بعد انتظار أكثر من عقد، اقتربت منظمة التجارة العالمية من تحقيق أول تعديل في تاريخها لكتاب القواعد الخاص بها، وذلك بهدف تمكين الدول النامية من الحصول على أدوية مستنسخة دون الموافقة المسبقة لصاحب براءة الاختراع، لكن لا يزال عدد قليل من الأعضاء بحاجة إلى القبول رسميا بأحكام الملكية الفكرية الجديدة التي تتعامل مع جانب واحد من حرية الوصول إلى الأدوية. وعلى ثلثي الأعضاء "108 أعضاء من 162 عضواً في منظمة التجارة حالياً" أن يصادقوا على تعديل حول (تصدير الأدوية بموجب الترخيص الإلزامي) قبل أن يصبح التعديل نافذ المفعول، حيث إن الرقم المتحقق حتى الآن يشير إلى أن عدد الأعضاء الذين قبلوا التعديل يقترب من 108. والاقتراب من نصاب الـ 108 ليس صافياً بعد، إذ ظهر خلاف حول الطريقة التي يتم بها حساب العضوية في الاتحاد الأوروبي، وهذا أثار بدوره أسئلة أكثر حول متى سيتم الوصول حقاً وفعلاً إلى المصادقة رقم 108. ويحدث (الترخيص الإلزامي) عندما تسمح حكومة لجهة أخرى "دولة أو مؤسسة" بإنتاج المنتج المشمول بالبراءة، أو القيام بعمليات تتعلق بالإنتاج دون الموافقة المسبقة لصاحب البراءة، وهذا واحد من أوجه المرونة في تطبيق قوانين حماية براءات الاختراع المدرجة في اتفاق منظمة التجارة العالمية بشأن الملكية الفكرية – اتفاق تربس "الأوجه التجارية المتصلة بحقوق الملكية الفكرية". وقال، كيث روكويل، المتحدث باسم المنظمة، أمس، "نحن نفتقر إلى 11 عضواً فقط للوصول إلى ثلثي الأصوات المطلوبة، نتوقع من قطر وطاجيكستان التصديق قبل نهاية نيسان (أبريل) الجاري، وهو أمر سيتركنا بحاجة إلى تسعة أعضاء فقط". وكانت السعودية قد صادقت على التعديلات في أيار (مايو) 2012، بعد خمس سنوات ونصف من طرح التعديل على الأعضاء. وتعود قضية الترخيص الإلزامي لتصدير الأدوية إلى اتفاق منظمة التجارة عام 1994 حول "الأوجه التجارية المتصلة بحقوق الملكية الفكرية ـ اتفاق تربس"، الذي منح حيزاً من المرونة أتاح بموجبه للحكومات تجاوز بعض الحقوق المتعلقة بالبراءات، بما في ذلك المستحضرات الصيدلانية. لكن الاتفاق ينص أيضاً على أن أي استعمال لحق إنتاج منتج مشمول بالبراءة ينبغي أن يُستخدم فقط لتزويد السوق المحلية للدولة العضو التي تم منحها حق استنساخ الدواء، وهو ما سيمنع في العموم تلك الدولة من تصدير ما تستنسخه من أدوية محمية ببراءة الاختراع إلى بلد أكثر فقراً. وفي عام 2003، وافق أعضاء منظمة التجارة - تحت ضغوط من الدول النامية والفقيرة تتزعمها الهند - على تغيير القاعدة بحيث أصبح يمكن تصدير الأدوية بموجب الترخيص الإلزامي إلى البلدان التي لا تستطيع أن تصنع الأدوية بنفسها، وكانت الوسيلة القانونية لذلك التعديل كلمة (تنازل waiver) التي تم إدخالها على الاتفاق المبرم عام 1994. لكن التعديل اشترط استيفاء شروط معينة مثل ألا تكون التعبئة الخاصة للدواء وعلبة الغلاف مشابهة للدواء المحمي بالبراءة، ووضع علامات مميزة تشير إلى أن الدواء مستنسخ، وإخطار منظمة التجارة بالإنتاج وكمياته وشكل العلبة المستخدمة، كما تم سلب الدول المستنسخة للأدوية من إمكانية رفع دعاوى قضائية تتعلق بأحكام (تنازل) أمام منظمة التجارة. وبعد مرور عامين، وافق أعضاء المنظمة على تحويل (التنازل) إلى تعديل يتم إدخاله في إتفاق تربس. ورغم أن (التنازل) لا يزال قائما حتى يصبح التعديل نافذ المفعول، وليست هناك حاجة إلى تجديده، إلا أن المنظمة لا تزال تتفاوض منذ عام 2005 على إدخال "التعديل" للنظام القانوني، والسبب الرئيس لذلك أن تكون الأمور مرتَّبة قانونا، فـ (التنازل) هو تحريف للقواعد، و(التعديل) جزء من النظام القانوني.
مشاركة :