أنت بفطرتك التي فطر الله الناس عليها لا تحب الفساد، ولا الإفساد .. ومن أجل هذا أُنشئت هيئة مكافحة الفساد رأفة بالعباد. حينما قدمنا إلى هذه الدنيا، وتنفسنا أول هواء من أنوفنا، أطلقت أفواهنا صيحة هي بمثابة التوقيع الاول على دفتر الدوام.. إنه التوقيع بالحضور، ولا يعرف أحد متى يحين وقت التوقيع بالانصراف .! المولود في هذه الدنيا هو قادم جديد لهذه الدائرة أو تلك.. موظفون يملأون المكاتب.. ومراجعون مثل موج البحر أو (سيل الربوع)، ينسكبون في أسيابها ودهاليزها التي تفضي إلى مكاتب أصلية أو فرعية.. يدخلون من أبواب متفرّقة، تلتهمهم أفواه الأقسام ولا تلبث أن تلفظهم لأفواه أخرى أكبر أو أصغر.! طوفان من البشر يذرع هذا المكان أو ذاك، كأنهم بضاعة كاسدة زهيدة لا يرغب فيها أحد.! اسمهم (الموظفون في الارض)، أولئك الذين يخوضون صراعًا من أجل البقاء على أية حال.. آكل ومأكول وبينهما طازج أو (بائت).! في أي مكان لا يكفي أن تعرف خارطة الطريق، فليست كل الطرق سالكة، عليك أن تعرفَ من يعرفُ أحدًا.. إياك ثم إيّاك أن تحتقر أحدًا مهما بدا لك من مظهره، فما يدريك لعلك تقف في هذه اللحظات التاريخية وجهًا لوجه أمام الشاطر حسن.. أو الشاطر.. عَوض أو خلف ابن جلا وطلّاع الثنايا بعمامة أو بدونها.! تذكّر المثل القائل (يوضع سرّه في أضعف خلقه).! * * * من قال إن الإنسان كالسمكة يموت من فمه ؟! هذا خطأ شائع .. فليس كل أحد دائمًا يموت جوعا.. إننا نموت خجلاً.. ونموت عرقًا.. ونموت قلة حيلة ووسيلة.. بعضنا فقط يموت حياءً يا ولدي.!