تكتسب القمة السعودية - التركية التي التأمت أمس الأول (الثلاثاء) في أنقرة، بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أهمية كبيرة في ظل التحديات المحيطة بالمنطقة والمتغيرات الجيوسياسية السريعة التي تمر بها، وذلك في إطار حرص القيادتين على تبادل وجهات النظر في مجمل تلك الأحداث، خصوصا تطورات الأزمة السورية، والمستجدات اليمنية، سيما وأن رؤية البلدين حيالهما متطابقة إلى حد كبير. وتؤكد الرياض وأنقرة على حتمية رحيل نظام الرئيس بشار الأسد، والحل السياسي للقضية، مع المحافظة على سيادة ووحدة التراب السوري، وحق شعبه في الحرية والكرامة والعدالة. كما يمثل ملف الإرهاب الذي ضرب المنطقة بقوة ويهدد المنطقة برمتها، حضورا قويا في اللقاءات السعودية - التركية، لما له من انعكاسات سالبة على أمن البلدين ومستقبل الاستقرار في المحيط الإقليمي. وتمثل زيارة خادم الحرمين الشريفين لأنقرة دفعة قوية للعلاقات المتينة والتاريخية، التي تجمع البلدين الشقيقين، بما يمثلانه من ثقل دولي وإقليمي وإسلامي. وتشهد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين التي بدأت في عام 1929، إثر توقيع اتفاق الصداقة والتعاون بينهما، تناميا مستمرا وتوافقا في معظم المواقف حيال قضايا المنطقة والعالم. وأسهمت الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، في إرساء قواعد هذه العلاقة ودعمها في المجالات كافة، سياسيا واقتصاديا وثقافيا. ففي المجال السياسي يحرص البلدان على التنسيق والتشاور وتبادل الآراء تجاه القضايا التي تهمهما وتخدم مصالح الأمة الإسلامية، وفي مقدمها القضية الفلسطينية، إذ يبذلان جهودا مكثفة لنصرة الشعب الفلسطيني وصولا إلى تسوية عادلة للنزاع العربي الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. كما يتفق البلدان في مواجهة الإرهاب واجتثاثه من جذوره، ويدعوان دائما إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل. وفي المجال الاقتصادي يشهد التعاون بين البلدين منذ توقيع اتفاق التعاون التجاري والاقتصادي والفني عام 1973، تطورا ونموا مستمرا ارتفع معه حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى مستوى كبير، وتشكلت اللجنة السعودية - التركية المشتركة، وعقدت حزمة من الاتفاقات الثنائية، وتعددت الزيارات والمعارض المتبادلة، وإنشاء الشركات المشتركة. وفيما تطمح السعودية إلى تقليل اعتمادها الاقتصادي على عائدات النفط بتنويع الصادرات في مجالات أخرى، اعتمدت تركيا خطة لإيصال الناتج القومي إلى 2 تريليون دولار، في العام 2023، كما أن الفرصة متاحة للتعاون الاقتصادي بين البلدين في مجالات الطاقة والاستثمار. وتم تأطير التعاون الثقافي من خلال اتفاق تم توقيعه في 1976، وإقامة الأيام الثقافية السعودية في تركيا التي أعطت انطباعا إيجابيا عن الثقافة السعودية، وأبرزت السمات المشتركة بين الشعبين المسلمين، ومنها الدين والتاريخ والمصير المشترك. كما تستقبل المملكة سنويا أكثر من 250 ألف تركي في موسمي الحج والعمرة، فيما تستضيف نحو 100 ألف تركي يعملون في مختلف المجالات ويشاركون في تنمية الوطن وإعماره. وتعتبر زيارة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، إلى تركيا (أغسطس 2006) نقطة انطلاقة حقيقية، وتجديدا لأواصر الصلات القديمة والتاريخية بين البلدين، إذ شهدت التوقيع على ست اتفاقيات ثنائية.
مشاركة :