في محكم التنزيل قال رب العزة والجلال بسورة النساء: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا)، وبهذا ساوى رب العزة والجلال بين الشرك به وبين من لم يحسن إلى والديه، والشاهد على ذلك ما جاء في كثير من الأحاديث الصحيحة. ففي حديث بصحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الكبائر الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس». كما جاء في صحيح البخاري ومسلم والترمذي، عن أنس رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر فقال: «الشرك بالله وعقوق الوالدين». ولقد كنا إلى سنوات غير بعيدة لا نعرف عن العقوق لوالدينا أو أحدهما إلا ما يقتصر على عدم تقبل رأيهما، أو رأي أحدهما، أو إهمالهما أو عدم الرفق بهما.. أما القتل أو كشف سترهما، كما هو واقع الحال الآن فلم يكن يخطر على بالنا. وكمثال على ذلك ما نشرته «المدينة» بتاريخ 11/6/1437هـ أن «المحكمة الجزائية بسكاكا أصدرت حكما يقضي بإدانة ثلاثة أبناء وسجنهم مدة عام لكل منهم وجلد كل واحد منهم 300 جلدة، بعد قيامهم بالاعتداء على والدتهم بالضرب والبصق في وجهها، ومحاولة إحراق منزلها، وتكسير أثاث المنزل، بعدما تقدمت ببلاغ للجهات المختصة تشكو عقوق أبنائها الثلاثة، مفيدة أنهم تسببوا لها بعناء دائم وأنهم يضربونها بشكل يومي. وبعرض الدعوى على المدعى عليهم بالمحكمة أنكروها، ودفعوا أن والدتهم تقوم بتهديدهم إذا منعوها من الخروج مع السائق، أو عند تأديبهم إخوانهم. وسبق أن اعتدوا عليها من قبل كثيرا». والذي لا شك فيه أنهم وأمثالهم ممن اعتدوا على أمهاتهم إنما ذلك بسبب تعاطيهم المخدرات بكل أسف. وأختم بالذي يهدي من أضله الشيطان، حيث كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شاب اسمه علقمة تزوج بامرأة أطاعها وعق أمه فغضبت عليه، ولما حضرته الوفاة قيل له: قل: لا إله إلا الله، فلم يستطع قولها، وعجز عن النطق بها، فجاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن لسان علقمة لم ينطق بكلمة التوحيد وهو في الموت، فقال: قولوا لأمه: إما أن تأتيني وإما أن آتيها، فقالت: بل أنا آتي رسول الله، فلما جاءت إليه سألها عن خبر علقمة، فأخبرته أنه كان يعقها، فقال: إما أن ترضي عنه وإما أن أحرقه بالنار، فقالت: بل أرضى، فلما رضيت عنه صدقا وحقا، نطق علقمة بالشهادة.. ولا أقول سوى: (اعتبروا يا أولي الألباب). السطر الأخير: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رضا الله في رضا الوالدين».
مشاركة :