منذ أن أهل علينا شهر رمضان المبارك، تسارعت خطى قوافل الخير الإماراتية، على دروب العطاء في مشارق الأرض ومغاربها، حاملة في رحالها الغوث للمعوزين وغير القادرين، من دون تفرقة على أساس جنس أو لون أو دين، تحت شعار «الكل في الإنسانية سواء». ففي رمضان من كل عام، يغدو نهر البذل والكرم الإماراتي الذي لا ينضب على مدار السنة، أكثر سخاءً، لخصوصية الشهر الفضيل من جهة، ولأن الدولة تُحيي في الـ19 منه «يوم زايد للعمل الإنساني». وفي إطار إحياء «يوم زايد للعمل الإنساني»، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إطلاق مبادرة «إرث زايد الإنساني»، بقيمة 20 مليار درهم، ليدشن سموه بذلك صفحة جديدة ناصعة، في سجل العمل الإنساني والخيري، الذي تُوِجَّت الدولة عاصمةً له على مستوى العالم. سباق خيري لمواجهة الأزمات واغتناماً لأيام شهر الخير، وعلى وقع تصاعد ما تواجهه البشرية من تحديات وأزمات متفاقمة، تسابقت مختلف الهيئات الإغاثية والخيرية والتنموية الإماراتية خلال رمضان، لإيصال مساعداتها إلى المحتاجين إليها، خاصة في الدول المنكوبة بالصراعات. فهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، التي عززت برامجها الرمضانية هذا العام، في مسعى للحد من تبعات هذه التحديات والأزمات، أطلقت حملتها السنوية في شهر الصوم، تحت عنوان «رمضان عطاء مستمر». ومن بين أنشطة الحملة، إفطار الصائم وزكاة الفطر وكسوة العيد والمير الرمضاني وكسر الصيام، واستفاد منها نحو 1.8 مليون شخص من داخل الإمارات وفي 44 دولة حول العالم، بتكلفة مبدئية تزيد على 37 مليوناً و606 آلاف درهم. في حين تنفذ جمعية الشارقة الخيرية مشروع «إفطار صائم» في 43 دولة، ويشمل ربع مليون مستفيد تقريباً، وزعت جمعية دبي الخيرية، في إطار مبادرتها الرمضانية السنوية المعروفة بالاسم نفسه، عشرات الآلاف من وجبات الإفطار على الصائمين، سواء داخل الإمارات بين العمال وذوي الدخل المحدود أو خارج الدولة، وذلك فيما تواصل مؤسسة «زايد للأعمال الخيرية والإنسانية»، برنامجها الرمضاني في أكثر من 17 بلداً، بإجمالي عدد مستفيدين يزيد على 350 ألف شخص. جهود مكثفة لإغاثة أهالي غزة لم يكن مستغرباً أن يكون قطاع غزة بما يشهده من واقع إنساني كارثي دخل شهره السابع، مقصداً رئيساً للأيادي الإماراتية المتدفقة خيراً وعطاءً، خلال شهر رمضان، لمواجهة الأزمة الإنسانية، التي تضرب أكثر من مليونيْن من سكان القطاع. وتنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، حرصت الدولة على أن تكثف خلال هذا الشهر المبارك، مساعداتها الإغاثية لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة، من خلال مبادرات تنفذها الجهات الإماراتية المعنية بالعمل الإنساني. وتغطي هذه المبادرات مجالات المساعدات الإغاثية والإنسانية، من مأكل ومعيشة ورعاية صحية، وتلبية احتياجات ترتبط بأداء العبادات، وذلك استمراراً لجهود الإمارات الهادفة لتخفيف معاناة المدنيين في القطاع، والعمل على الحد من التبعات السلبية للوضع الإنساني المتردي حالياً، خاصةً بالنسبة للفئات الأكثر ضعفاً، كالنساء والأطفال والكبار. مساعدات تفوق التوقعات منذ مطلع رمضان، تسارعت وتيرة أنشطة عملية «الفارس الشهم 3» الإنسانية، التي أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بإطلاقها في الخامس من نوفمبر الماضي لدعم أهل غزة، وذلك من أجل مساعدة أهالي القطاع ورسم البسمة على وجوههم. وبحسب البيانات الرسمية الخاصة بهذه العملية الإغاثية، بلغ إجمالي حجم المساعدات التي تم إيصالها في إطارها إلى المدنيين المنكوبين في غزة بحلول الرابع من أبريل الجاري نحو 22 ألف طن. وكانت تلك المساعدات قد نُقِلَت باستخدام أكثر من 200 طائرة شحن جوي، و660 شاحنة دخلت غزة، بالإضافة إلى ثلاث سفن شحن بحرية. وخلال رمضان كذلك، تجاوز الحجم الإجمالي للإمدادات التي تم إنزالها عبر عملية «طيور الخير»، التي أُطلِقَت أواخر فبراير في إطار «الفارس الشهم 3» لإسقاط المساعدات جواً على المناطق المعزولة في شمال قطاع غزة، 1647 طناً. وشهد شهر رمضان بشكل يومي تقريباً عمليات إسقاط جوي للمساعدات بالتعاون مع مصر والأردن. وضمن العملية الإغاثية نفسها، واصلت دولة الإمارات خلال رمضان، توفير الخدمات الطبية للمرضى والمصابين من أهل غزة، سواء في مستشفاها الميداني الذي دُشِنَ في القطاع مطلع ديسمبر 2023، أو عبر المستشفى العائم المتكامل الذي أقامته الدولة في فبراير الماضي بميناء العريش المصري، أو باستقبال الحالات المرضية والمصابة في المستشفيات الإماراتية. ووفقاً للبيانات المنشورة في الرابع من الشهر الحالي، اسْتُقْبِلَت 584 حالة مرضية في مستشفيات دولة الإمارات، بينما تم استقبال 105 حالات في المستشفى العائم بالعريش، في حين جرى معالجة 14135 من هذه الحالات في المستشفى الميداني بغزة. وفي إطار الجهود الإماراتية المكثفة لتلبية الاحتياجات الأساسية لأهل غزة خلال رمضان، واصلت 6 محطات لتحلية المياه، تندرج في إطار عملية «الفارس الشهم 3»، عملها طوال الشهر، بقدرة إنتاجية تبلغ 1.2 مليون جالون يومياً. وعلى مدار أيام رمضان أيضاً، تواصل العمل في 5 مخابز، تشملها العملية الإغاثية ذاتها، لتوفير احتياجات سكان القطاع من الخبز، بقدرة إنتاجية تتراوح ما بين 12 ألفاً و500 و15 ألف رغيف في الساعة الواحدة، وذلك بالتوازي مع إعلان عملية «الفارس الشهم 3»، تنفيذ مبادرة «الخبز المدعم»، التي تُوزع في سياقها آلاف من أكياس الخبز، لتخفيف الأزمة التي يكابدها النازحون في هذا الشأن. المبادرات الإماراتية الإغاثية السخية، التي قوبلت بشكر وعرفان الأشقاء من أهل غزة، شملت كذلك توفير عشرات الآلاف من الخيام للنازحين في جنوب القطاع ووسطه، وتقديم ملابس شتوية لمن يحتاجون إليها من السكان، وتوزيع وجبات غذائية على النازحين في مراكز الإيواء، ضمن مشروع «تكيات الخير». وعلى الدرب الإنساني نفسه، أطلقت دولة الإمارات حملة «تراحم من أجل غزة»، التي شارك فيها أكثر من 24 ألف متطوع داخل الدولة، قاموا بتحضير 71 ألف سلة من المواد الإغاثية، التي جُمِعت محلياً. شحنات إنسانية عبر البحار علاوة على ذلك، أبحرت في النصف الثاني من رمضان، وتحديداً في الثلاثين من مارس الماضي، الشحنة الثانية من المساعدات الإغاثية الموجهة إلى غزة، عبر الممر البحري الذي دُشِنَ قبل أسابيع في سابقة تاريخية انطلاقاً من قبرص، من قبل مؤسسة «المطبخ المركزي العالمي»، بالشراكة الوثيقة مع دولة الإمارات. وتضمنت الشحنة، التي حملتها 3 سفن وبارجة، ما يكفي من الغذاء لإعداد أكثر من مليون وجبة، وشملت مواد جاهزة للأكل، مثل الأرز والدقيق والبقوليات والبروتينات. وقبل ذلك بأسبوع واحد، وفي سياق الأنشطة الرمضانية التي نُفِّذَت في إطار عملية «الفارس الشهم 3»، أعلنت قيادة العمليات المشتركة في وزارة الدفاع، عن وصول سفينة المساعدات الإماراتية الثالثة، وعلى متنها 4630 طناً من المواد الإنسانية، إلى ميناء العريش، تمهيداً لإدخالها إلى قطاع غزة. وحملت السفينة، التي انطلقت من ميناء الفجيرة، 4218.3 طن من المواد الغذائية، و370.2 طن من المواد اللازمة لإيواء النازحين، و41.6 طن من المساعدات الطبية، إضافة إلى 6 صهاريج للمياه، وصهريجيْن للمجاري، وخزان لوقود الديزل. وأسهم في تأمين حمولة هذه السفينة، هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، ومؤسسة «زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية»، ومؤسسة «خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية». وفي مستهل النصف الثاني من رمضان، زار وفد من الهلال الأحمر الإماراتي المستشفى الميداني الإماراتي في قطاع غزة، وتفقد الأطباء بداخله والمرضى الفلسطينيين ومختلف أقسامه، بجانب الفرق العاملة فيه لتقديم الخدمات الضرورية للنازحين. ومع اقتراب الشهر المبارك من ثلثه الأخير، نظم الهلال الأحمر الإماراتي أواخر مارس الماضي، فعالية في القاهرة تحت اسم «من الإمارات عبر مصر إلى أهلنا في غزة»، لتعبئة المساعدات للأشقاء الفلسطينيين في القطاع وتجهيزها، وذلك في حدث شهد حضور مجموعة كبيرة من الإعلاميين والفنانين والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، من مصر ودول عربية عدة. في الوقت نفسه، لم تخل المبادرات الرمضانية الإماراتية، من أنشطة نُظِّمَت لإدخال البهجة إلى قلوب المنكوبين بالأزمة في القطاع، خلال شهر الصوم. سلال رمضانية ودعم للمخابز باليمن كثفت دولة الإمارات أنشطتها الإغاثية والخيرية في اليمن خلال رمضان، وتنوعت مبادراتها الخَيِّرة طيلة الشهر نفسه لمساعدة الأُسر التي تواجه نقصاً حاداً في كثير من المواد الاستهلاكية، على وقع ارتفاع تكاليف المعيشة، بفعل الأزمة الإنسانية المتواصلة في البلاد. وشملت هذه المبادرات تدشين هيئة الهلال الأحمر الإماراتي في النصف الثاني من رمضان، المرحلة الأولى من حملة دعم المخابز الخيرية في مديريات «المكلا والشحر وغيل باوزير» بمحافظة حضرموت، بهدف تعزيز الأمن الغذائي وتلبية احتياجات السكان، عبر توفير 500 كيس دقيق لـ5 مخابز تعمل في هذه المنطقة، بما يكفل إنتاج الخبز بكميات كافية. وفي المحافظة نفسها، وزع الهلال الأحمر الإماراتي في أواخر مارس الماضي «المير الرمضاني»، بما شمل توزيع أكثر من ألف سلة غذائية، على الأسر المتعففة والمحتاجة، إضافة إلى دعم المصابين بأمراض مزمنة. كما أُطْلِقَت خلال رمضان حملات «إفطار الصائم» في الشوارع الرئيسة والأحياء الفقيرة بحضرموت وعلى الأسر المتعففة هناك، وذلك بجانب إقامة الهلال الأحمر الإماراتي بمدينة المكلا، في الأسبوع الأول من الشهر، أطول مائدة إفطار في المكلا، تحت اسم «سفرة الخير لأهل الخير»، بحضور نحو 3 آلاف شخص، ووسط مشاركة واسعة من أبناء المحافظة والمتطوعين، من مختلف الفئات العمرية والمجتمعية. وبجانب هذا الحدث الخيري، الذي أقيم على رصيف خور المكلا، شملت المساعدات الإنسانية الإماراتية في حضرموت، توزيع المواد الغذائية الأساسية، وتوفير الكتب والمستلزمات الدراسية والأدوية، والمستلزمات الطبية والمأوى للأسر النازحة، إضافة إلى دعم برامج التغذية المدرسية والتعليم العالي ومكافحة الأمراض والأوبئة. أفريقيا.. حقائب إغاثية وإمدادات غذائية أرسلت دولة الإمارات إلى تشاد طائرات مساعدات حملت قرابة 172 طناً من الإمدادات الإنسانية، تحوي أكثر من 6 آلاف من السلال الرمضانية، وذلك ضمن برنامج رمضاني، تشرف على تنفيذه مؤسسة «خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية». ويهدف البرنامج لمساعدة الأسر الفقيرة والمحتاجة من اللاجئين السودانيين في الأراضي التشادية، إضافة إلى أهالي مدينة أم جرس والبلدات المحيطة بها في شمال تشاد. وتضمنت السلال الرمضانية التي أرسلتها دولة الإمارات مواد غذائية رئيسة، منها التمور والأرز والطحين والسكر والزيوت والحبوب وحليب الأطفال، وغيرها من الاحتياجات الضرورية خلال الشهر الكريم. كما حطت في مطار أم جرس طائرة إماراتية حملت على متنها 500 حقيبة إغاثية بحجم إجمالي يصل إلى نحو 20 طناً من المساعدات، تتضمن مواد معيشية وإمدادات إنسانية، من أجل دعم الأسر المعوزة في رمضان. كما افتتحت الدولة «مستشفى الإمارات الميداني» المتكامل في مدينة أبشي في تشاد، ليقدم خدماته العلاجية والرعاية الطبية إلى الأشقاء السودانيين اللاجئين إلى الأراضي التشادية. نهر العطاء الإماراتي المتدفق نفسه، روت مياهه العذبة مئات الأسر في بوركينا فاسو، التي دشن الهلال الأحمر الإماراتي فيها خلال النصف الأول من شهر رمضان، مشروعاً لتوزيع السلال الغذائية الرمضانية، بتنفيذ من جانب «منظمة الرأفة الإنسانية»، ودعم من المحسنين في دولة الإمارات. مشروعات خدمية لمساعدة الباكستانيين وخلال رمضان كذلك، شكلت مناطق باكستانية عدة، محطات بارزة لمسيرة الخير الإماراتية متسارعة الخُطى. فقد واصل الهلال الأحمر الإماراتي تنفيذ برامج رمضانية لمساعدة المعوزين والمحتاجين، على تلبية احتياجات أُسرهم، في هذا الشهر المبارك. ومن بين تلك الأنشطة، مشروع لتوزيع 800 سلة غذائية، على الأسر غير القادرة في إقليم بلوشستان. وتزامناً مع الاحتفال بـ«يوم زايد للعمل الإنساني»، الذي يحل في الـ19 من رمضان من كل عام، نجحت الإمارات في تخفيف معاناة المرضى الفقراء ومحدودي الدخل في أكثر من 50 قرية باكستانية، عبر تقديم خدمات تشخيصية وعلاجية ووقائية مجانية تطوعية، لمئات الأطفال والنساء والمسنين، بمشاركة مؤسسات صحية وتطوعية وخيرية إماراتية وباكستانية. جسر متواصل من المؤن لأوكرانيا وفي شهر الكرم والعطاء، واصلت دولة الإمارات مساعداتها للمتضررين من المدنيين في أوكرانيا، لتخفيف تبعات أزمتهم، عبر إرسال طائرة في أواخر مارس الماضي، تحمل على متنها 50 طناً من المواد الغذائية المخصصة إليهم. وقد وصلت هذه المؤن جواً إلى بولندا، على أن تشرف بعثة الدولة هناك على نقلها إلى الأراضي الأوكرانية، لتُضاف إلى إمدادات إغاثية عاجلة قدمتها الإمارات منذ بداية الأزمة. وشمل ذلك الدعم 100 مليون دولار أميركي، خُصِّصَت للمدنيين الأوكرانيين، وتدشين جسر جوي من المساعدات، فضلاً عن تسيير طائرات تحمل إمدادات إغاثية للاجئين الأوكرانيين في دول جوار بلادهم.
مشاركة :