تتواصل عروض المسابقة الرسمية ضمن فعاليات الدورة ال 29 من مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط، حيث كان الجمهور على موعد مع فيلم "مذكرات" للمخرج المغربي محمد الشريف الطريبق. يعود بنا الفيلم إلى سنوات الثمانينات، حيث سيقرر البطل "أحمد" لقاء حبيبته "هدى" في شقة أحد أصدقائه، لقاء ستواجهه مجموعة من الصعوبات بدءا من رقابة الجيران والخوف من نظرة المجتمع إلى أن وجدا نفسيهما في مواجهة بعضهما البعض داخل غرفة واحدة بدون تجارب عاطفية مسبقة. نعيش مع أبطال الفيلم حقيقة أن قرارا بسيطا بإمكانه أن يغير مجرى حياتنا ويخرجنا من طفولتنا. حيث تظهر الممثلة أنيسة العناية "هدى" في بداية الفيلم، مترددة، خائفة، وفي نفس الوقت متحمسة لأن تلتقي بالممثل يوسف شغايش "أحمد"، حماس ستتغير معه الأحداث ومصيرها. تدور أحداث الفيلم، المستوحاة من قصة حقيقة، بمدينة العرائش داخل فضاء مغلق تمت إعادة تشكيله ليستجيب لرؤية المخرج، واعتمد في ذلك على ديكور إسباني مغربي قبل أن ننتقل إلى الشارع. وحاول المخرج التطرق إلى مجموعة من المواضيع كعاملات الجنس، الرقابة المجتمعية، التحرش والعنف الجنسي. وأكد المخرج الشريف الطريبق في تصريح عقب عرض الفيلم أن تصوير هذا العمل السينمائي استغرق منه 5 سنوات، وأن "شخصيات الفيلم تربطها قصة واحدة ومصير مشترك"، مشيرا إلى أنه "اشتغل على النوستالجيا، وطريقة تدبير المواعيد الغرامية إلى جانب مجموعة من الرموز التي تعود بنا إلى سنوات الثمانينات". وأشار الطريبق إلى أن فيلم "مذكرات" يمكنه اعتباره "جزءا من ثلاثية شبيبة مغربية تضم كلا من فيلم "زمن الرفاق" الذي يعبر عن شبيبة سنوات التسعينيات، ثم فيلم "أفراح صغيرة "الذي يتحدث عن الخمسينيات". وشدد الطريبق على أنه يستمتع بإعادة خلق فترة زمنية معينة، واصفا السينما بأنها "مساحة للتأمل ولجعل المشاهد يتساءل"، ذلك أن معنى الفيلم غير ثابت، ومفتوح على مجموعة من القراءات التأويلية. من جانبه اعتبر الناقد السينمائي عبد الكريم واكريم أننا نجد في فيلم " مذكرات" كل مكونات أسلوب الطريبق من حضور للأماكن المغلقة وتقليص في الميزانيات، مشيرا إلى أن هذا الأمر "لا يؤثر سلبا في أغلب الأحيان على قيمة الفيلم الفنية، كونه ينتهج دائما أسلوب السينما الفقيرة". وأوضح واكريم في تصريح لموقع القناة الثانية: "أن الطريبق يعوض النقص في الديكورات ومواقع التصوير والأزياء، حتى لو كانت أحداث الفيلم تدور في أزمة ماضية، بالاشتغال على الشخصيات والحوارات التي نجدها في هذا الفيلم معبرة عن تركيبة الشخوص وعن تكوينها النفسي وخلفياتها الاجتماعية". ولاحظ واكريم أن الطريبق مارس نوعا من الرقابة على نفسه بشكل لا يتماشى مع تيمة الفيلم، مضيفا: "خصوصا أثناء تواجد الحبيبين في غرفة النوم، فلا القبلات كانت مقنعة ولا اللباس الذي كان يرتديانه يليق بتلك اللحظة الحميمية بحيث وجدتني مفصولا عن الاستمتاع بالمشهد لافتقاده للمصداقية وللجرأة الدراميتين". واعتبر واكريم أن المخرج وظف "إشارات جميلة وذكية بالفيلم تهم الحريات الفردية" في هذه اللحظة التي يحتد فيها النقاش حول هذا الموضوع، من بينها الإشارة للعرائض التي يوقعها سكان العمارة ضد صاحب البيت الذي يعيش حياته بالطول والعرض، لتظل الرقابة المجتمعية المحافظة أكبر ربما من رقابة السلطة.
مشاركة :