قدَّر تقرير اقتصادي أن يصل إجمالي المشاريع الاستثمارية التي ستنفذ في قطاع النفط والطاقة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى نحو 900 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة. وبحسب تقرير للشركة العربية للاستثمارات البترولية (أبيكورب)، المملوكة من قبل الدول العشر الأعضاء في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)، فإن دول المنطقة خصصت 289 مليار دولار لمشاريع قيد التنفيذ حاليا، كما وضعت دراسات وخطط لمشاريع أخرى تقدر بقيمة 611 مليار دولار. ووفقا للتقرير الذي تلقته «الشرق الأوسط»، فإن دولا كالسعودية، والإمارات، والكويت تستثمر في جوانب ومراحل القطاع كافة بهدف التعويض سريعا من خلال خطط جادة وطموحة، مع أن تلك الدول تواجه عديدا من التحديات في ظل الظروف الاقتصادية الحالية. وأشار التقرير إلى أن دول شمال أفريقيا، ومنها الجزائر التزمت بضخ مليارات الدولارات في مجال التنقيب وزيادة الإنتاج. كما يرجح أن تشارك مصر في ذلك؛ حيث يتوقع أن تسهم حقول الغاز التي تم الإعلان عن اكتشافها حديثا في تلبية الطلب المتزايد على توليد الطاقة. ويتوقع أن تتوجه الأنظار أيضا إلى مشاريع الطاقة المتجددة في كل من المغرب وتونس والأردن ضمن الجهود المبذولة لتلبية الطلب المتزايد على توليد الطاقة الكهربائية. وقال الدكتور رائد الريس، نائب الرئيس التنفيذي والمدير العام لـ«أبيكورب»: «إن الاستثمارات العالمية في قطاع النفط والغاز انخفضت بنسبة 20 في المائة خلال العاميين الماضيين، ويمثل هذا الانخفاض واحدا من أكبر معدلات هبوط الاستثمارات في القطاع منذ فترة طويلة، ورغم ذلك، نتوقع أن تواصل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعزيز استثماراتها؛ إذ تقوم الدول المصدرة للنفط والغاز ببرامج لتوسعة وتطوير القطاع وتقوية موقعها في الأسواق العالمية». وأشار إلى التحديات والعوائق الأساسية التي يتوقع أن تواجه خطط دول المنطقة لزيادة الاستثمارات في قطاع الطاقة؛ إذ يرتبط حجم الاستثمارات العالمية في قطاع النفط والغاز بشكل وثيق مع أسعار النفط، وبعض الدول في الشرق الأوسط، بما في ذلك السعودية، الإمارات، دولة الكويت، أعلنت أنها ستمضي قدما في خطط الاستثمار رغم انخفاض الأسعار، لكن هناك دول أخرى تعاني قلة الاحتياطيات المالية والضغوط على إيراداتها لاسيما العراق، ومن المتوقع أن تعيد النظر في برامجها الطموحة لزيادة قدراتها الإنتاجية. وذكر تقرير «أبيكورب» أن الجدارة الائتمانية لدول منطقة الشرق الأوسط شهدت تراجعا خلال الأشهر الستة الماضية طبقا لتصنيف ستاندرد آند بورز، وكالة التصنيف الائتماني؛ حيث يقف متوسط التصنيفات السيادية عند «BBB». وعلى الرغم من الجهود التي بذلت مؤخرا لجذب الاستثمارات الأجنبية، التي شهدت بعض النجاح، فإن المخاوف السياسية والاقتصادية تعني أن قرارات المستثمرين ستبقى مشوبة بالحذر. كذلك، تشهد المنطقة حالة من الاضطرابات وعدم الاستقرار في عدد من الدول، منها الصراعات المستمرة في سوريا والعراق وليبيا واليمن، كل هذا أسهم بإعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي. وأوضح التقرير أن توقعات النمو تراجعت بمنطقة الشرق الأوسط، لتصل إلى 3.6 في المائة لعامي 2016 و2017، مقارنة مع التقديرات السابقة للنمو التي كانت تبلغ 3.9٪ و4.1 في المائة. أما بالنسبة إلى السعودية، أكبر اقتصاد في العالم العربي، أسفر الانخفاض في عائدات النفط عن تغير توقعات النمو للقطاعين الحكومي والخاص، ونتيجة لذلك، تراجعت توقعاتها للنمو إلى 1.2 في المائة و1.9 في المائة خلال العامين المقبلين مقارنة مع توقعات شهر أكتوبر التي كانت تبلغ 2.2 في المائة. ويزيد تراجع أسعار النفط في الضغوط على مُصدري الطاقة في دول المنطقة، التي تواجه حاليا تزايدا في عجز الميزانية علاوة على زيادة حجم الدين. إزاء ذلك، اتبعت هذه الدول استراتيجية لخفض الإنفاق الحكومي وإصلاحات محدودة لأسعار الطاقة في إطار الإجراءات التي تهدف إلى الحد من الضغوط المالية وكبح ارتفاع الطلب على الطاقة. وتعتمد معدلات النمو في الأمد المتوسط على سرعة تعافي أسعار النفط وقدرة الحكومات على ترشيد الإنفاق وإدخال الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية. وأشار التقرير إلى توقعات نمو الطلب على النفط بشكل أكثر من العام الماضي، أي إلى نحو 1.6 برميل يوميا في المتوسط؛ حيث شهدت الأسواق زيادة مستمرة في مخزون النفط شهريا منذ عام 2014. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة ووكالة الطاقة الدولية استمرار هذه الزيادة خلال العام الحالي بالرغم من التوقعات بتراجع حجم المخزون. ومن المتوقع أن تستعيد السوق توازنها مستقبلا، وتبدأ الأسعار في التعافي من مستواها الحالي؛ حيث سيتسبب تقليص حجم الاستثمارات وانخفاض عدد الحفارات في معظم أنحاء العالم في التأثير في حجم الإنتاج. وتُقدر الاستثمارات المخطط لها في قطاع الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنحو 611 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة؛ الحصة الأكبر منها لقطاع توليد الطاقة؛ حيث تقدر هذه الاستثمارات بـ194 مليار دولار، وقطاع النفط والغاز بـ190 مليارا و149 مليارا على التوالي، فيما تخصص بقية الاستثمارات لمجال البتروكيماويات. وتشكل المشاريع قيد الدراسة الحصة الكبرى من الاستثمارات المخطط لها؛ حيث تصل قيمتها إلى 262 مليار دولار. ونظرا إلى مناخ الاستثمار الحالي والنظرة العامة التي تسودها حالة من عدم اليقين، لا نتوقع تنفيذ كل المشاريع قيد الدراسة في الوقت الحالي، ومن المرجح تنفيذ تلك المشاريع التي أصبحت في مراحل التصميم والعقود والمناقصات على الأمد المتوسط. وتبلغ قيمة المشاريع في مرحلة العقود والمناقصات 117 مليار دولار، فيما تبلغ قيمة المشاريع في مرحلة التصميم 66 مليار دولار. وتستحوذ السعودية على 30 في المائة من الاستثمارات المخطط لها بقيمة 102 مليار و71 مليار دولار على التوالي في الفترة المقبلة؛ حيث تسعى كل منهما إلى تعزيز برامج إنتاج النفط والغاز، حيث تملك خطط واضحة لزيادة إنتاج الغاز وتعزيز دوره في القطاع، ففي الوقت الراهن يتم استخدام كامل إنتاجها من الغاز محليا بالكامل في توليد الطاقة والصناعة، وتشمل الخطط الرئيسية لزيادة إنتاج الغاز توسعة حقل الحصبة للغاز. ويتوقع ترسية المناقصة على أن ينجز المشروع في 2019. وفي قطاع توليد الطاقة الكهربائية، يتوقع أن تسهم محطة طيبة للطاقة الشمسية في المدينة المنورة في إنتاج 3.6 غيغاواط بحلول العام 2020 وبتكلفة تبلغ 4 مليارات دولار أمريكي، وينتظر المشروع ترسية العقود.
مشاركة :