سباق محتدم بين الدول لاستقطاب الرُحل الرقميين وإقناعهم بالاستقرار

  • 5/20/2024
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يقول خبراء الضرائب، إن كثيراً من الدول تتسابق اليوم على إطلاق تأشيرات «الرُحل الرقميين» بشكل متزايد لجذب العاملين عن بُعد في الشركات، حيث تحاول الحكومات التفوق على بعضها البعض في سباق عالمي محتدم لاستقطاب المواهب. وقدمت دول عدة نماذج لتأشيرات الرُحل الرقميين تسمح للفرد بالإقامة في بلد ما والعمل عن بُعد، منذ أن أدى الوباء إلى زيادة إقبال الموظفين على «العمل من أي مكان». ومصطلح «الرُحل الرقميين» يشير إلى الموظفين المستقلين الذين يتجولون عبر البلدان، أو يعملون من حاسوبهم الشخصي على الشواطئ، لكن هؤلاء الرُحل الرقميين المستقلين لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من المجتمع بأكمله. وعلى الرغم من زيادة أعدادهم بأكثر من 50% منذ الوباء، بحسب بيانات شركة «إم بي أو بارتنرز»، إلا أنهم لا يندرجون ضمن الفئة الرئيسية التي تسعى الحكومات لاستقطابها، حسبما أفاد خبراء في مجال العمل بالخارج لصحيفة فاينانشال تايمز. وقال غوانزالو هول، الرئيس التنفيذي لشركة «نومادكس»، وهي شركة استشارية للعمل عن بُعد تقدم المشورة للحكومات بشأن إنشاء مجتمعات الرُحل الرقميين: «من المفارقة أن تأشيرة الرُحل الرقميين ليست مخصصة لهم فقط»، مضيفاً: «تنظر معظم الحكومات إلى هذه التأشيرات كوسيلة لجذب العاملين عن بُعد بقصد تشجيعهم على الاستقرار والحصول على الإقامة الدائمة في بلادهم». وخلال عام 2023، بلغ إجمالي عدد الرُحل الرقميين الأمريكيين نحو 17.3 مليوناً، منهم 6.6 ملايين فقط يعملون لحسابهم الخاص، بحسب بيانات شركة «إم بي أو بارتنرز». ويشمل الاستطلاع الأمريكيين فقط، الذين يُعتقد أنهم يشكلون النسبة الأكبر من الرُحل الرقميين من حيث الجنسية، ولا يستحوذ العاملون عن بُعد ذوي الرواتب على وظائف السكان المحليين، ويساهم نشاطهم الاستهلاكي في اقتصاد البلد المضيف. وأوضح هول، أن البلدان تتبنى المصطلح الشائع الرُحل الرقميين، ولكن في الوقع يجب تسمية التأشيرات بـ «تأشيرات العاملين عن بُعد». وفي الشهر الماضي، أصبحت إيطاليا أحدث دولة تقدم تأشيرة للرُحل الرقميين، لتنضم إلى دول أوروبية عدة، منها البرتغال، وإستونيا، واليونان، ومالطا، وإسبانيا، بهدف جذب عدد متزايد من القوى العاملة عن بُعد عالمياً. وصرح «بالاس مودست» لدى هيئة «إنتربرايس إستونيا» الحكومية، قائلاً: «تأشيرة الرُحل الرقميين مصممة لاستقطاب العاملين عن بُعد الذين يتقاضون الرواتب، وليس فقط رواد الأعمال والموظفين المستقلين». وتقتصر التأشيرات على غير الأوروبيين، وتم إصدار قرابة 600 تأشيرة منذ إطلاق البرنامج في أغسطس 2020، لكن بشكل عام تقدر الحكومة أن 51 ألفاً من الرُحل الرقميين زاروا إستونيا في العام 2023، منهم أوروبيون ممن لا يحتاجون إلى تأشيرة. وتم تقديم برامج مشابهة في الإمارات وبربادوس، والبرازيل، والرأس الأخضر، وكوستاريكا، وموريشيوس وغيرها من الدول. ورغم عدم وجود إحصاءات رسمية عن عدد الدول التي قدمت التأشيرات، يشير خبراء الضرائب إلى مصادر جمعها الرُحل الرقميون، مثل موقع «nomadgirl.co»، والتي تقدر أن هناك الآن 58 دولة تقدم هذه التأشيرات. وأوضحت جورجيا مافيني، خبيرة الضرائب لدى شركة «بي دبليو سي» في المملكة المتحدة، أن بعض الدول التي تقدم تأشيرات الرُحل الرقميين غالباً ما تكون «أقل قدرة على المنافسة» في جذب العمالة الأجنبية، مشيرة إلى كوستاريكا وكرواتيا وإندونيسيا كمثال.وقال ستيف كينغ، الباحث لدى شركة «إم بي أو بارتنرز» ومقرها الولايات المتحدة: «تنظر العديد من الدول إلى الرُحل الرقميين العاملين في وظائف تقليدية على أنهم سياح ينفقون الأموال محلياً، لكنهم لن يشغلوا وظائف محلية أو يشكلوا عبئاً على الخدمات الاجتماعية المحلية». ومع ذلك، غالباً ما يواجه العاملون عن بُعد صعوبات في التنقل في ظل عقبات النظام الضريبي الدولي، حيث إن اللوائح لم تكن مصممة للقوى العاملة كثيرة التنقل. وبالنسبة للشركات، يكمن الخطر الرئيس في إمكانية اعتبار الدولة التي يعمل فيها موظفوها عن بُعد بمثابة فرع تجاري فعلي، أو «منشأة دائمة» للأغراض الضريبية، ويفرض ذلك التزامات على الشركة بالإقرار الضريبي، ما يعني خضوع جزء من أرباحها للضرائب في الدولة التي يعمل فيها الموظف. كما قد يخضع العاملون عن بُعد لضرائب الدخل والضمان الاجتماعي على الأرباح الناتجة أثناء العمل في الخارج، وقد ينتهي بهم الأمر إلى دفع ضرائب في أماكن عدة، ما يعرض صاحب العمل أيضاً للمسؤولية. وتقوم العديد من الهيئات الحكومية الدولية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، والأمم المتحدة، بدراسة طرق لتسهيل الأمر على الشركات والدول. وفي فبراير الماضي، اقترحت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية، فرض ضرائب على الموظفين عن بُعد في البلد الذي يقيم فيه صاحب العمل، مع تقاسم بعض الإيرادات الضريبية مع البلد الذي يقيم فيه الموظف. ويحذر الخبراء من مخاطرة بعض الدول بفقدان الإيرادات الضريبية مع انتقال العمالة، خصوصاً عند انتقالهم إلى بلدان ذات معدلات ضريبية أقل. وقال غرانت واردل جونسون، مسؤول السياسة الضريبية العالمية لدى «كيه بي إم جي»: «المشكلة مع دول مثل المملكة المتحدة، هي اعتمادنا الكبير على العمالة، والمناخ لدينا ليس رائعاً، لذلك، فإن الاتجاه نحو العمل عن بُعد قد يؤدي إلى انتقال الكثير من العمالة إلى دول مثل اليونان، ما قد يقوض قاعدتنا الضريبية». وتعد هذه المخاطر محدودة حالياً، حيث تشير التقديرات التقريبية لصندوق النقد الدولي في عام 2022، إلى أن الزيادة في العمل عن بُعد لا تعيد توزيع سوى نحو 40 مليار دولار من ضرائب الدخل التي يدفعها العمال عالمياً، ويمثل ذلك 1.25% فقط من قاعدة ضريبة الدخل عالمياً. وتظهر أن الإيرادات المحتملة المفقودة أو المكتسبة عبر البلدان تتراوح بين 0.1% و0.2% من الناتج المحلي الإجمالي. ووفقاً للبحث، تستفيد الاقتصادات الناشئة الصغيرة «ذات المعدلات الضريبية الأقل من المتوسط والقدرات الجيدة على العمل عن بُعد» أكثر من هذا الاتجاه، ما يبرز احتمالية وجود فائزين وخاسرين من الضرائب. وأشار دينو جانغرا، الشريك لدى شركة «كرو»، إلى أن «ضريبة الأجور هي أكبر الإيرادات في معظم الدول، وإذا بدأت في رؤية مغادرة الكثير من المواطنين بلدك، فستكون هذه مشكلة». ومع ذلك، فقد تباطأ معدل نمو العمل عن بُعد أخيراً. ووفقاً لشركة «إم بي أو»، لم يزد عدد الرُحل الرقميين الأمريكيين سوى بنسبة 2% فقط في العام الماضي. تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز كلمات دالة: FT Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :