تراجعت إلى أرشيف وسائل الإعلام قضية «العم معيض» ومقطعه المصور وتداعيات رواجه في وسائل التواصل. كان أهم جزء في القضية استغلال شركات ومؤسسات تركيز وسائل الإعلام على الحدث ورواجه اجتماعياً، ظهرت انتهازية فجة لترويج سلع وخدمات من دون وضع اعتبار لأي قيمة وأثر سلبي حتى على صورة المنشأة نفسها! ومع تراجع الاهتمام أيضاً غاب الحديث عن ضرر هذا «الاستغلال»، وإلى ماذا يشير حضوره بقوة وسرعة، وتأثيره في العقل الاجتماعي. ولا يُتوقع أن يصدر نظام يفرمل هذه الانتهازية التسويقية مع أن ضررها في المنظور البعيد اجتماعياً يمكن استشفافه. سيتم الاكتفاء بتصريح إعلامي لا يتجاوز رد الفعل، لذلك من المتوقع تكرار ما حدث بعد فترة أخرى مع بطل آخر وشركة جديدة. إن من المهم توضيح المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص بالذات، لأنه بات يستخدمها حيلة اجتماعية «مزيفة»، ولا يفرق بين مساعدات أو تبرعات «ربما زكاة» وبين المسؤولية الاجتماعية المنتظرة. هذا التوضيح هو من باب توعية القطاع الخاص، هو أيضاً يحتاج إلى وعي وتوعية. أعتقد بأن أهم مسؤولية اجتماعية على القطاع الخاص الالتزام بها - من شركات كبرى وصغرى ومؤسسات فردية كبيرة أو صغيرة - هو ألا تعمل هذه المنشآت على الإضرار بالمجتمع بأي شكل من الأشكال، الأولوية لحماية الإنسان والنشء والبيئة من عبث التجارة وألاعيبها، سواءً من ناتج سلع أو خدمات أو صور وأساليب الترويج لهذه السلع والخدمات، هذه الأخيرة تتحول إلى سلوك اجتماعي بكثرة طرق الإعلان على المتلقي، وحين نطمئن إلى تحقق ذلك بالقوانين والأنظمة التي تطبق بدقة وعدالة يمكننا التفكير في المسؤولية الاجتماعية الإيجابية المنتظرة منهم. أي استنهاض روح المبادرات النافعة التي تقدم من خلالها الشركات للمجتمع ما يحتاج ويستحق وهو المجال الحيوي لها ولأعمالها، ومصدر دخلها وأرباحها ورزق العاملين فيها. الحاجة هنا باتت ماسة إلى مؤشر يصنف الشركات والمؤسسات وناتج أعمالها في المجتمع من زاوية المسؤولية الاجتماعية. يمكن أن يطلق مؤشر «مستوى الأنانية في القطاع الخاص»، ليحدد إلى أي مستوى منخفض بلغت الأنانية في هذا القطاع وعقوقه للمجتمع.
مشاركة :