سمعت كغيري ما أدلى به الشيخ عايض القرني في برنامج حواري على إم بي سي، حيال الإخوان المسلمين، وكيف أنه حملهم منفردين لما نحن فيه في العالم الإسلامي من فوضى وتعديات وتردي أحوال، بمؤامراتهم وتخطيطاتهم الشيطانية، وطالب بحل الجماعة، وكشف توحدهم مع الصفويين. الشيخ بعاطفته تناسى الكثير، فالتشدد متعدد الوجوه، وتنظيم القاعدة السلفي على سبيل المثال لم يكن إخوانيا، رغم أنه مستمر حتى يومنا في حركاته العنيفة التكفيرية، وتجنيده للمحاربين وتفجيراته ومنتهى قمة خطورته. الشيخ نسي أيضا فرق المد الشيعي عبر تسلط الأحزاب الإرهابية، والميليشيات المسلحة، والتي تهيمن حتى الآن على أربع عواصم عربية، بالإضافة لما تفعله في فلسطين، وما تتضح بوادره في دول عربية مستهدفة تتأرجح. نسي الشيخ أيضا الحديث النبوي الذي حدد ثلاث وسبعين فرقة. الفرق كثيرة، وكلها تتمسكن حتى تتمكن من إغراء جهة تحقق لها المنزلة والمقدرة والمال، متدرجة بطريقتها تعيش الرغد، ثم تحتال مع الوقت لتتملك السلطة، وعبر ما تخلقه من أجواء تخطئة وتبشير وترهيب، وما تفعله بالسر أو العلن، لضمان حوز الدنيا وبريقها ونعيمها، بينما تدفع الشباب المغرر بهم إلى الموت لإثبات نزاهة قضيتها وأنها مطلب سماوي شعبي، ما يزيد من علو سمعتهم، وتغليب ثقافتهم وحرامهم وحلالهم وأولوياتهم على ما تصدره الفرق الأخرى أيا كانت عنيفة أو مسالمة، مثل الصوفيين، من لم يخل تاريخهم القديم من محاولاتهم انتزاع السلطة والاستئثار بها، سواء في الأندلس أو المغرب العربي، أو غيرها من الدول الإسلامية، ومن خلال بدايات التصوف الشخصي والإحسان النوعي، ودغدغة مشاعر المجتمعات والبدء بتحوير النهج استعداد للمرحلة الأخيرة بالالتصاق بالسلطة، ومن ثم الانقلاب عليها. خلاصة القول يا شيخ عايض أن الفرق والطرق الإسلامية عامة لم تكن بعيدة عن السياسة والسلطة يوما «يا نلعب يا نخرب» وهذا يحدث بدهاء حيلهم لتحوير معاني النصوص، واستقوائهم بأتباعهم، وسرية تمكنهم بالتغلغل في الحكومات، التي تنطلي عليها حيلهم، قبل أن تضعف وتضطر لخلق التوازن والمداهنة لإرضائهم وأتباعهم. انظر يا شيخ لأي من الدول العربية والإسلامية، وحاول الربط بين أوضاعها السياسية والاقتصادية والمدنية، ومدى توغل فرقة بعينها أو أكثر في مقتضياتها ومجريات سياستها، ولو بطرق الوعظ والكهنوت وتحديد الإمكان وعدمه، وقارن بين تأثير فرقة وأخرى، مهما كان الوطن ديمقراطيا، أو ملكيا، أو جمهوريا، لتعرف أن الفرق المذهبية طاغية كانت أو منبوذة، يظل هدفها كسب وتحريك الشارع، وقارن حالها بدول استطاعت الفصل كليا بين السياسة والفرق الدينية، وتكريم الدين بإبقائه فقط في أماكن العبادة، وبإشراف شديد من الدولة، لمنع أي محاولات سرية للتسلل إلى كراسي الحكم، أو التأثير على الناشئة والتغرير بهم، وبالتالي تجنيدهم بداية ضد دولهم وحكامهم، وضد مفهوم الحدود والوطن والأمن الداخلي، وعبر نظرات أممية، تسعى لتفتيت معانى الدولة، وتكوين أمة إسلامية، تتبع شبح خليفة يتحكم في الشعب دينيا، ويضعف السلطة لصالحه، ويمرر حقوق الشعب ومقدراته عبر عمامته. الأمر يا شيخنا أكبر بكثير من جماعة الإخوان المارقة، لأن الهروب من فرقة، لا يعني النجاة من بقية الفرق، التي سرعان ما تستغل الفراغ والأوضاع، ثم تقلب الحل الجذري لصالحها. shaheralnahari@
مشاركة :