أصبح البحث التطبيقي يمثّل هدفاً أساسيّاً في دول العالم كافةً، والحقيقة أن دراسة فرص التطور وتحدياته في شتى مجالات الحياة من أولويات الحكومات والمنظمات الدولية والمؤسسات الأكاديمية، ولذا تتطلَّب تلبية احتياجات التطور وضع استراتيجيات مدروسة ودقيقة من أجل تحقيق الأهداف التي تسعى الدول إلى تحقيقها عن طريق الإسهام في رسم سياسات بحثية علمية وقيمة مضافة، بهدف تحقيق الأولويات الوطنية، والاستجابة الحكومية في دعم متطلبات الاستثمار، وخصوصاً في البحث العلمي. ولا بدَّ من وضع استراتيجية وطنية للبحث العلمي التطبيقي في دولة الإمارات العربية المتحدة من أجل الأخذ بيد الباحثين، وتوجيههم في البحث العلمي التطبيقي بتحديد الأسس التي تضعهم في الاتجاه الصحيح لدعم متطلبات التنمية المستدامة المبنية على المعرفة، وبخاصة أن قادة دولة الإمارات وشيوخها الكرام لا يدخرون جهداً في سبيل نقل الدولة إلى مصاف الدول المتقدمة والمتطورة في كل المجالات، ولذلك نرى أن تكون هناك استراتيجية وطنية شاملة للبحث العلمي التطبيقي، والاستفادة منها في تطوير جميع مجالات الحياة، بحيث تصبح هذه الاستراتيجية بمنزلة أولوية وطنية تتعاون على تحقيقها كل المؤسسات الحكومية والخاصة، ولا سيما تلك التي لها علاقة مباشرة بالموضوع، مثل المؤسسات الأكاديمية ممثلة في الجامعات والمراكز البحثية، تساندها مؤسسات المجتمع المدني، وجميع المؤسسات ذات العلاقة. ونحن على ثقة أن مثل هذه الاستراتيجية ستجد كل الدعم والتشجيع من المؤسسات الحكومية والرسمية، وستكون استجابة الحكومة لها بمستوى الطموح الذي نسعى جميعاً في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى تحقيقه، ذلك أن هذه الاستراتيجية تحدد وضع مجالات البحث العلمي ذات الأولوية بناءً على مَواطن القوة في رأس المال البشري، مع إدراك الحاجة إلى تعزيز البحوث التطبيقية في المجالات ذات الصلة بالاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية بدولة الإمارات. وقد بادرت الدولة إلى تعزيز فرص حصول ذلك بإطلاق «مجلس الإمارات للبحث والتطوير» الذي يحدد الأولويات البحثية لدولة الإمارات. ويدعم الإطلاق المسبق للأولويات الوطنية في البحث العلمي أصحاب القرار، ويحقق التوازن بين القطاعات المختلفة العلمية، والتربوية، والاجتماعية، والإنسانية، والإعلامية، والأمنية، ما ينعكس إيجاباً على البحث العلمي عامة، والباحثين خاصة، ذلك أن هذه الأولويات إذا استندت إلى استراتيجية مدروسة تتميز بمصداقية عالية، فإنها تحفز الباحثين والمؤسسات والمراكز البحثية على تبنيها عن طريق إعداد مقترحات مشروعات بحثية للحصول على الدعم من الجهات المعنية على المستويين الوطني والعالمي، ومن أهمها إنشاء البنية التحتية لتمويل البحث العلمي بهدف إيجاد آلية تقييم إلزامي منتظم لتمويل مؤسسات التعليم والمراكز البحثية، وإجراء البحث العلمي. ويُتوقع أن تضع استراتيجية البحث العلمي دولة الإمارات العربية المتحدة على الطريق التي تحقق رؤيتها بأن تصبح مجتمعاً متنوعاً مستداماً قائماً على المعرفة. *أستاذ مساعد بقسم علم الاجتماع بجامعة الشارقة
مشاركة :