العربية أو لغة الضاد، تعد من أصعب اللغات في العالم إذا ما تعمقنا بمعانيها وقواعدها ورصانتها، أما اليوم فباتت تعاني من التراجع في زمن قرصنة اللغات الأخرى، وعلى رأسها اللغة الانجليزية التي أصبحت تعرف بلغة تخاطب شعوب العالم، فأصبحت لغة أساسية بجانب العربية حتى إنها بدأت تتخطاها، فالأسرة العربية تركز على تنشئة طفلها على تعلم الانجليزية أكثر من لغتها وتعتبره سابقاً لعمره إذا أتقنها. من هنا باتت لغتنا الجميلة على حد وصف عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين في خطر يهدد كيانها وبدأت بالاندثار حقاً، وهذا ما يستوجب حلاً جذرياً لإعادة العربية لمكانها وتنصيبها على عرش اللغات حتى لو أصبح العالم أجمع أجنبياً بالإنجليزية في حديثه وتواصله. وعندما بدأت رياض الأطفال بتدريس الصغار، وهي المرحلة الأولى للتعليم، كانت الانجليزية هي اللغة الأساسية في التعليم، وفي ظل تراجع العربية أقام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، سداً منيعاً لحفظ العربية وأطلق مبادرة لغتي لتعلم العربية بوسائل إلكترونية حديثة، حيث عزفت المبادرة على الوتر الحساس للأطفال وهو حب الوسائل الإلكترونية الحديثة التي أصبحت رفيقاً دائماً لهم، ولتعزيز اللغة العربية وتعلمها من خلال احدث الوسائل والبرامج العصرية وتهيئة البيئة المدرسية الملائمة للابداع باللغة العربية، في مبادرة هي الأولى من نوعها في الوطن العربي. كيفية التعامل فانطلاق مبادرة لغتي في العام 2013 في رياض الأطفال جاءت من أجل ترسيخ اللغة العربية في القلوب قبل العقول، ولحفظ وتخليد العربية وأن يكون لدى الصغار جهاز لوحي يدعم العربية ويشجع على حفظها ودراستها، وطرح فكرة حصول كل طالب على الجهاز يعنى بالعربية وتدريسها بعد أن لوحظ تراجعها، كما أن المادة التي تُعطى للطلاب غير محببة وتقدم لهم بطريقة تقليدية قديمة في قالب التلقين، حيث تندرج هذه المبادرة ضمن مبادرات صاحب السمو حاكم الشارقة، الرامية إلى تطوير قطاع التعليم في الإمارة والمحافظة على العربية وتحبيبها إلى الأطفال بطريقة عصرية علمية مبسطة وتمثل استجابة تربوية وعلمية لمتطلبات التطور في أساليب التعليم التي تؤسس لمجتمع المعرفة وتسهم في الارتقاء بمخرجات التعليم. وبما أن التطور التكنولوجي دخل البيوت رغماً عن أصحابها وبدأ يشكل الرفيق الدائم خاصة للأطفال وباتوا يعرفون أدق تفاصيلها ظهرت الحاجة لإيجاد شركة تفهم وتستوعب ما يحتاجه الطفل، فقامت مجموعة كلمات وشركة حروف بدراسات وأبحاث لمعرفة ما يحبه الطفل، وكانت النتيجة هي لغتي والتي تم تطبيقها على رياض الاطفال كمرحلة أولى، كان خلالها توزيع الاجهزة اللوحية في إمارة الشارقة حيث كانت البداية من مركز تطوير رياض الاطفال في خورفكان، كما تضمنت هذه المرحلة تدريب المعلمات على كيفية التعامل مع الأجهزة وتحقيق أعلى درجات الاستفادة، ولتعريفهن بالبرنامج وتحويل محتوى البرنامج لمادة تثري اللغة العربية فحقق نتائج ايجابية كبيرة لهن كونه نظام إلكتروني مختلف تماماً عن أساليب التدريس القديمة، حيث استفادت 232 معلمة من هذه الورش التدريبية، ثم امتد النطاق لتغطية جميع رياض الأطفال بالإمارة وتوزيع الاجهزة اللوحية عليها كافة، بتكلفة بلغت 17 مليون درهم لشراء الأجهزة وكافة مستلزماتها. مخرجات التعليم أكدت بدرية آل علي مديرة المبادرة عمل استبيان لمعرفة نتائج وكم الاستفادة من المرحلة الأولى، وما حققته من ايجابيات، ولمعرفة مدى التغير الذي حصل لدى الأطفال والمعلمين، ومعرفة نسبة نجاح المبادرة، وأظهر الاستبيان أن عدد المرات التي يتم فيها توظيف تطبيق حروف لمبادرة لغتي من 3 إلى 4 مرات في الأسبوع ما يعني رغبة المعلمات في استخدام أساليب ذكية في تعليم الأطفال وخدمة محتوى برنامج حروف المعد خصيصاً لمرحلة رياض الأطفال للمنهج. وجاءت الإجابات للعينة العشوائية بنسبة 95.12% بأن تطبيق حروف يلبي مخرجات التعليم، وكانت التعليقات بأنه يتلاءم مع المرحلة العمرية للطفل، ويدعم التعلم الذكي ويطور مهارات الطالب في جو من المرح والمتعة والتحدي. وأن التطبيق مصمم بطريقة جذابة وينمي الحصيلة اللغوية والمعرفية لدى الأطفال ما يؤكد أن المبادرة تصب في الطريق الصحيح وتعزز من حب اللغة العربية لدى الطفل. وعند السؤال عن مدى صلة التطبيق بالمنهج الدراسي، جاءت النسبة 97.56% بأنه ذو صلة قوية بالمنهج، ما يدل على أن تطبيق حروف يخدم المنهج الموضوع لرياض الأطفال ويصلح أن يكون جزءاً منه، وعند الاستفتاء عن صعوبات التعلم التي ساهم تطبيق حروف في تخطيها وجدنا الإجابات أن التطبيق ساهم في تثبيت الحرف عن طريق الألعاب، وقراءة الحروف والجمل القصيرة لدى الأطفال، وتعديل نطق الأطفال لقراءة الحرف وكتابة الكلمات، وتميز الحروف وزيادة مستوى الوعي الإدراكي لدى الطفل، وزيادة مهارات الاستماع، وتوفير الوقت والجهد لدى المعلمة في استخدام وسائل ذكية تتناسب مع الجيل الجديد. بالإضافة إلى ذلك وجد أن تطبيق حروف يخدم جميع المستويات الفكرية لدى الأطفال سواء الضعيف، أو المتوسط أو الممتاز، وذلك من خلال محاكاة برامج التطبيق لكافة المستويات سواء من خلال التراكيب، أو القصص المطروحة أو التلوين أو الأناشيد المبتكرة. وبالنسبة لتقييم محتوى تطبيق حروف من قبل المعلميين المعنيين بالاستفتاء فقد جاءت النسبة الأعلى ممتاز 58.54% مما يدل على أن البرنامج يساعد المعلم في العملية التعليمية والتربوية ويحقق الرسالة المرجوة من إيجاد وسائل ذكية لجذب الطفل للغة الأم وإبداعه فيها. بيئة جاذبة ووجد من خلال تحليل الاستفتاء أن النسب جاءت متشابهة ومتقاربة في ترتيب المحتوى التعليمي لتطبيق حروف بين مقاطع الفيديو والقصص التفاعلية وأوراق العمل وعالمي الخاص، ما يؤكد أن التطبيق متكامل من جميع النواحي الحسية والحركية والسمعية البصرية للطفل، ومدى تفاعل المعلم وسهولة تعامله مع جميع عناصر التطبيق، وعن مستوى التقييم لأوراق العمل في تطبيق حروف جاءت النسب متقاربة بين المتوسطة والسهلة ما يعني مراعاة القائمين على التطبيق لمستوى الطفل في رياض الأطفال ومعرفة حاجاته في تلك المرحلة من التعليم. وثبت من خلال العينة العشوائية أن مبادرة لغتي وتوظيف تطبيق حروف جاء خادماً للعملية التعليمية ومثرياً لها، وأن التطبيق المعد للمرحلة العمرية وهي رياض الأطفال جاء مناسباً جداً لكلا الطرفين المعلم والطالب، وأن المبادرة ساهمت في خلق بيئة جاذبة للمعلم للتفاعل مع معطيات العصر وزيادة الحصيلة اللغوية لدى الطفل والقدرة على التواصل وتوسيع المدارك الفكرية له، وتهيئة البيئة الصالحة للنشء العربي وترسيخ هويته. وأضافت بدرية آل علي بعد الانتهاء من المرحلة الأولى والتأكد من تحقيق الاستفادة للمبادرة والتي استفاد منها 5060 طالباً و232 معلمة في 29 مدرسة، بدأ العمل من أجل المرحلة الثانية التي تشمل طلاب الصف الاول حيث يستفيد منها 49 مدرسة و2959 طالباً وطالبة و129 معلمة، كما استفاد 250 معلماً ومعلمة من الدورات التدريبية في مدارس الشارقة والمنطقة الشرقية، حيث بلغت تكلفة هذه المرحلة 15,5 مليون درهم. وانطلقت هذه المرحلة برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، خلال زيارته مدرسة وادي الحلو للبنين ومدرسة الحصّين للبنات في منطقة وادي الحلو، والتي تضمنت توزيع الأجهزة مجاناً على طلبة ومعلمي مدارس الإمارة الحكومية، وضواحيها، وبلغ إجمالي المستفيدين من المبادرة ما يقارب 25 ألف طالب وطالبة من مختلف المراحل الدراسية (رياض الأطفال إلى الصف الخامس) إضافة إلى 1000 معلم ومعلمة في 80 مدرسة. اختلاف مستويات المعلمين قامت المبادرة بتخصيص لجنة دعم تقوم على متابعة الأعطال التي تحصل في الأجهزة اللوحية، حيث يتواجد الفريق في الإمارة ويتم التوجه فوراً إلى المدرسة التي تقوم بالإبلاغ عن وجود حالات أعطال في الأجهزة الفنية منها فقط.
مشاركة :