الحارات العمانية القديمة تراث حضاري وثقافي عابر للأجيال

  • 5/21/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عمان - العمارة ليست مجرد بناءات للسكن، إنها منظومات ثقافية واجتماعية يتداخل فيها الديني والاقتصادي والتاريخي وغير ذلك من عوامل محلية تؤسس لشكل المعمار وطرق إنشائه. وتزخر سلطنة عمان بمعمار خاص يؤكد عراقتها الحضارية وبصمتها الثقافية المختلفة عن غيرها، وتتميز حاراتها القديمة مثلا بالتناغم والخصوصية بين البيوت، التي غالبا ما تكون منفصلة بحيث تُترك مسافة مترين تقريبا بين كل بيت وآخر، بينما تتشبع بالطراز الإسلامي الذي يميز العمارة العربية. الكتاب يرصد تفاصيل من الحارات العمانية القديمة التي تنفرد بتراث حضاري عريق يزخر بثقافة وتاريخ وموروثات متأصلة الكتاب يرصد تفاصيل من الحارات العمانية القديمة التي تنفرد بتراث حضاري عريق يزخر بثقافة وتاريخ وموروثات متأصلة وفي إطلالة على ميزات هذه العمارة يلقي الكاتب محمود بن خليفة بن سالم البيماني في كتابه “محلة الخضراء.. ولاية بهلا” نظرة على أحوال الحارات العُمانية القديمة في عموم عُمان، والتي تنفرد بتراث حضاري عريق، يزخر بثقافة وتاريخ وموروثات متأصلة، تبين مدى علاقة الإنسان ببيئته ومجتمعه ووطنه، ويحتفي أيما احتفاء بالمفردات البشرية التي أسهمت إسهاما محوريا في الحفاظ على الموروث والثقافة على مر العصور. وتشكل الحارات العمانية القديمة خصوصية مثالية لارتباط المواطن العُماني بأرضه وثقافته الراسخة، حيث العمق التاريخي الفريد، وهو ما نكتشفه في الجولة التي يخوضها الكاتب عبر شخصيات مختلفة. وجاء الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن ضمن منشورات الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء، في 142 صفحة من القطع المتوسط، مفصلا القول عن المحور البشري، استكمالا لحديثه في الجزء الأول من كتاب الحارة العمانية، والذي ركز على المكان (الحارة والمحلة)، والسلوك (العادات والتقاليد)، متناولا عددا من الشخصيات والأعلام من مجلة الخضراء بولاية بهلا، وهم الشعراء والفقهاء والقضاة وأصحاب المراجع العلمية والتاريخية، مع ذكر نموذج التعليم في مدرسة القرآن الكريم. ويعتمد البناء على مواد محلية تتكيف مع البيئة المحيطة، بينما تمثل البيوت والمباني الأخرى كالمساجد والأزقة والمحلات وغيرها جزءا لا يتجزأ من العمارة الإسلامية المنتشرة في ربوع العالم الإسلامي. وتتكون البيوت القديمة من مواد محلية تتكون من أحجار القص وهو جيري يؤخذ من محاجر خاصة ويبنى بطين جيري يوضع عليه ماء لأكثر من أسبوع حتى يتخمر، ثم يلصق في هذا الحجر كالإسمنت. وجميع البيوت في مختلف ربوع عُمان كلها على الطراز الإسلامي، وتُصمم على حسب المستوى الاقتصادي للشخص، فإن كان مستواه ضعيفا تجد بيته مكونا من غرفتين أو ثلاث للجهة الجنوبية والجزء المتبقي منه يكون مفتوحا، وفي الخلف يكون المطبخ ودورة المياه مبنية من الحجر. يقول البيماني في مقدمة كتابه “هذا الجزء من الحارة العُمانية يتطرق إلى الجانب البشري في فتراته القريبة، نهاية القرن التاسع عشر والقرنين العشرين والحادي والعشرين، مع وجود شخصيات خارج هذه الفترة، ليُبرز زاوية مهمة عزف عن توثيقها الجيل الجديد بسبب مشاغل الحياة وملهياتها، فما كان منا إلا الشروع والانطلاق في التوثيق والسرد لهذا الإرث العظيم، قبل أن يغيب الموت من بقي من كبار السن الذين يحملونه”. أبواب تاريخية ويضيف البيماني “هذا الجزء من الكتاب لا يمثل كل الشخصيات الواجب ذكرها، وإنما كانت على أساس توافر المعلومات لدى الباحث، آملا من العلي القدير في الطبعات القادمة تحديث المعلومات عمن هم في هذه الطبعة، وإضافة شخصيات أخرى، كما أود أن أشير إلى أن هناك مجموعة من الشخصيات ما زالت على قيد الحياة، لها من العلم الحظ الأوفر والمكانة العلمية والأدبية العالية والإصدارات العديدة، قد اعتذرت عن إضافة أسمائها في هذا الإصدار تواضعا منهم في هذا الشأن”. ويتابع البيماني “حارة الخضراء هي بالتحديد المنطقة التي يحيط بها سور الحارة، وبها منازل ساكنيها، وقد تعارف الأهالي على ذلك الموقع بمصطلح ‘الحارة’، إلا أنهم في الوقت الحالي غادروها ولم يبق فيها إلا القليل من السكان، وذلك بسبب التوسع العمراني وتطور أساليب الحياة، وقد كانت المزارع والبساتين التابعة لهم تقع خارج ذلك السور، وتمتد تلك المزارع والبساتين من سور الحارة إلى سور المدينة ‘الواحة’، الكبير من الجانب الغربي، وإلى الحارات من الجوانب الأخرى، وبعضها يقع خارج سور المدينة ‘الواحة’، ويخرج الناس من الحارة إلى مزارعهم عند ارتفاع درجة الحرارة حيث يقيمون لهم مساكن مؤقتة من أجل جني التمور ‘التقييظ’، وحصاد المحصول ‘التصييف"”. ويختتم البيماني كتابه قائلا “وفي التاريخ الإنساني لمحلة الخضراء، ظهرت العديد من الشخصيات التاريخية والثقافية والعلمية التي كان لها تأثير مباشر أو غير مباشر في مفاصل الحياة عبر العصور، وبغض النظر عن نوع هذا التأثير، خيرا كان أو شرا، فإن العديد من تلك الشخصيات استطاعت أن تحفر أسماءها في التاريخ الإنساني”.

مشاركة :