عرفت الحكمة في أول أمرها في الشعر العربي القديم، وتحديداً في المعلقات والمطولات. وقد ترجعُ في روافدها وتفرعاتها إلى تعدد وتنوع الثقافات التي عرفها العرب، لا سيما الثقافة، الهندية والفارسية، واليونانية، وما نَقْلُ كتاب كليلة ودمنة - من الفارسية -على قول- ومن الهندية -على قول- إلى العربية عنا ببعيد. ولأبي العتاهية أرجوزة طويلة بلغت أربعة آلاف بيت، سماها «ذات الأمثال»، وشّاها بالحكم والمواعظ والأمثال. روى الأصفهاني بكتابه الأغاني، في ترجمة أبي العتاهية، قطعة طويلة منها، ولا يبعد أن يكون أبو العتاهية نقل كثيراً من حكمها وأمثالها عن الفارسية، أخذها من كتب ابن المقفع المترجمة عن الأدب الفارسي، ولا يبعد أيضاً أن يكون قد عمد إلى شيء من الفكر اليوناني فضمنه قصيدته، بحسب الناقد إحسان عباس. ومما يرجح نظرية عباس أن أبان بن عبد الحميد نظم كليلة ودمنة في نحو أربعة عشر ألف بيت، ونظمه كذلك علي بن داود، وبشر بن المعتمر، وأبو المكارم أسعد بن خاطر، ضاعت كلها، ولم يصلنا منها إلا نحو سبعين بيتاً، من نظم أبان، نقلها الصولي (ت 335هـ) في كتابه «الأوراق»، وكتاب الأوراق هذا وثيقة أدبية وتاريخية مهمة، لكل من تاريخ الأمة العربية وآدابها. قال أبو العتاهية: خَانَكَ الطَّرْفُ الطَّمُوحُ... أيُّها القَلْبُ الجَمُوحُ وعدَّ بعضُ النقاد القدماء زهيراً لحكمته ثالث الفحول من شعراء الجاهلية، بل إن عمر- رضي الله عنه- اعتبره خير شعرائهم على الإطلاق، لأنه شاعر العقل والحكمة. ومن الشعراء الحكماء: أبو الفتح البستي، وطريقته في الحكمة مغنية، وفي التجنيس معجزة. Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :