حين يسلم المثقف رأسه للعامة! - يوسف المحيميد

  • 4/17/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لعل أصعب ما يمكن أن يتعرض له المثقف العربي من اختبار حينما يكون الموقف الصحيح الذي يجب اتخاذه مغايراً لمواقف العامة والدهماء، مما يعني الحاجة إلى شجاعة نادرة، وأن يستقبل بصدر عار الحملات العشوائية من السخط العام، والتخوين، والاتهام ببيع الضمير مقابل حفنة من المال، وتزداد الحملة شراسة حين يكون الموقف والقرار المتخذ من قبل سياسي على سدة السلطة في بلد ما، كما حدث للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، حول قضية جزيرتي «صنافير» و»تيران» السعوديتين، حينما تم توقيع تعيين الحدود البحرية مع السعودية. لقد كان الرئيس هادئاً ومتزناً، وهو يصرح حول هذا الأمر، وفيه أمران مهمان أشار إليهما، الأول أن هذا الموضوع لم يتم تداوله من قبل حتى لا نؤذي الرأي العام في البلدين - حسب وصفه - ومراعاة للظروف السياسية والأمنية وتولي مصر مسؤولية الحفاظ على هاتين الجزيرتين ولتداعيات حرب 1967، ثم السلام، ثم معاهدة السلام وما لها من حساسيات. أما الأمر الثاني فهو أمر مهم للاقتصاد المصري، ويعني أن تعيين الحدود يتيح لمصر التنقيب في المياه الاقتصادية التي تتبعها، وهو ما حدث لمصر من اكتشاف حقل الغاز بعد تعيين الحدود مع قبرص، وكذلك مع اليونان، بمعنى أن تعليق الأمر ليس في صالح مصر ولا السعودية، فضلاً عن أن هذا الأمر خضع لدراسات ومراجعات واجتماعات لسنوات من قبل لجان في وزارات الخارجية والدفاع والمخابرات العامة في كلا البلدين. ولعل أفضل ما قامت به وزارة الخارجية المصرية هو قيامها بالإفراج عن وثائق تثبت أن السعودية تمتلك هاتين الجزيرتين، من خلال مكاتبات عديدة جرت بين مصر والأمم المتحدة من جهة، وبين الرياض والقاهرة من جهة أخرى على مدى العقود الستة الماضية. إن ما يثير الانتباه هو ردود الفعل من قبل شخصيات عامة لها أهميتها، كصاحب (عزازيل) الروائي يوسف زيدان، الذي أزعجه نشر الخارجية المصرية مثل هذه الوثائق، واعتبرها مكاتبات ووريقات لا يعتد بها، وطبعاً كعادة المثقفين العرب، شتم في معرض شتائمه السيد النفط، وأكمل ذلك بوصف لم أتخيل إطلاقاً أن يصدر عن شوارعي، فضلاً عن باحث وروائي، حين وصف الجسر الذي سيؤثر بشكل إيجابي كبير على اقتصاد البلدين، بالذات مصر، بأنه جسر ملذات، وهي رؤية ساذجة لمن لا يفهم أبجديات الاقتصاد قبل أبجديات السياسة، والقوانين الدولية. كم من المخزي أن يسلم المثقف رأسه للعامة، وألا يكون موضوعياً وعلمياً، وأن يفتعل بطولة مجانية لا قيمة لها، أمام الحقائق والمواثيق والأعراف الدولية، خاصة حينما يعلن بطريقة عاطفية فجة على غرار الكيتش أو السنتمنتالية بقوله: «إن هاتين الجزيرتين مصريتان، وسوف أدفع ثمن هذا الكلام باهظاً، وربما يعالجونني بعملية جراحية عاجلة، تستأصل من قلبي حبه لهذا الوطن!» انتهى. لا تعليق! مقالات أخرى للكاتب المسؤولية الاجتماعية كما نفهمها! زيارات محورية وحراك دبلوماسي مسؤول دعم توطين وظائف الاتصالات..! متى تتنفس ميادين الرياض؟ المرأة حين تحلِّق بجناحي حلم!

مشاركة :