لم يكن طيف التوحّد سبباً في ضمور موهبته وتلاشيها، بل أخذ ريشته ورسم لوحات فنية غاية في الدقة والإتقان، جسد لوحاته بمجسمات من الصلصال والورق، أصبح موهوباً في الرسم والفنون وشارك في العديد من المعارض الفنية المقامة في المدرسة وخارجها، كما شارك في معرض فن الطفل الثاني والأربعين الذي أقيم مؤخراً. إنه طالب التوحد الموهوب في الرسم والفنون علي سمير بهمن أحد طلبة صف إشراقة أمل الذي يعد أحد الصفوف الدراسية المخصصة لطلبة اضطرابات التوحد بمدرسة العلاء الحضرمي الابتدائية للبنين. صفوف الدمج نسجت القصة خيوطها مع الطالب علي سمير بهمن من الصف التوحد الذي خصصته المدرسة لفئة من الطلاب الذين يعانون من اضطرابات التوحد، يتميز الصف بوجود بطانة من الإسفنج والجلد على الحائط والحواجز، كما أنه مقسم إلى تسعة أركان هي ركن التدريس الفردي وركن العمل الاعتمادي وركن الحاسوب، كذلك ركن الحلقة الصباحية وركن التلفاز واللعب إلى جانب ركن المطبخ والمهارات الحياتية، وكذلك ركن تنمية الحواس وركن التربية الفنية والعمل الجماعي، وهناك ركن خاص للمعلمات، علماً بأن الصف مزود بمعدات وأجهزة حديثة منها السبورة الذكية والحاسوب والتلفاز وأجهزة المساج والثلاجـة وكذلك مبرد الماء الكولر إلى جانب الألعاب التعليمية وغيرها. ليس هذا هو الصف الوحيد الموجود بمدارس البحرين الحكومية، بل هناك تسعة صفوف أخرى موزعة على تسع مدارس هي: مدرسة الروضة الابتدائية للبنين ومدرسة بدر الكبرى الابتدائية للبنين، إلى جانب مدرسة سعد بن أبي وقاص الابتدائية للبنين، ومدرسة أم الحصم الابتدائية للبنين ومدرسة سار الابتدائية للبنين ومدرسة حسان بن ثابت الابتدائية للبنين ومدرسة سند الابتدائية للبنين، هذا إلى جانب مدرسة المستقبل الابتدائية للبنات ومدرسة بيت الحكمة الابتدائية للبنات، تضم هذه المدارس 53 طالبا وطالبة يعانون من اضطراب التوحد، وهم يدمجون دمجاً جزئياً مع الطلبة العاديين في مادتي اللغة العربية والرياضيات، وهناك 10 طلاب قد تم دمجهم دمجاً كلياً مع الطلبة النظاميين العاديين بسبب ارتفاع مستواهم الاكاديمي، وتسعى وزارة التربية والتعليم لبذل جهود كبيرة لدمج أكبر فئة من الطلبة الذين يعانون من التوحد مع أقرانهم الطلبة العاديين في السنوات المقبلة، حيث أن تجربة الدمج تكللت بالنجاح منذ بدايتها في العام الدراسي 2010/2011م والتي انطلقت من ثلاث مدارس حكومية (التجربة) هي مدرسة العلاء الحضرمي الابتدائية للبنين ومدرسة بدر الكبرى الابتدائية للبنين ومدرسة الروضة الابتدائية للبنين، بعد نجاح تجربة الدمج عممت على التجربة على سبع مدارس أخرى وبهذا أصبح عدد المدارس المحتضنة لطلبة اضطرابات التوحد 10مدارس حكومية مع بداية العام الدراسي 2015/2016م. جهود المعلم معلمة الطالب علي سمير بهمن هي الأستاذة منال العرادي التي لاحظت شغفه وحبه للرسم، ومدى اتقانه للرسم والفنون وبالتالي اعتبرته طالبا موهوبا في الرسم، وتقول الأستاذة العرادي بأنها بدأت سلسلة من الإجراءات كالمراقبة والملاحظة عن قرب ليتضح لها مدى اتقان الطالب للهواية التي يمارسها، بعد ذلك تقوم بدراسة حالة الطالب بالتعاون مع ولي الأمر، ثم تقوم المعلمة بتشجيع الطالب بكل الطرق والسبل المتاحة، لتنمية موهبته، لا يقتصر دور المعلمة في الصف التوحد على اكتشاف الموهبة وصقلها، بل تقع عليها مسؤوليات أخرى كتنمية الجانب المعرفي والأكاديمي فتضيف الأستاذة العرادي بأن طالب التوحد يخضع لتقييم شامل للمهارات الأساسية والكفايات وبناءً على هذا التقييم يتم وضع خطط فردية لكل طالب وكذلك جدول حصص ودروس يومية، تناسب مستواه الأكاديمي والمعرفي. فكل طالب له جدول خاص وحصص خاصة بحسب المستوى الأكاديمي والمعرفي، وهذه الحصص مرتبطة بالأركان فطالب التوحد له جدول حصص مغاير ومختلف عن الطلبة العاديين فيضم الحلقة الصباحية، والتدريس الفردي والمهارات الدقيقة وكذلك العمل الاعتمادي إلى جانب تنمية الحواس والتربية الفنية والعمل الجماعي وكذلك حصص الدمج الكلي والجزئي مع الطلبة العاديين، كما يتضمن جدول الحصص دروسا في اللغة العربية والرياضيات والعلوم واللغة الإنجليزية والتربية الإسلامية والاجتماعيات. هذا وتم اعتماد برنامج خاص لطلبة التوحد برنامج تحليل السلوك التطبيقي ABA حيث يتم تعليم طلبة التوحد بالبطاقات والمجسمات، تواصل الأستاذة منال العرادي حديثها عن تنمية الجوانب المتعددة لطالب التوحد بأن الطالب كذلك يتعلم المهارات الحياتية الأساسية كالتواصل الاجتماعي الذي يشمل السلام والكلام وتكوين علاقات الصداقة وغيرها إلى جانب غسل اليدين والوجه وكذلك تفريش الأسنان، وارتداء الملابس، تعليق الملابس وطيها، وتمشيط الشعر، إلى جانب تنظيف الطاولة والكرسي وكذلك النوافذ، وغيرها، لأن طلبة التوحد هم فئة تعاني من اضطراب يظهر عادة لدى الأطفال قبل السنة الثالثة من العمر، وهناك أنواع مختلفة من التوحد، وتختلف أعراض التَّوَحُّد من طفل إلى آخر، كما يؤثر على نشأة الطفل وتطوره بثلاث طرق هي اللغة، و كيفية التكلم، وكذلك يؤثر على المهارات الاجتماعية، أو كيفية الاستجابة للآخرين والتواصل معهم، وله تأثير على السلوك، أو كيفية التصرف في مواقف معينة. المصدر: أروى علي
مشاركة :