أضحت العملات المشفرة من الطرق الحديثة عالميا كوسيلة للتعامل والتداول من خلال شبكة حاسوبية لا تعتمد على أي سلطة مركزية لدعمها أو صيانتها. ويتم إنشاء العملات المشفرة باستخدام خوارزميات وتشفيرات معينة، وتعمل كعملة ونظام محاسبة افتراضي لا يستند إلى الأنظمة التقليدية، ويتم تسجيل صفقات العملات المشفرة في دفتر أستاذ رقمي باستخدام تقنية البلوكتشين. ومن أشهر العملات المشفرة البيتكوين والإيثيريوم والتيثير واللايت كوين والنيم كوين. وتقدر القيمة السوقية لسوق العملات المشفرة في العالم بـ1.09 تريليون دولار في أغسطس الماضي، بينما تشكل عملة البيتكوين 48.6 % من قيمة السوق في فبراير الماضي. وبالرجوع إلى مؤسس البيتكوين ساتوشي ناكاموتو نجد أنه اسم مستعار للشخص (أو أشخاص) الذين ساعدوا في ابتكار وتطوير أول برنامج بيتكوين الذي قدم مفهوم العملة المشفرة للعالم في 2008. لقد كان ناكاموتو يرمي إلى إنشاء منصة مدفوعات لا مركزية من شأنها أن تحدث ثورة في كيفية شراء وبيع كل شيء والقضاء على الوسطاء. ولكن أثيرت تساؤلات عدة حول إمكانية اختراق شبكة أو عملة البيتكوين وهل بالفعل تم اختراقها من قبل؟ وللإحاطة فإن هذا المقال ليس دعوة إلى الانخراط في استثمارات عملة البيتكوين وتداولها ولكن لإلقاء النظرة في أمنية هذه العملة وتداعيتها. تعد عملة البيتكوين تقنية جديدة نسبيا ولكنها أثبتت أنها النظام الرقمي الأكثر أمانا خلال السنوات الماضية من وجودها، حيث لم يتم اختراق البلوكتشين الخاص بعملة البيتكوين مطلقا ولم يتم إصدار أي عملة مزيفة في الشبكة. إن المفاهيم الكامنة وراء تقنية البلوكتشين تجعل من المستحيل اختراق شبكة البيتكوين، حيث لا يتم التحكم في عملة البيتكوين من قبل أي مجموعة أو شخص واحد بل يتم من قبل المطورين والقائمين بالتعدين والمستخدمين. ويمكن للهاكرز بأساليب رياضية الاستيلاء على البلوكتشين من خلال التحكم في غالبية القوة الحسابية إذا كانوا يمتلكون أكثر من 50 % من المعدل، وبالتالي يمكنهم مهاجمة البلوكتشين فيما يسمى بهجوم 51 %، وهذا قد يسمح لهم بإجراء تغييرات على المعاملات التي لم يتم تأكيدها بواسطة البلوكتشين قبل توليهم السلطة المطلقة. ولكن هذا يعد مستحيلا في التحكم والهيمنة بسبب التكاليف التي ينطوي عليها الحصول على 51 ٪ من معدل امتلاك البيتكوين. وترتبط ملكية البيتكوين بالبيانات المشفرة على البلوكتشين ويتم تعيين مفتاح خاص لكل مالك أو وصي معين من قبل المالك. ويمكن نظريا فك تشفير المفتاح ولكن ذلك سوف يستغرق آلاف السنين لكسر التشفير باستخدام التقنيات الحالية. ولا تزال التقنيات الحالية غير كافية لاختراق البيتكوين ولكن ربما يصدر المستقبل تقنيات أكثر تحديثا، الذكاء الاصطناعي على سبيل المثال. ومع ذلك، هناك نقاط ضعف خارج نطاق البلوكتشين التي قد توجد فرصا للمتسللين (الهاكرز) تمكنهم من الوصول إلى محافظ العملات المشفرة والحسابات الشخصية لسرقة العملات المشفرة. لقد سرق أحد الهاكرز 50 ألف بيتكوين من أحد مواقع الإنترنت المظلم في 2012. ومع مرور الوقت، ارتفعت قيمة عملة البيتكوين المسروقة إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار وظلت لسنوات واحدة من أكبر الألغاز في عالم العملات المشفرة. وتحدث معظم سرقات العملات المشفرة بسبب اختراق بيانات الاعتماد، مثل سرقة كلمة مرور المستخدم أو المفاتيح الخاصة. وفي بعض الحالات، قد يستخدم الهاكرز رسائل التصيد الاحتيالي أو برامج مزيفة للوصول إلى حساب المستخدم وكلمة المرور. ومن المثير للدهشة أن الهاكرز يفضلون البيتكوين بسبب عدم الكشف عن هوياتهم، حيث لا يتطلب تحويل الأموال إلى بيتكوين وإرسالها واستلامها باستخدام اسم أو عنوان قانوني. وهذا هو مراد الهاكرز عندما يتعلق الأمر بالحصول على أموال لا يمكن تعقبها واقتفاء أثرها، وهذا في حد ذاته معضلة أمنية.
مشاركة :