ترتفع أسعار الفائدة على الودائع بين فترة وأخرى في بعض دول العالم إلى مستويات قد تبدو جذابة وتصل إلى 20% أو حتى 55%، لكن هذه النسب المرتفعة تصاحبها زيادة في المخاطر، الكثير من الناس قد تجذبه العوائد العالية للودائع في بنوك الدول الأجنبية الأخرى، ولكن دعونا نتعمق أكثر لنفهم العلاقة بين المخاطر والعوائد في مثل هذا النوع من الاستثمار بالخارج. وتلعب تقلبات سعر الصرف والتضخم دوراً رئيسياً في تحديد النتيجة النهائية لاستثمار كهذا بالنسبة للمستثمر الكويتي. لنتفحص تقلبات حركة سعر الصرف خلال الفترة من مايو 2023 إلى مايو 2024 كما في الجدول المرفق. نلاحظ من هذا الارتفاع الكبير خلال فترة عام واحد (حوالي 61٪) مدى تقلب سعر صرف العملة الأجنبية في دول تعاني من تضخم جامح سيجعل القوة الشرائية الحقيقية لهذه العملة الأجنبية تنخفض. نلاحظ من المثال المرفق في الجدول أن المستثمر الكويتي أودع ما يعادل 10.000 د.ك في مايو 2023، واسترجعها 7.430 د.ك في مايو 2024، بمحصلة خسارة بنسبة 25% تقريباً بدلاً من الربح. بناءً على هذا المثال، على الرغم من كسب فائدة كبيرة (20%) خلال سنة، يخسر المستثمر بسبب التضخم المحتمل وانخفاض قيمة العملة الأجنبية خلال تلك الفترة. بافتراض ارتفاع سعر الفائدة إلى 55% في مايو 2024، وإيداع 10.000 د.ك في وديعة أخرى بالعملة الأجنبية (1.050.000 عملة أجنبية) تصل الفائدة المكتسبة إلى 577.500 عملة أجنبية. إجمالي المبلغ بالعملة الأجنبية عند السحب مستقبلاً في مايو 2025 سيكون 1.627.500 عملة أجنبية (بعد احتساب الفائدة الكبيرة بنسبة 55%)، لكن كم سيكون سعر الصرف بين الدينار الكويتي مع هذه العملة الأجنبية في مايو 2025؟ هل سيبقى سعر الصرف عند 105 فقط؟ بالطبع لا، من الطبيعي والمتوقع أن تستمر العملة في الانخفاض والضعف مقابل الدينار. بحسب النظريات الاقتصادية فإن الفرق في التضخم وسعر الفائدة بين الكويت وتلك الدولة الأجنبية يجب أن ينعكس على الفرق في سعر صرف العملات مستقبلاً، كما سيتأثر بعوامل أخرى مرتبطة بمتانة الاقتصاد والأوضاع الجيوسياسية وغيرها من عوامل أخرى. ختاماً: لا يزال خطر التضخم وانخفاض قيمة العملة الأجنبية بشدة قائماً، وارتفاع سعر الفائدة المعلن والمغري للبعض قد لا يعوض بالضرورة عن خسائر القوة الشرائية ومخاطر تقلبات سعر الصرف. أستاذ مشارك في قسم التمويل والمنشآت المالية – جامعة الكويت