أمجاد آل نصر لا أَتكلمُ عن رقةٍ وُصِفت بها الفتاة، ولا عن نعومةٍ هي كانت للحريرِ، ولا عن عذوبةٍ اتصلت بالماءِ بل عما هو أرقُ وأنعمُ وأعذبُ، فكيفَ نحافظ عليه فلا ينكسر؟ ونحميه من الخدوش فنُبْقِي على ملمسهِ الناعم. قال الله تعالى في محكم كتابه (إلاَّ مَـنْ أَتَـىَ الله بقـلبٍ سـليم) صدق الله العلي العظيم توجهتُ بِرُمحي نحو (القلب) وصوبته هدفا..القلب نورٌ وضياءٌ، عذوبةٌ وصفاءٌ.. كلٌ مِنَّا يملك قلباً.. لكن القليل مِنَا همْ الذين عَرِفوا حقه وأدركوا قيمته فلو أنَّنا عرفنا قيمته لما تجاهلناه وما أهملناه، بلْ عَلَىَ العكسِ، لتكفـَّل كُل واحدٍ منا بحماية قلبهِ، ولتعهدَ على حفظِ قلوب من حولهِ. إن للقلبَ بعدين.. أحدهما معنوي والآخرَ حسي.. فهو منبع تدفقُ الدم في العروقِ كما أنه مركزُ للعواطفِ وَالمشاعرِ والأحاسيسِ البشريةِ. وحمله هذين البعدين مع اختلافهما يعطيه تميُزاً في تكوينهِ (فسبحان خالقه) فلا بد لنا أن نكونَ أكثر حذراً في التعاملِ معه، فرقَّـتهُ لا تحتملُ القسوة ولا تقوىَ على الجفاءِ.. ونقاؤهُ لا يطيق الذنوبَ. وكلما كان القَلْبُ أكثر نقاءً وأكثر صفاءً حَكَمَ عليه ذلك بأن يكون أكثر تأثراً بما يجري حوله. ولعلنا نُدْركْ ذَلَكَ بوضوح بمجرد تصوّرنا للماءِ العذب الصافي، فلو أننَّا تركنا فيه نقطة من الحبرِ لوجدناه متلوناً بلونهِ، وسرعان ما انتقل اللون وسرعان ما بَاَنَ فيه، على العكسِ تماماً فلو أننَّا تعاملنا بنفسِ الطريقةِ والمنطقِ مع ماءٍ ملوث, لما كانت لنقطةِ الحبر أن تبرزَ في لونهِ أثرها إلا بجزءٍ يسير. كَذَلِكَ هي القلوب فكم هو صعبٌ التأثير في قلبٍ نُسِجَتْ فيه الشوائبُ شِبَّاكَهَا، وما الشوائبُ إلا جسم غريب اتصلَ بالقلبٍ رغماً عنه، فليست هي القرين المناسبَ له ولا الصديقُ الملائم. فالقلبُ صديق الروح ولا غنى للقلب عنها ولا الروح تهدأ يوماً والقلب غير مطمئن. وإن المبدأَ الذي يقرنُ بين الروحِ والجسدِ أَجِدهُ مبدأ خاطئاً فأي رابط عجيب هو الذي بين عالم الملكوتِ وعالم المادياتِ. وُجـِد عالم الماديات ليكون في خدمةِ العالم الأعلى فهو بالنسبة له العالم الأدنى ولا ارتباط بين الجبلِ وَالسهلِ وإن كانا متصلين «الاتصال يمكنهما من أداء الوظيفة فقط» وكُل من يربطُ بين العالي (الرَّوحُ القادمةُ مِنْ الملكوتِ) بما هو أدنى (العالم الأدنى- عالم الدنيا والماديات) هو يساوي بينهما ويكون بذلك قد ألغى وظيفتهما المرجوة! للقلبِ جمال لا أكادُ أصفه.. أنهرٌ جار هو؟ أم حديقة مُلئت زهوراً؟ بل إنه أرضٌ خصبةٌ يانعة الثمار..! ولو تأملنا للحظات في (الحب ومسكنه) لوجدنا الحب قد اختص بِسَكَنِه القلب فامتَازَ بِذلك على غيرهِ من الصفاتِ التي ما اختص أيِّ مِنها بمسكنٍ محدد.. وهنا يحلو للتأملِ السؤال.. إن كان هذا شرفا للقلبِ أم تاجا للحب؟؟ وللختام همسة في آذانِ القلوب.. (اعتنوا بِقلُوبكم ولتكونوا أكثر رقة في التعاملِ معها ولتحرصوا على ألا تؤذوا قلوب من حولكم).
مشاركة :