انتقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم (السبت) الإدارة الأمريكية بشأن مواقفها "المعادية" للشعب الفلسطيني، معتبرا أن الشرق الأوسط لن يستقر دون حل القضية الفلسطينية. وقال عباس في مقابلة مع وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) إن تصويت الولايات المتحدة في مجلس الأمن باستخدام (الفيتو)، موقف "مخيب للآمال ومؤسف ومخز وغير مسؤول، وغير مبرر". واعتبر عباس أن استخدام (الفيتو) يشكل "عدوانا سافرا على حقوق الشعب الفلسطيني وعلى تاريخه وأرضه ومقدساته وتحديا لإرادة المجتمع الدولي". وكانت الولايات المتحدة قد استخدمت حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي يوم أمس (الخميس) ضد مشروع قرار يوصي بقبول فلسطين عضوا كاملا في الأمم المتحدة في خطوة قوبلت بتنديد فلسطيني و"أسف" عربي. وحصل مشروع القرار على تأييد 12 صوتا من بين أعضاء المجلس المكون من 15 عضوا وعارضته الولايات المتحدة وامتنعت دولتان عن التصويت. ويحتاج تمرير قرار في مجلس الأمن إلى ما لا يقل عن تسعة أصوات مؤيدة، وعدم استخدام الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا أو روسيا أو الصين حق النقض. وكانت البعثة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة قد تقدمت في البداية بطلب الحصول على العضوية الكاملة في المنظمة العالمية في 2011، بيد أن تلك المحاولة فشلت بعد عدم تأمين الحد الأدنى اللازم من الدعم في مجلس الأمن. وفي أعقاب تلك الانتكاسة الأولى، توجه الفلسطينيون إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ونجحوا في نوفمبر عام 2012 في رفع مستوى وضعهم من "مراقب في الأمم المتحدة" إلى "دولة مراقبة غير عضو" بعد حصولهم على أكثر من ثلثي أصوات الأغلبية. وقد مكن هذا الترفيع الأراضي الفلسطينية من الانضمام إلى مختلف منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية. وفي وقت سابق من هذا الشهر، تم تقييم طلب فلسطين الحصول على وضع عضو كامل في الأمم المتحدة من قبل لجنة الأمم المتحدة المعنية بقبول الأعضاء الجدد، وقد حظيت المحاولة في أوائل أبريل بدعم 140 دولة تعترف بفلسطين كدولة مستقلة. وقال عباس إن الولايات المتحدة تستمر في دعمها " للاحتلال ولا تزال ترفض إلزام إسرائيل بوقف حرب الإبادة، بل وتزودها بالسلاح والمال اللذين تقتل بهما أطفالنا، وتهدم بيوتنا وتقف ضدنا في المحافل الدولية في مواقف لا تخدم الأمن والاستقرار في المنطقة، والعالم"، بينما يجمع العالم على تطبيق القانون الدولي، والوقوف إلى جانب الحق الفلسطيني. وأضاف أن الولايات المتحدة "خرقت جميع القوانين الدولية، وأخلت بكل الوعود التي تتحدث عنها بخصوص حل الدولتين، وتحقيق السلام في المنطقة". وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية لم تتراجع فقط عن وعودها والتزاماتها، بل سمحت لإسرائيل "بإضعاف" السلطة الفلسطينية، من خلال صمتها على "سرقتها" لأموال الشعب الفلسطيني، رغم إدعاءاتها المتكررة أنها تريد تقوية السلطة، وتعزيز وجودها. وأوضح أن السلطة الفلسطينية تعمل مع المجموعة العربية والعديد من الدول الأوروبية على خلق مناخ يؤدي إلى "وقف الحرب وإيجاد رؤية مشتركة تنهي عدم الاستقرار والتوتر ولكن موقف الولايات المتحدة لم يكن سوى الاستخفاف والرفض لكل رؤية لا تلائم إسرائيل، والسياسة الأمريكية الخاطئة". وشدد على ضرورة إدراك الولايات المتحدة أن الشرق الأوسط لن يستقر دون حل عادل للقضية الفلسطينية، وأن القدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية "خطوط حمراء، لن يسمح لأحد بتجاوزها، وسياسة المعايير المزدوجة ودعم إسرائيل في عدوانها على الشعب الفلسطيني لن يخلق واقعا لا يرضى عنه الشعب الفلسطيني، ولن يجلب الأمن والسلام لأحد". وطالب الإدارة الأمريكية بمراجعة سياساتها "الخاطئة"، مؤكدا أن القضية الفلسطينية "غير قابلة للكسر أو التصفية أو الاخضاع". وشدد على أن تضحيات شعب فلسطين عبر المائة عام الماضية، والتي قدم فيها "عشرات آلاف الشهداء، وآلاف من الأسرى الأبطال ستمنع إلغاء الهوية الوطنية، ولن تمس الثوابت الوطنية". وأوضح أن مواقف الإدارة "المعادية خلقت غضبا غير مسبوق لدى الشعب الفلسطيني، وشعوب المنطقة، بما يمكن أن يدفع المنطقة نحو مزيد من عدم الاستقرار، وتعزيز الفوضى والإرهاب". وحذر من أن "حرب الإبادة المستمرة على الشعب الفلسطيني، بالتزامن مع حملة مسعورة على وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) الهادفة لتجويع الشعب الفلسطيني، ستدفعان بالمنطقة إلى شفا الهاوية". وقال عباس "نحن على أبواب مرحلة جديدة وصعبة، وأمامنا خيارات متعددة للحفاظ على حقوقنا ولصيانة هويتنا"، مشيرا إلى أن القيادة الفلسطينية ستضع استراتيجية جديدة لحماية القرار الوطني الفلسطيني المستقل والسير وفق أجندة فلسطينية وليس وفق "رؤية أمريكية، أو أجندات إقليمية، فلن نبقى رهائن لهذه السياسات التي ثبت فشلها، وانكشفت للعالم أجمع". وأضاف عباس أن القيادة الفلسطينية ستعيد النظر في العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، بما يضمن حماية مصالح الشعب الفلسطيني وقضيته وحقوقه. وحذر من أن المنطقة بأسرها في "مهب الريح" دون حل عادل للقضية الفلسطينية، وفق المفاهيم الفلسطينية والعربية والدولية، محملا الإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن تدهور الأوضاع في المنطقة. وأشاد الرئيس عباس بمواقف جميع دول العالم التي تدعم وتعترف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وأشار إلى موقف جمهورية باربادوس التي اعترفت بدولة فلسطين، قائلا: "لقد تمردت على الروح الاستعمارية الأمريكية واتخذت موقفا مشرفا بالانحياز للقانون الدولي، وأثبتت هذه الدولة الصغيرة أنها أشرف من دول كبرى لا تزال تتنكر للحقوق الفلسطينية وللقانون الدولي".
مشاركة :