القاهرة - وصل وفد من حركة حماس السبت إلى القاهرة لاستئناف مباحثات وقف إطلاق النار في غزة حيث تهدد إسرائيل بشن هجوم بري على مدينة رفح رغم تحذيرات واشنطن والأمم المتحدة. ومع اقتراب الحرب بين الدولة العبرية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) من إتمام شهرها السابع، واصلت إسرائيل شنّ غارات جوية على أنحاء مختلفة من القطاع المحاصر خصوصا رفح قرب الحدود مع مصر، والتي يقيم فيها أكثر من مليون فلسطيني نزحوا في معظمهم من مناطق أخرى في القطاع جراء الحرب. وتتواصل جهود الوساطة التي تقودها مصر وقطر والولايات المتحدة، سعيا للتوصل الى هدنة والإفراج عن رهائن إسرائيليين في القطاع لقاء إطلاق سراح فلسطينيين من السجون الإسرائيلية. ووصل وفد من الحركة الى مصر السبت، بحسب ما أكدت قناة القاهرة الاخبارية المقربة من المخابرات المصرية. ونقلت القناة عن مصدر مصري رفيع المستوى تأكيده حصول "تقدم ملحوظ" في المفاوضات، مشيرة إلى أن الوفد المصري المفاوض "وصل الى صيغة توافقية حول الكثير من نفاط الخلاف" بين الطرفين. وأكدت حماس خلال الأيام الماضية أنها تدرس المقترح الأخير بـ"روح إيجابية"، مع تمسّكها بأهم مطالبها في هذه المرحلة، وهو أن تؤسس الهدنة الى وقف شامل لإطلاق النار يضع حدّا للحرب. وأفاد مسؤول في الحركة السبت أن "الجولة الأولى من المفاوضات ستبدأ اليوم بحضور كل الوفود القطري والمصري وحتى الأميركي موجود بالمكان"، مضيفا "اذا تطورت الأمور سيتم إحضار الوفد الإسرائيلي في قاعة منفصلة.. لمحاولة إنجاز الاتفاق". وأكد أن حماس "تنظر بعقل منفتح للتغيرات في موقف الاحتلال والموقف الأميركي لكن هناك أمور يجب أن يتم إحكامها". وكانت الحركة أوضحت في بيان الجمعة "إننا عازمون على إنضاج الاتفاق، بما يحقّق مطالب شعبنا بوقف العدوان بشكل كامل، وانسحاب قوات الاحتلال، وعودة النازحين، وإغاثة شعبنا وبدء الإعمار، وإنجاز صفقة تبادل جادة". وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، السبت، إن تل أبيب لن توافق على إنهاء الحرب ضمن أي صفقة محتملة مع حركة حماس، وذلك خلافا لما يجري تداوله ناقلة عن مسؤول (لم تسمه)، قوله إن تل أبيب "لن توافق على إنهاء الحرب ضمن أي صفقة مع حماس". وأضاف المسؤول الإسرائيلي أن "الجيش سيدخل رفح سواء كانت هناك هدنة لإطلاق سراح المختطفين أم لا". وفي المقابل، تدفع واشنطن الحركة الفلسطينية الى القبول بالمقترح الذي اعتبره وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن "سخيا جداً" من قبل إسرائيل. وقال بلينكن الذي تعد بلاده أبرز داعم لإسرائيل في هذه الحرب، إن "الواقع في هذه اللحظة أن العقبة الوحيدة بين شعب غزة ووقف إطلاق نار هي حماس". وذكر موقع أكسيوس أن رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز وصل مساء الجمعة إلى القاهرة، ما قد يؤشر إلى أن ساعة القرارات الأساسية قد تكون حانت. وتنتظر دول الوساطة منذ حوالى أسبوع ردا من حماس على المقترح الذي قدمته إسرائيل في نهاية نيسان/أبريل ويشمل وقفا للنار لمدة 40 يوما وتبادل عشرات الرهائن الذي خطفوا من جنوب إسرائيل خلال هجوم حماس، بعدد من المعتقلين الفلسطينيين لدى إسرائيل. ورفضت إسرائيل الى الآن، خصوصا رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو، الموافقة على وقف دائم لإطلاق النار في غزة. وبعدما توعدت الدولة العبرية بـ"القضاء" على الحركة، تلوّح منذ أسابيع بشن هجوم بري على مدينة رفح المكتظة بحوالى 1.4 مليون فلسطيني معظمهم نازحون هربوا من القصف والمعارك. ويشدد نتانياهو على أن هذا الهجوم ضروري "للقضاء" على آخر كتائب حماس، وهدّد بالمضي فيه "مع اتفاق أو من دونه"، في إشارة لمباحثات الهدنة. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي الخميس "سنفعل ما هو ضروري للانتصار والتغلّب على عدوّنا، بما في ذلك في رفح". واعتبر عضو المكتب السياسي لحماس حسام بدران أن تصريحات نتانياهو هدفها "إفشال أي امكان لعقد اتفاق". وأوردت صحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن مصادر مصرية أن إسرائيل تمهل المفاوضات أسبوعا إضافيا، وإلا فإنها ستباشر الهجوم على رفح. وأبدت واشنطن مرارا معارضتها لمثل هذا الهجوم ما لم يقترن بخطط موثوق بها لحماية المدنيين الفلسطينيين. وقال بلينكن مساء الجمعة إن إسرائيل لم تقدم "خطة ذات مصداقية لتأمين حماية حقيقية للمدنيين" في رفح، محذرا بأنه "في غياب مثل هذه الخطة، لا يمكننا دعم عملية عسكرية كبيرة في رفح لأن الضرر الذي ستُحدِثه يتجاوز حدود المقبول". كذلك حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس الجمعة بأن "عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح قد تؤدي إلى حمام دم"، في وقت تعد المنظمة تحسبا لذلك خطة طوارئ "لمواجهة تزايد في أعداد الجرحى والقتلى". وفي جنيف، قال ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية ريك بيبركورن إن "خطة الطوارئ هذه هي مجرد ضمادة"، مشددا على أن "النظام الصحي المتعثر لن يكون قادرا على تحمل حجم الدمار المحتمل الذي قد يسببه التوغل". وتشكل رفح نقطة العبور البرية الرئيسة للمساعدات الإنسانية الخاضعة لرقابة إسرائيلية صارمة والتي تدخل بكميات ضئيلة لا تكفي إطلاقا نظرا إلى الاحتياجات الهائلة لسكان القطاع المحاصر البالغ عددهم حوالى 2.4 مليون نسمة. في مواجهة الصعوبات في إيصال المساعدات برا، تشارك دول عدة في إنزال مواد غذائية جوا في غزة. كما تعمل الولايات المتحدة على بناء رصيف بحريّ عائم قبالة سواحل غزة لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية. وتشهد الولايات المتحدة وضعا متوترا مع انتشار التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين والمعارضة للحرب في قطاع غزة في الجامعات الأميركية. وفي ظل هذا الوضع، حض 88 ديمقراطيا في مجلس النواب الأميركي الجمعة الرئيس جو بايدن على النظر في وقف إمدادات الأسلحة لإسرائيل إذا لم تبدل الحكومة الإسرائيلية إدارتها لحربها مع حركة حماس في قطاع غزة. واندلعت الحرب مع شن حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1170 شخصا، معظمهم مدنيون، حسب تعداد لفرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية. وخطف أكثر من 250 شخصاً ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفّي 35 منهم وفق مسؤولين إسرائيليّين. وردت إسرائيل متوعدة بـ"القضاء" على حماس وهي تنفذ حملة قصف مدمرة وعمليات برية في قطاع غزة، ما تسبب بسقوط 34654 قتيلا غالبيتهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس. وأكدت الوزارة "وصل للمستشفيات 32 شهيدا و41 إصابة" خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة حتى صباح السبت. وأفادت مصادر استشفائية ليل الجمعة السبت عن ضربات إسرائيلية على رفح وكذلك على مدينة خان يونس المدمرة بعد أشهر من هجوم برّي إسرائيلي ومعارك عنيفة مع حماس. وأفاد مراسل السبت عن قصف ومعارك عنيفة في مدينة غزة (شمال). الى ذلك، أكد الدفاع المدني انتشال ثلاث جثث وثلاثة جرحى إثر استهدف منزل لعائلة حوراني في شمال مدينة غزة. كما طالت الغارات الإسرائيلية وسط القطاع، إضافة الى مدينة رفح حيث أكد مستشفى يوسف النجار تلقي جثة واحدة وعدد من الجرحى إثر قصف منزل. من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي أن طائرته استهدفت الجمعة "أهدافا إرهابية مجاورة لمنصة إطلاق في منطقة خان يونس" بعد إطلاق مقذوفات نحو مناطق في جنوب الدولة العبرية، إضافة الى استهداف "منصات إطلاق صواريخ في جنوب قطاع غزة ومنصة لإطلاق قذائف الهاون في وسط القطاع". وعثر الجمعة في أحد أحياء رفح على عدة جثث بينها جثث أطفال، تحت أنقاض منزل عائلة شاهين الذي استهدفته غارة إسرائيلية قبل الفجر. وفقدت سناء زعرب أختها وستة من بنات وأبناء إخوتها في هذا القصف، وقالت "ما ذنب هؤلاء الأطفال؟ ماذا فعلوا ليتسببوا في قصف المبنى؟... لا نريد مساعدات بل نريد وقفا دائما لإطلاق النار".
مشاركة :