مركز أبحاث الحج (معهد خادم الحرمين الشريفين حاليًا) أعد بناءً لطلبي أبان تسنمي إدارة مرور مكة عام 1413هـ دراسة تنظيمية لمواقف “كدي” تركز على الطاقة الاستيعابية؛ حيث قامت أمانة العاصمة حينها بالتنفيذ بشكل مغاير لتلك الدراسة رغم الاعتراض عليها من قبلنا، وهي حين التنفيذ ركزت على الناحية الجمالية، وهو أمر لا يتوافق مع رؤية المرور وخططه، وقد اضطرت الأمانة بعد بضع سنوات إلى أن تقوم بعمل تعديل بسيط لم تتحقق منه الفائدة المرجوة التي لم تتحقق، وأعتقد أن الحاجة ماسة في الوقت الحاضر للمراجعة إما بالاستفادة من تلك الدراسة والبناء عليها أو إنشاء مواقف متعددة الأدوار تستفيد منها الحافلات والمركبات الصغيرة إما بالاعتماد على التمويل الحكومي أو القطاع الخاص أو بهما معًا؛ ولأن الأمر لا يقتصر على مواقف “كدي” بل يتجاوزه إلى مواقع أخرى لا بد من تحرير المسألة والإشارة إلى الآتي: أولًا – المسجد الحرام محور يتوسط مكة المكرمة، ويتجه إليه القادمون من الجهات الأربع. ثانيًا – أن المسجد الحرام لم يحظَ باهتمام وعناية على مر التاريخ كما حظي بذلك في هذا العهد الزاهر؛ فأعمال التوسعة فيه فاقت الخيال. ثالثًا – توسعته جعلته مقصدًا لملايين المسلمين من أنحاء المعمورة، وكان من الضروري استيعابهم من خلال إنشاء أبراج سكنية لراحتهم، وهذه الأعداد المهولة تحتاج للانتقال من أماكن إقامتهم إلى المسجد الحرام في مركبات في رحلتهم ذهابًا وإيابًا بتلك الأعداد المهولة. رابعًا – نشأ عن ذلك تكدس لوسائل النقل داخل أحياء مكة وشوارعها وأزقتها الضيقة لانعدام ساحات الوقوف، وانتقالها في حركة دائبة مما أدى ويؤدي إلى زحام ومشاكل ونزاعات بين أصحاب الحافلات والأهالي. خامسًا – هناك اختناقات شديدة عند الوصول للمسجد الحرام من كل الجهات، واختلاط الحابل بالنابل لانعدام المساحات في الأغلب التي يمكن من خلالها التنظيم. سادسًا- يفتقر المسجد الحرام في بعض جهاته إلى ساحات تستوعب قاصديه القادمين من بعد وهم كثر خصوصًا في الحج أو رمضان ممن يسكنون خارج المنطقة المركزية في أبراج تستوعب عشرات الألوف. سابعًا – اعتماد النقل الترددي بين المسجد الحرام من جهاته الأربع والمواقف أمر مطلوب كما يحدث في مواقف “كدي” على أن تكون تلك المواقف المحطة الأخيرة التي تصل إليها حافلات القادمين لأداء الصلوات؛ بحيث يتم إنزال البشر وانتقالهم إلى الحرم بحافلات أخرى. ثامنًا – يقتصر الدخول للمنطقة المركزية للنقل الترددي وللمصرح لهم كمركبات الخدمات والجهات الأمنية، ومن يصرح له. تاسعًا – يخصص توقيتًا معينًا للحافلات التي تحمل ركابًا قادمين من الخارج لإنزال أمتعتهم. ورأيي أنه لا بد من التخطيط والتهيئة والتنفيذ لساحات ومواقف تحيط بالمسجد الحرام لاستيعاب البشر والمركبات القادمة من خارج المنطقة المركزية من الأبراج السكنية على أن تراعي النواحي الأمنية والتنظيمية والخدمية، وأحسب أن على إدارة المرور والجهات المرتبطة بخدمة قاصدي المسجد الحرام بيان احتياجاتها ووضع التصور لما ترغبه والرفع به لولاة الأمر -أيدهم الله- خصوصًا بعد أن أصبحت توسعة المسجد الحرام شبه مكتملة، وباعتبار أن المواسم عندنا مستمرة طوال العام وللأبد؛ ولذلك من المهم أن يعطى الموضوع كل العناية، والاهتمام، والرعاية.. إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت.
مشاركة :