الرغم من توقع البعض حصول الفيلم على أكثر من جائزة من لجنة تحكيم المهرجان، مبررة ذلك بأن اختيارات لجنة التحكيم وتصويتها أمر متغير وليس حكماً على جودة الفيلم من عدمه، لأن جميع الأفلام التي وصلت إلى تلك المرحلة من المنافسة على جودة عالية. وتابعت خليل: أكثر ما اهتممت به خلال مشاركة الفيلم في المهرجان هو متابعة جمهور المهرجان ونقاده لعروض الفيلم والوقوف على ردة فعله، وقد جاءت مرضية بشكل كبير لي ولجميع صُنّاعه، وهو ما تأكد خلال تلك الأيام بعد عرض الفيلم في دور العرض المصرية، فالحمد لله كانت ردود الفعل إيجابية حتى الآن. المهمشون في الأرض استطاعت مخرجة نوارة أيضاً أن تُظهر من خلال تجربتها الثالثة تعاطفها مع آلام طبقة المهمشين في الأرض باختلاف مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما يتضح أمام الجميع بالربط بين بطلات أفلامها الثلاثة أحلى الأوقات وقص ولزق ونوارة حتى الآن. وعن ذلك توضح المخرجة: في البداية، ليس من الصحيح الربط بين موضوعات الأفلام الثلاثة، لأن كلاً منهم له موضوع مختلف في إطار مختلف أيضاً عن الآخر؛ فـنوارة في الأساس موضوع اجتماعي بنظرة سياسية حاولتُ من خلاله أن أُظهر كيف أثّر حدثٌ سياسيٌ على حياة بطلة الفيلم والفئة التي خرجت منها، ولكن بالربط بين الشخصيات الرئيسية الثلاث في هذه التجارب فمن الممكن أن يكون الربط صحيحًا، فالعامل المشترك بينهم كان التهميش لظروفهم ومشاكلهم وآمالهم من المجتمع المحيط بدائرة كل منهم. سينما المؤلف والمخرج هالة خليل، وعبر تجاربها الثلاث السابقة أيضاً، يلاحظ الجميع بسهولة حتى الآن أنها لم تتعاون مع أي مؤلف، وجميع أعمالها من تأليفها وإخراجها. وعن هذه الملاحظة تشير المخرجة: هذا ليس صحيحًا بنسبة مئة في المئة، فقد تعاونتُ من قبل مع السيناريست وسام سليمان لوضع سيناريو فيلم أحلى الأوقات الذي قمت بتأليفه، أما تجربتا نوارة وقص ولزق فقد ألفتهما وصغت السيناريو الخاص بكل فيلم منهما، ومع ذلك لا يمنع أن لدي تجارب أخرى تعاونت فيها مع عدد من المؤلفين كالكاتب عبدالرحيم كمال الذي تعاونّا سويًا على سيناريو وحتى الآن لم ينفذ، إلى جانب أنه حاليًا يعكف على كتابة سيناريو الفيلم القادم لي. وتؤكد خليل أن الساحة حاليًا ممتلئة بكثير من الكُتّاب الجيدين الذين تتمنى التعاون معهم مستقبلًا، ولكنها في ذات الوقت لديها رغبة دائمة في الكتابة طوال الوقت، وما لا يعلمه الكثيرون ـ كما تقول- أن سيناريو نوارة ترتيبه الرابع بعد فيلم قص ولزق، وقبله 3 سيناريوهات كاملة لم تنجح حتى الآن في تنفيذ أي منها لظروف إنتاجية، إلا أن ذلك لا يعد موقفًا من أي كاتب أو عدم ثقة منها في أعمالهم. رسالة العمل اختارت هالة خليل النهاية المحبطة لـنوارة لتظهر أن ثورة يناير رغم أنها قامت من أجل نوارة وأمثالها، إلا أن أول من وضعتهم تحت طائلة القانون كان نوارة أيضاً وأمثالها وليس رموز النظام السابق الذين فروا هاربين إلى الخارج بعيدًا عن طائلة القانون. وحول هذا تقول المخرجة: لم أقصد من خلال هذه النهاية أن أصدر خيبة الأمل والإحباط من نتائج ثورة الخامس والعشرين بنقل ما حدث على أرض الواقع، ولكن من خلال هذه النهاية عبرت عن نفسي بصدق؛ بمعنى أن هذا الإحباط يتملكني بشدة، وأي نهاية أخرى لا تعكس هذا الإحباط وتهدف إلى زرع أمل أو حياة وردية مغايرة للواقع فستصبح تصنعًا مقصودًا. انحياز تجارب هالة خليل السينمائية تظهر الانحياز الواضح إلى المرأة. وعن ذلك تقول المخرجة إنه ليس انحيازًا، بل الأمر مرتبط بعض الشيء بتأليفي للأعمال التي أخرجها، لأن بطلة كل فيلم قدمته تحتوي في شخصيتها على جزء كامل من شخصيتها الحقيقية، وبالأخص الشخصية التي قدمتها الفنانة حنان ترك في فيلم أحلى الأوقات وكذلك قص ولزق، في حين نوارة وضع مختلف، لأن الشخصية هنا أرادت أن تمثل المرأة المصرية التي تملك طاقة من النور وقدرة كبيرة على التحمل. وتابعت: إذا كنتَ ترى ذلك انحيازًا للمرأة فليس لدي مانع على الإطلاق من توصيفه كذلك، فأنا أحب أن أكون منحازة لابنة جنسي.
مشاركة :