صدرت في الآونة الأخيرة تحذيرات عديدة من الاستخدام الخاطئ والمتكرر للمضاد الحيوي الذي يؤدي إلى نتائج عكسية، ومن حين لآخر تتكشف العواقب الوخيمة لذلك سواء لدى الأطفال أو البالغين؛ ومن أحد الآثار السلبية ما ذكرته دراسة حديثة من كلية الطب جامعة أثينا باليونان، هو أن إعطاء الطفل المضاد الحيوي بصورة متكررة خلال الـ3 سنوات الأولى من عمره، يعرضه لظهور مقدمات مرض السكري وهي الحالة التي تتطابق فيها الأعراض مع بعض المعايير الدالة على الإصابة بالمرض، وتكون فيها معدلات السكر بالدم تفوق المعدل الطبيعي ولكنها دون المعدل الذي يشخص عنده بأن الإنسان مريض بالسكري- أي أن يكون على حافة الإصابة بالمرض. يقول الباحثون إن زيادة استخدام المضادات الحيوية في تلك المرحلة العمرية المبكرة يحدث خللاً بالمستعمرات البكتيرية داخل الأمعاء ويؤدي إلى تراجع أعداد النافع منها، كما أنه يؤثر في عملية امتصاص المغذيات وفي عملية الأيض فتظهر لدى الطفل في مرحلة المراهقة أعراض مشابهة لأعراض مرض السكري وهي المقدمات التي تسبق الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، خصوصاً وأن 30% ممن لديهم مقدمات المرض يصابون به حقيقة خلال الـ5 أعوام التالية ما لم يتم تعديل نمط الحياة اليومي لمنع ذلك. قام العلماء بالبحث في العلاقة بين ميكروبات البطن ومقدمات مرض السكري، وذلك بفحص الاختلافات بينها لدى مجموعة من المراهقين الذكور والإناث تتراوح أعمارهم بين 12-17 عاماً، وتم فحص عينات البراز لـ 10 منهم ممن لديهم مقدمات السكري، ولـ 14 من المجموعة السليمة، وكانت المجموعة الأولى - من لديهم مقدمات المرض - قد خضعت للعلاج بالمضادات الحيوية لأكثر من 3 مرات بالعام الواحد خلال الـ3 سنوات الأولى من عمرهم، وتبين بعد الفحص أن لهذه المجموعة تدنياً بأعداد المستعمرات البكتيرية من فصيلة رومينوكوكوس أحد أنواع البكتريا النافعة التي تعيش بالأمعاء، وتوصل العلماء إلى أن نقصها أدى إلى مقدمات مرض السكري لدى أولئك المراهقين. يقول الباحثون إن المضادات الحيوية يجب استخدامها فقط عند الضرورة لتأثيرها السلبي في ميكروبات الأمعاء التي يتجاهلها كثير من الأطباء وهم يصفون للمريض العلاج والذي يتعارض أحياناً مع تلك الكائنات الدقيقة، وينصحون بتناول البريبيوتيك والبروبيوتيك لكونهما يحتويان على البكتريا النافعة وذلك لتعويض الفاقد بالأمعاء وإعادة توازن البكتيرية بها.
مشاركة :