اعتبر كثيرون من الأكراد أن معركتهم ضد داعش هي معركة وجود لهم ولإقليمها كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي. ولكن على رغم منعهم التنظيم من الاستيلاء على معظم المدن والبلدات الكردية، وذلك بفضل جهود قوات البشمركة الكردية، ودعم تحالف عسكري بقيادة الولايات المتحدة، يواجه الأكراد ما يصفه قباد طالباني، نائب رئيس وزراء كردستان العراق، " خطراً وجودياً حقيقياً"، يتمثل بأزمة اقتصادية كبرى. منذ بداية عام ٢٠١٤، أصبنا بتسونامي اقتصادي حصل على شكل أربع موجات، أولها في فبراير٢٠١٤، عندما قطعت الحكومة العراقية التي كانت على خلاف مع الأكراد من جانب واحد، حصة الإقليم من الميزانية الفيدرالية وتناول هذه القضية باحثان، في مقال نشراه في موقع ديلي بيست الإلكتروني، وهما رانج علاء الدين، المتخصص في التاريخ المعاصر للشرق الأوسط، وألكساندر مليغرو ـ هيتشينس، الباحث في مؤسسات فكرية تابعة للمحافظين الجدد في أمريكا. وقال قباد طالباني إنه إذا لم يتحسن الوضع فوراً في كردستان، فسيكون داعش من أخف مشاكله، ذلك أن الأكراد العراقيين وجدوا نفسهم نتيجة هذه الأزمة وسط موجة هائلة من اللاجئين والمهاجرين الباحثين عن فرص عمل، والهاربين من الشرق الأوسط إلى أوروبا. وشرح نائب رئيس وزراء كردستان للباحثين أن حكومة إقليم كردستان العراق تواجه تحديات اقتصادية هائلة. وقال:" منذ بداية عام ٢٠١٤، أصبنا بتسونامي اقتصادي حصل على شكل أربع موجات، أولها في فبراير ٢٠١٤، عندما قطعت الحكومة العراقية التي كانت على خلاف مع الأكراد من جانب واحد، حصة الإقليم من الميزانية الفيدرالية. وتلا ذلك ظهور داعش في العراق في يونيو ٢٠١٤، والذي أدى إلى مضاعفة حجم الإنفاق الأمني والعسكري، وأعقبه تدفق موجة هائلة من اللاجئين فاق عددهم مليون شخص، فضلاً عن نازحين من داخل كردستان. وجاءت الضربة الأخيرة من خلال تراجع أسعار النفط العالمية، التي بدأت في منتصف عام ٢٠١٤، والذي أخفقت حكومة كردستان العراق في وضع خطة لمواجهته إبان سنوات الطفرة من ٢٠٠٦ وحتى ٢٠١٤، عندما بقيت أسعار النفط تراوح حول ١٠٠ دولار للبرميل. ويشير علاء الدين وهيتشينس إلى أنه، وقبل تطبيق إصلاحات إقتصادية، كانت حكومة كردستان تعاني من عجز في الميزانية وصل إلى حوالي ٤٠٦ ملايين دولار شهرياً. وعانى عاملون في الحكومة من تخفيضات في الأجور، ولم ييقبض بعضهم رواتبه طوال خمسة أشهر، فيما حصل أفراد الأجهزة الأمنية على راتب واحد كل أربعة أشهر. وقال مسؤول رفيع في الاستخبارات الكردية، وهو على علم بجميع جوانب الحرب ضد داعش، بدءاً من تجنيد المخبرين وحتى تغطية العمليات الخاصة، إن الأزمة تهدد" بوقف الزخم الهائل ضد داعش، والذي نعم به الأكراد مؤخراً، ومعهم المجتمع الدولي". أثر مدمر ويقر معظم السياسيون في المنطقة بأنه كان يمكن للأزمة أن تكون أقل حدة ، ذلك أن جزاء كبيراً منها يعود الى إبقاء الحزبين الحاكمين في كردستان، الحزب الديموقراطي الكردستاني( كي دي بي)، والاتحاد الوطني لإقليم كردستان( بي يو كي) نظام ولاءات يشمل توفير وظائف غير ضرورية في مقابل كسب دعم سياسي. وقد ترك هذا النوع من الوظائف المصطنعة آثاراً مدمرة، كأن يعين مثلاً 40 حارساً لحماية مدرسة، أو مشفى صغير في قرية. ويضاف إلى كل ذلك، بحسب الباحثين، أن حكومة كردستان العراق تدفع لمن يعرفون باسم" عمال وهميين"، كما تثقل مرافق الدولة بأعداد من العاملين أكبر بكثير مما تحتاج إليه، وهو ما يؤدي إلى تضخم الميزانية. ومن ٥.٢ ملايين نسمة، يوجد على قوائم العاملين في حكومة كردستان أسماء ١,٤ مليون شخص. وفي العام الماضي بلغت قيمة تلك الرواتب ٧٩٥ مليون دولار شهرياً. كما حرصت حكومة كردستان العراق على الاستفادة من عائدات النفط في تقديم دعم للوقود، واعتمدت على توليد الطاقة بواسطة الديزل العالي الكلفة.
مشاركة :