اللعب بالتراب يقوي الجهاز المناعي ويعزز الصحة النفسية والذهنية

  • 5/6/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

توصل العلماء إلى حقيقة مفادها أن اللعب بالتربة يقوي جهاز المناعة ويعزز الصحة النفسية والعقلية حيث يعالج الاكتئاب والتوتر وذلك من خلال برودتها وملمسها الناعم الرطب. وكوسيلة علاج تم ابتكارها حديثا يقوم أشخاص بوضع أيديهم داخل حاويات مملوءة بالتراب، وترافقهم الموسيقى لتقليل الشعور بالحزن. لوس انجلس (الولايات المتحدة) - رغم تحذيرات الآباء لأبنائهم من اللعب بالتراب باعتباره حافلا بالجراثيم، إلا أن هناك من يوصي بالتعرض لقدر من التراب أو الطين لتقوية الجهاز المناعي للجسم. وتستعرض صحيفة لوس أنجليس تايمز في تحقيق لها عن معالجة نفسية حاصلة على شهادة في تخفيف الحزن، أحدث صيحة للوقاية من الاكتئاب في عالم يزداد فيه التوتر، وتتصاعد فيه المخاوف من التغير المناخي والتلوث والصراعات الدولية والأوبئة. وتلقي الصحيفة الضوء على ملامح هذه الصيحة، حيث يجلس الراغبون في التجربة، بينما تأتي في الخلفية أصوات زقزقة الطيور والموسيقى الحالمة، ثم يغلقون أعينهم ويحفرون بأيديهم داخل حاويات مملوءة بالتراب، فتصل إليهم برودة التربة وملمسها الناعم الرطب، وتوجد عبوات المناديل الورقية قريبة التناول، لاستخدامها عند الرغبة في مسح الدموع التي قد يذرفونها من شدة التأثر. وينطلق صوت المعالجة باربارا لاوسون قائلة “تذكروا عندما كنا صغارا، لم نكن نخشي من اللهو بالتراب”، وتشرف لاوسون على مجموعة الأفراد الحاضرين في أحد جلسات متجر “قابلني في التراب”، الذي افتتحته في مركز ساوث باي غاليريا التجاري بمدينة روبندو بيتش بولاية كاليفورنيا عام 2022، وفي المساحة التي يبلغ اتساعها 2400 قدم مربع، والحافلة بالنباتات المنزلية ومنتجات العناية الشخصية، تنظم لاوسون تجمعات للراغبين تدور حول تبادل الأحاديث عن المشكلات التي تشغل الأذهان، أو جلسات التأمل لدعم العافية النفسية، أو لتقديم الاستشارات بشأن التخلص من الحزن، أما الجلسة التي نظمتها في هذا اليوم فكانت تتعلق بتجربة التأمل بلمس التراب. متجر "قابلني في التراب" يبيع مجموعة متنوعة من النباتات المنزلية ومنتجات العناية الشخصية، مثل الشموع والزيوت اللازمة لتدليك الجسم وتوضح لاوسون وهي معالجة معتمدة لمشاعر الحزن، أن “التأثير الإيجابي للنباتات والخضرة على الصحة العقلية هو أمر حقيقي، وهي لم تعالجني فحسب، بل جعلتني قادرة على أن استخدمها للمساعدة على علاج أشخاص آخرين“. وعند الجلوس حول الطاولة المخصصة لورشة العمل، توزع لاوسون على الحاضرين قفازات ولكنها لا تنصحهم بارتدائها، حتى يستطيعون الاستفادة من وضع أيديهم مباشرة داخل التراب بالحاويات، وتقول أن بعض الأبحاث تشير إلى وجود أنواع من البكتيريا في التربة قد تساعد على تحمل الضغوط. وتضيف لاوسون (51 عاما) مازحة، “اعتادت أمي أن تقول لي إن القليل من الأوساخ لا يضر“. وتعلم لاوسون بشكل مباشر التأثير الإيجابي للعب في التراب والتعرض للخضرة على العافية، وبرغم أنها نشأت وهي تشاهد في طفولتها جدتها وهي تعتني بأشجار الفاكهة في حديقتها، فإن حب زراعة النباتات والعناية بها لم يتعلق بقلبها إلا عندما بلغت 30 عاما من العمر، ومع رعايتها لأطفالها الستة فإنها نجحت في أن تستثمر وقت فراغها في إشباع مواهبها الفنية، ووجدت أن النباتات تعزز عندها الرغبة في الابتكار، وعلمت نفسها فن الرسم لتتخصص في رسم الزهور، وتمارس نشاطا فنيا تجاريا إضافيا أسمته “بهجة باربارا”، وتستغل وقت فراغها في زراعة الزهور والأشجار في فناء منزلها، وتصف هذه الحديقة الصغيرة بأنها “المخبأ الذي تهرب إليه من متاعب الحياة“. ويبدو أن هذه المتاعب بدأت تتراكم بالتدريج وبمرور الزمن دون أن تشعر، بالرغم من أنها متفائلة للغاية بطبيعتها على حد قولها، فقد بدأت تشعر ببدايات حزن تتسلل إلى قلبها. ولأول مرة في حياتها بدأت لاوسون في 2016 التردد على طبيب نفسي، واقترح عليها أن تعود إلى ممارسة هواية زراعة النباتات بعد أن كانت تخلت عنها لفترة، حيث أن هذه الهواية تجلب لها كثيرا من البهجة، وسرعان ما نفذت النصيحة لتزيد على مجموعة النباتات التي لديها، الذرة والبطيخ والخيار ومجموعات الأعشاب الطبية والعطرية. وعندما كان الحزن يرواد لاوسون كانت تلجأ إلى الخضرة، وتشرح أن السبب يتمثل في أن “النباتات تعني أن شيئا ينمو وينبض بالحياة، ومن هنا تمثل الخضرة النقاء والسكينة وهذا ما أحتاجه“. وتقول لاوسون عن المشاعر الإيجابية المنبثقة من النباتات إنها “هي التي أنقذت حياتي، وأعادتني إلى طبيعتي المتفائلة“. وبعد هذه التجربة بدأت لاوسون في تعليم الناس كيف يستخدمون النباتات، للعلاج في حياتهم وذلك عن طريق محاضرات مباشرة على صفحة في الفيسبوك، واستعرضت أيضا كيفية زراعة المحاصيل الغذائية والأعشاب الطبية، ولأن حديقتها امتلأت عن آخرها بالنباتات فبدأت في بيع الفائض منها. وفي عام 2020 ألغت الشركة التي تعمل بها وظيفتها، وكان وقتا مثاليا بالنسبة لها لكي تتفرغ لتأسيس مجموعتها “قابلني في التراب“. الرغبة في الابتكار وفي عام 2021 حولت حافلة صغيرة إلى مشتل صغير متحرك، وكانت تجوب به في عطلات نهايات الأسبوع، أسواق المزارعين حول منطقة لوس أنجليس، لتبيع النباتات ولتعرف السكان بالقوى العلاجية الكامنة في النباتات. وبعد بضعة أشهر عرض عليها ممثل لمركز ساوث باي جاليريا التجاري، أن تستأجر مساحة لمتجر “قابلني في التراب” داخل المركز، وقبلت بعد تردد لأنها تحب نشاط حافلة المشتل المتحرك، ولكنها عندما عاينت المساحة المعروضة عليها قبلت العرض. وتتذكر لاوسون قائلة “إنها أرادت أن تكون لها مساحة تقابل فيها زبائنها الذين يريدون الحصول على مشورتها في العلاج من الحزن، وأن تنظم فيها فعاليات بشكل منتظم، وتعرض فيها تجارب لاستعادة العافية عن طريق السكينة والاسترخاء، وافتتحت داخل المساحة متجرا للنباتات ومركزا لتعزيز العافية في يونيو 2022. ويبيع متجر “قابلني في التراب” مجموعة متنوعة من النباتات المنزلية ومنتجات العناية الشخصية، مثل الشموع والزيوت اللازمة لتدليك الجسم وأملاح الاستحمام، وهي كلها تعدها لاوسون بنفسها. وتقول لاوسون إنها تريد أن يشعر الناس بأنهم قد انتقلوا إلى واحة للاستشفاء، في كل مرة يدخلون فيها إلى متجرها. وبالإضافة إلى جلسات التأمل باستخدام التراب، تستضيف لاوسون حفلات أعياد الميلاد، ودورات دراسية خاصة لتعليم كيفية زراعة النباتات، وتنظم حمامات خاصة للعرائس والعرسان وورش حول سبل تمكين المرأة، وغير ذلك من الأنشطة في متجرها. خبراء الصحة يؤكدون أنّ تعرّض الطفل لأنواع مختلفة من الملوّثات الموجودة في التراب في مراحل مبكّرة من العمر يعزّز قدرته المناعية ويشير خبراء الصحة إلى أنّ تعرّض الطفل لأنواع مختلفة من الملوّثات الموجودة في التراب في مراحل مبكّرة من العمر يعزّز قدرته المناعية، كما يحدث عند تطعيمه تجاه الأمراض. كما أنّ الجراثيم الموجودة على سطح الجلد تلعب دورا كبيرا في الحدّ من الالتهابات عند الإصابة بالجروح والكدمات، لأنّ هذه الجراثيم تثبّط فرط الاستجابة المناعية للجسم. ومن المعروف أنّ الاستجابة المناعية الزائدة تسبّب الطفح الجلديّ وتجعل الجروح والكدمات أكثر ألما وتورّما، لذلك يمكن للعب بالتراب أن يحمي بشرة أطفالكم. كما أن تعرّض الأطفال للتراب والجراثيم في مرحلة مبكّرة من حياتهم، يحدّ من مشاكل التهاب الرئة والقولون لديهم، ويجعلهم أقلّ عرضة للإصابة بالربو والأمراض التحسسية، أو أمراض الأمعاء والتهاباتها في المستقبل. وأثبتت الدراسات أنّ اللعب بالتراب مفيد جدّا للدماغ بسبب احتواء ذرّات التراب على نوع معيّن من الجراثيم الفطرية التي تعمل على تسريع التعلّم والإدراك وتحسين المزاج، من خلال تحفيز نموّ الخلايا العصبيّة وزيادة معدّل السيروتونين، وكانت زيادة الإدراك والانتباه بنسبة 20 في المئة بعد ساعة واحدة من اللعب بالتراب. ويمكن للطفل من خلال التراب أن يبتكر أشكالا فنّيّة جميلة، ويصنع منها بيوتا وقلاعا، الأمر الذي يساعد على تطوير مهارات الطفل اليدوية والفنّيّة. ويساعد اللعب بالتراب، الأطفال على النموّ وتطوير مهاراتهم البصريّة والحركيّة، من خلال استخدام عقولهم، وحواسهم للّعب وإعداد الأشكال المختلفة. كما أن اللعب في التراب يكسر الروتين اليوميّ للطفل، وهو أمر ممتع ويجدّد نشاطه ويعطيه شعورا عارما بالسعادة وطاقة إيجابية. وهو أفضل بديل عن الألعاب الإلكترونية والفردية السائدة والتي يمكن أن تكون مضرّة جدّا لصحّة الأطفال الجسدية والفكرية والروحية.

مشاركة :