يبدو أن مكتب «موساك فونسيكا» البنمي للمحاماة هو حلال المشكلات، منذ أربعين عاما، لكثير من القادة والمسؤولين والمشاهير، فهو يساعدهم في التهرب من الضرائب، ويؤسس لهم شركات وهمية، كما يلتف حول العقوبات الدولية التي تستهدف زبائنه، ليخرجهم كما تُخرج الشعرة من العجين. وثائق بنما المسربة لصحيفة ألمانية، أثارت جدلا عالميا بعد إيراد تفاصيل لأكثر من 200 ألف شركة أوفشور (تجارة خارجية) في 200 منطقة، ومعلومات عن الأموال المخبأة بواسطة هذا المكتب والتي بلغت 22.9 ترليون دولار. عملاء المكتب المتواري في الظل هم من المشاهير، استطاعت أموالهم المتستر عليها أن تكفل نموا اقتصاديا سريعا لبنما فاق التوقعات، ولكن بعض الشخصيات التي تعاملت مع هذا المكتب ليست كما صورتها الصحافة في أنهم لصوص، أو متهربون من الضرائب، لكن كعادة الصحافة الغربية في تضخيم أي قضية تمس المرشحين أو الساسة، حتى لو كان فستانا أزرق! من الذي سرّب تلك المعلومات التي تعد أكبر تسريب للمعلومات في التاريخ؟! لا أحد يعرف المصدر الذي سرّب الوثائق، كل ما هناك أن الصحيفة الألمانية أفادت أنها تلقت الوثائق من مصدر مجهول، دون أي مقابل مادي. لست من هواة تتبع الفضائح ولا أجدني منساقة لمعرفة كم من الأموال التي أنعشت بنما وإن كان الذي يهمني هو: من الذي سرّب الوثائق التي تعد سرية؟! حتى لو لم تكن تلك الأموال والأعمال فاسدة بمجملها، فالسرية لست مؤشر فساد، ونشر الوثائق ليس نزاهة ولا شرفا. بقدر ما انشغلت الصحافة العالمية في أسماء الأشخاص المتورطين أو بالأصح (عملاء المكتب) بقدر ما أشغلني (رامون فونسيكا) مؤسس هذا المكتب الذي قرر أن يأخذ إجازة ويبتعد دفاعا عن شرفه، كما قال، عندما تم تسريب تلك الوثائق. رامون فونسيكا له حساب في تويتر يديره بذوق وأدب، لديه 19 ألف متابع فقط، ليس منهم رؤساء، بل أساتذة ومهتمون بالبيئة.. كانت آخر تغريدة له يوم 20 مارس أي قبل الفضيحة بأسبوعين.. يشكر أستاذة مهتمة بالبيئة على رأيها في روايته (مورا عيون الملاك). نعم.. «محامي الفاسدين» كما يحلو للصحافة الغربية تسميته هو كاتب روائي، وهو كما يُعرف بنفسه في تويتر..( محامٍ وكاتب وحالم). هو ليس رجلا غامضا، بل منفتح على الآخر، ومحب للغة والجمال والأسرة والبيئة. إن الكاتب الروائي، عادة، ينظر للحقائق والحياة والشرف من زاوية تختلف تماما عن رؤية المحامي الفاسد.. فهل رامون هو من سرّب تلك الوثائق إبراء للذمة بعد 40 عاما؟! هل الكاتب الحالم هو من يقف وراء فضيحة عملاء مكتبه؟! لا أعرف لكني مازالت أتابع رامون فونسيكا الذي زاد عدد متابعيه، وتغيرت تغريداته.
مشاركة :