على غرار البلدان المتقدمة، يحاول عدد من الفنانين الشباب التونسيين من ثورة 2011، تكريس تقاليد جديدة لموسيقى الشارع بتنظيم حفلات وتظاهرات مفتوحة بكل جهات الجمهورية، وتقديم منتوجهم الفني أمام جمهور من المارة، وبعث روح جديدة في شوارع البلاد وأزقتها. هذا الفعل الثقافي الذي تفاعل معه واستساغه تونسيون، لم يرق لرجال الأمن الذين شرعوا في ملاحقة الشبان المبدعين في الشوارع والتضييق عليهم بحجة الحفاظ على الأمن. وتناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أخيراً، خبر قيام رجلي أمن باقتياد العازف التونسي الشاب وسام عمراني، وأعضاء مجموعته الموسيقية «الفن سلاح»، إلى مركز الشرطة، حيث أجبروهم على توقيع تعهّد بعدم العزف في الشارع مرة أخرى. وقام العازف ومجموعته إثر ذلك، بنشر فيديو لهم وهم في صدد العزف بأحد الشوارع على صفحتهم على «فايسبوك»، في تحدّ لرجلي الأمن اللذين قاما بمنعهما. وأطلق العازفون هاشتاغ «من حقي نعيش الفن»، للتعبير عن تحدّيهم كل الجهات التي تحاول منعهم من ممارسة نشاطهم التثقيفي والترفيهي من دون سبب يُذكر. وكتب العازف وسام العمراني، تدوينة على صفحته على «فايسبوك» جاء فيها: «أنا كمبدع، من حقي أن أعيش الفن وأستمتع به، لكن يبدو أن الممارسات البوليسية الدنيئة والرديئة والرجعية لم ولن تستثني أحداً». وأضاف: «نحن ندين هذا التضييق غير المبرر لحرية التعبير الفني في الشارع، وسنعمل من أجل تكريس إبداع ملتزم بالدفاع عن حقوق الإنسان في شموليتها، بخاصة ما يتعلق منها بحرية الإبداع الفني والفكري». وعلى إثر هذه الحادثة، قررت مجموعات موسيقية شبابية عدة تنظيم تظاهرة فنية متنوّعة تحت تسمية «من حقي نعيش الفن». وتقدّم هذه التظاهرة التي ستنظّم يوم السبت في 21 أيار (مايو) المقبل، عروضاً للموسيقى والمسرح والفنون التشكيلية وشعر السلام في أحد المقاهي الثقافية، التي باتت تنتشر في تونس العاصمة. وسيشارك في التظاهرة الفنان الملتزم ياسر الجرادي، ومجموعات: «الفن سلاح»، «الكلمة الحرة»، و «الغنجا أفركيا». وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد شوكات، برر اقتياد العازفين إلى مركز الشرطة، بالقول أنهم أقلقوا راحة السكان. غير أن تصريحاته أثارت استنكاراً وجدلا واسعاًً، خصوصاً على المواقع الاجتماعية. وكتب الصحافي في جريدة «الشروق» التونسية نجم الدين العكاري، في رده على شوكات قائلاً: «العازفون يستعملون آلات بسيطة من دون مضخمات صوت، ولا يتجاوز صداها بعض الأمتار، ولا يعلو صوتها على أصوات السيارات والحافلات والمارة، فقل خيراً أو اصمت أيها الناطق القادم من دول الغرب، التي يعزف شبابها في الشوارع فينشرون الفرح ولا يقتادون إلى مخافر الشرطة». المرشحة السابقة للانتخابات الرئاسية القاضية كلثوم كنو، تفاعلت أيضاً مع هذه الحادثة، فكتبت على صفحتها على «فايسبوك»: «لا لمنع أبنائنا من ممارسة الفن في الساحات العمومية، فالشعوب الحية والمتحضّرة هي التي تحترم الفن وتعتبره غذاء للروح وتشجّع مواطنيها على ممارسته». وأطلق عازفون شبان حملة على مواقع التواصل تحت عنوان «سيب الفن، الشارع فن»، ونشروا صوراً وفيديوات لهم وهم يعزفون في الساحات والشوارع، في تحدّ لعصا البوليس التونسي الذي يحاول قمع تعبيرهم الفني النبيل.
مشاركة :