تحمل زيارة الرئيس الصيني شي جينبيغ إلى صربيا رسالة رمزية مزوجة، حيث تمت مزامنة الزيارة مع الذكرى السنوية الـ25 لقصف حلف شمال الاطلسي «ناتو» للسفارة الصينية في بلغراد عام 1999، كما أن صربيا التي تخوض مفاوضات شاقة منذ أكثر من 15 عاماً للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، تعتبر إحدى أقرب الدول إلى روسيا برئاسة فلاديمير بوتين، إلى جانب المجر المشمولة كذلك بجولة شي الأولى إلى أوروبا منذ 5 أعوام والتي بدأها من فرنسا. وفي مقال نشرته وسائل الإعلام الصربية ووزعت الخارجية الصينية نسخة منه قبيل وصوله إلى صربيا، استذكر الزعيم الصيني «القصف الصارخ» للسفارة الصينية في بلغراد خلال الحملة الأطلسية على يوغوسلافيا السابقة، الذي ألقي باللوم فيه على خطأ بتحديد المواقع ارتكبته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA، مما أسفر عن مقتل ثلاثة صحافيين صينيين، مشدداً على أنه «علينا ألا ننسى ذلك إطلاقاً. الشعب الصيني يقدر السلام، لكنه لن يسمح أبداً بتكرار هذا التاريخ المأساوي». وفي المقال، اعتبر شي أنه «على الصين وصربيا تعزيز إطلاق إمكانات التعاون متبادل المنفعة بينهما وتنفيذ خطة العمل متوسطة الأجل المتعلقة بالتعاون في إطار الحزام والطريق، وبناء المزيد من المشاريع الرائدة وتوسيع التعاون في مجالات الابتكار التكنولوجي والتصنيع المتقدم والطاقة الخضراء والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي، وغيرها من المجالات الناشئة». وضخّت الصين المليارات في صربيا ودول مجاورة في منطقة البلقان، خصوصاً في مجالي التعدين والصناعة، ووقّعت مع بلغراد العام الماضي اتفاقية للتجارة الحرة. وتقدمت صربيا رسمياً بطلب عضوية الاتحاد الأوروبي في 22 ديسمبر 2009، ولا تزال مفاوضات الانضمام جارية حالياً وقد يسمح لها بالانضمام إلى الاتحاد بحلول عام 2026. وبعد مفاوضات شاقة في باريس، أمس الأول، جمعت الرئيس الصيني إلى نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية الألمانية أورسولا فوندرلاين، وركزت على العلاقات الروسية الصينية وتأثيرها على الحرب في أوكرانيا والخلافات التجارية بين أوروبا والصين، اصطحب ماكرون أمس الرئيس الصيني إلى أعالي جبال البيرينيه، حيث تناولا الغداء في مطعم إريك أبادي الواقع على ارتفاع كبير على أمل أن يسهل ذلك حصول «تبادل صريح ودي» حول القضايا الشائكة. وكان شي دعا، أمس الأول، ماكرون للتمسك «بالاستقلال والعمل معاً على درء حرب باردة جديدة أو المواجهة بين التكتلات ومعارضة الانفصال أو قطع سلاسل الإمداد»، في رسالة ذات مغزى للرئيس الفرنسي الذي يعد المحامي الأول في اوروبا لمبدأ الاستقلال الاستراتيجي عن الولايات المتحدة. وأعلن شي دعمه مقترح ماكرون إرساء هدنة أولمبية في أوكرانيا خلال ألعاب باريس من 26 يوليو إلى 11 أغسطس، وأكد الجانبان التزامهما بالسعي لتسوية سياسية للقضية النووية الإيرانية، ودعيا إلى «التنفيذ الملموس» لحل الدولتين بخصوص القضية الفلسطينية. وتوصل رئيسا الدولتين، اللذين تبادل الهدايا وأبرزها الشُعل الأولمبية، إلى سلسلة من التوافقات بشأن التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف للاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتنظيمها بشكل صحيح. واتفقا أيضاً على الإسهام في تعزيز القدرات السيبرانية للدول، وخاصة الدول النامية، للتعامل مع جميع أنواع التهديدات السيبرانية، ما يشمل تلك المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.
مشاركة :