تسعى الإمارات أن تصبح القوة العظمى الإقليمية في الذكاء الاصطناعي، وقد أدى التنافس في المنطقة إلى إطلاق سباق لبناء مراكز بيانات باستثمارات كبيرة لدعم هذه التكنولوجيا، بحسب تقرير صادر عن وكالة «بلومبرغ». وتريد الإمارات إنشاء مرافق لأسباب تكنولوجية، فالقرب من العملاء يمكن أن يسهل الوصول إلى الخدمات ويسرعها، ولأسباب جيوسياسية، لأن البيانات القيمة الموجودة في الخوادم ستكون خاضعة للوائح المحلية ومعزولة عن التدخل الأجنبي. وعملت الإمارات على إنشاء نماذج كبيرة الحجم شبيهة بنموذج «تشات جي بي تي» التابع لشركة «أوبن إيه آي»، وتقوم بتخزين آلاف الرقائق المخصصة، وفقاً لصحيفة فايننشال تايمز. وهذا الأسبوع، ذكرت بلومبرغ، أن الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، سام ألتمان، التقى مؤخراً مسؤولين ومستثمرين في الإمارات لمناقشة كيفية عمل القطاع الخاص لدعم البنية التحتية واسعة النطاق للذكاء الاصطناعي. وفي أوائل مارس، أطلقت أبوظبي، صندوقاً استثمارياً في الذكاء الاصطناعي يصل حجمه إلى 100 مليار دولار خلال سنوات. ولا تمتلك دول الخليج مراكز بيانات بحجم الموجودة في أوروبا الغربية، ففي نهاية العام 2023، كان لدى الإمارات 235 ميجاوات من سعة مراكز البيانات، وكان لدى السعودية 123 ميجاوات، مقارنة بألمانيا البالغة 1060 ميجاوات، وفقاً لشركة الأبحاث DC Byte. ولسد الفجوة، تخطط الإمارات العربية المتحدة، لزيادة قدرتها بمقدار 343 ميجاوات خلال السنوات القليلة المقبلة. ويقدر تقرير حديث صادر عن شركة «برايس ووترهاوس كوبرز»، أنه وبحلول العام 2030 سيساهم الذكاء الاصطناعي بـ 96 مليار دولار في اقتصاد دولة الإمارات، ما يضعها خلف الصين وأمريكا فقط كمناطق سيكون للذكاء الاصطناعي فيها التأثير الأكبر على الناتج المحلي الإجمالي. وكان معالي عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، قد قال في تصريحات: «الإمارات لديها العديد من المزايا، وبدأت في بناء مراكز البيانات منذ أكثر من عقدين من الزمن كجزء من مبادرة مدينة دبي للإنترنت، والتي تضمنت أيضاً مراكز ابتكار ومساحات مكتبية، ولديها 52 مركز بيانات قيد التشغيل، وفقاً لشركة «دي سي بايت». وقال كولم شورتن، أحد كبار المديرين في شركة «جونز لانج لاسال»، التي تدير مراكز البيانات في المنطقة، إن الإمارات الأكثر ذكاءً في مجال التكنولوجيا بين دول الخليج بفضل استعدادها لتجربة تقنيات ومعدات جديدة. ويقول: «إنه المكان المناسب، وسيظل كذلك لعدة سنوات قادمة». ومن أهم جهود الإمارات في الذكاء الاصطناعي، مجموعة «جي 42» الطموحة، فهي تعمل مع شركة «سيريبراس سيستمز»، وهي شركة ناشئة مقرها في سانيفيل، كاليفورنيا، وتعمل على شرائح مخصصة للتنافس مع شركة «إنفيديا». وتشغل «خزنة»، وحدة مركز البيانات التابعة لـ «جي 42»، 23 مركزاً في الدولة ولديها 7 مراكز أخرى قيد الإنشاء. وسيتم تخصيص بعض هذه المرافق لاستضافة الخوادم السحابية لشركة «مايكروسوفت»، أحد شركاء «جي 42». ويقول بينج شياو، الرئيس التنفيذي لشركة «جي 42»: «ينصب تركيزنا اليوم بالتأكيد على تطوير واحدة من أكبر مجموعات مراكز البيانات في العالم هنا في الإمارات». تحديات وحلول وقد يكون التحدي الأكبر هو ضمان أن مرافق الحوسبة المنتجة للحرارة والمستهلكة للمياه لديها القدرة اللازمة لتشغيل الذكاء الاصطناعي المتقدم بفعالية. وأحدث روبوتات الدردشة ونماذج الذكاء الاصطناعي تعتمد بشكل مكثف على العمليات الحسابية. ويقدر كامل طويل، المدير التنفيذي لشركة إكوينيكس، أن الخوادم اللازمة لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة، تتطلب ما يصل إلى ثمانية أضعاف الطاقة الكهربائية المستخدمة في البريد الإلكتروني للشركات أو تخزين البيانات السحابية. وعندما تستخدم الخوادم هذا القدر من الطاقة، تصبح المعدات أكثر سخونة بشكل أسرع بكثير، ما قد يؤدي إلى انقطاعات مكلفة أو حتى التلف. ويلجأ العديد من المشغلين في الخليج إلى تقنيات جديدة مثل التبريد السائل، وهي طريقة لتبريد المعدات مباشرة بدلاً من خفض درجة حرارة الهواء المحيط. واستخدم مطورون آخرون، أسلوباً تجريبياً يعرف باسم التبريد الغاطس، حيث يتم غمر الخوادم في أحواض من سائل التبريد. وبمجرد إنشاء مراكز البيانات تلك، لا تزال هناك مهمة شاقة تتمثل في إنشاء نظام بيئي تكنولوجي من الصفر. يقول دافيد أورتيسي، رئيس شركة داتا سنتر نيشن الاستشارية، إن المهندسين الميكانيكيين ومديري المرافق وغيرهم من الفنيين نادرون في الخليج، والذي وصف نقص المهارات بأنه «مشكلة هائلة». وحاولت دولة الإمارات جذب الشركات الناشئة الأمريكية والأوروبية من خلال وعود بالموارد اللازمة للحوسبة والإعفاءات الضريبية. وحتى الآن، لم ينجح أي من هذه التحديات في إيقاف إكوينيكس. وفي أحدث مرافقها بالخليج، يتم الحفاظ على المعدات في درجات حرارة معتدلة على مدار العام، حيث تقوم الخوادم بإخراج هبات الهواء الساخن بصوت عال. وبينما ترتفع درجات الحرارة في الخارج لتتجاوز 110 درجات فهرنهايت في الصيف، كان مركز البيانات التابع لها «دي إكس 3» في دبي فارغاً إلى حد ما، مع عدد قليل من الخوادم. وتتوقع إكوينيكس أن يتغير ذلك. ولقد استأجرت بالفعل الأرض المجاورة. تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :