رندة تقي الدين: تراجع الموقف الفرنسي إزاء قرار المحكمة الجنائية الدولية

  • 5/21/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كان يفترض أن يكون لفرنسا موقف ديغوليا اكثر استقلالي بعيدا عن الخط الامريكي المساند بشكل أعمى للاحتلال الإسرائيلي ولرئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الذي ينتقده جميع حلفائه في الغرب . فلا أحد كان يتوقع من الرئيس الاميريكي جو بايدن الا يغضب من قرار طلب مدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية لاصدار مذكرات توقيف بحق قادة في إسرائيل وحماس اذ كان استياء بايدن منتظرا . لكن الملاحظ ولسوؤ الحظ ان استقلالية موقف فرنسا إزاء نتانياهو رغم انها مستاءة من سياسته أصبحت خبر كان إذ فرنسا ديغول في هذه القضية تتبع الولايات المتحدة بشكل أعمى . فتصريح وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجوجرني انه لا يجب ان تضع المحكمة على قدم المساواة هذه" الحركة الإسلامية الفلسطينية وإسرائيل " غير مفهموم الا بانه تابع للحليف الاميريكي . فصحيح ان حماس ارتكبت اجرام في ٧ أكتوبر ولكن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانىياهو ارتكب جرائم كارثية إزاء الشعب الفلسطيني . فهو منذ ٨ اشهر يقصف غزة ويقتل ويجوع أولادها ونساؤها فهنالك اكثر من ١٣٠٠٠ طفل تم قتلهم واكثر من ٣٠٠٠٠ قتيل في غزة وهجر اهلها الى الجنوب تحت القصف وها هو يهجرهم مجددا من رفح وقصف ودمر المستشفيات باسرها. ما الذي يريده سيد وزير خارجية فرنسا اكثر من ذلك للمساواة بين نتانياهو وحماس ؟! يصف سيجورني حماس بانها حركة إرهابية ويرفض هذا الوصف لنتانياهو الذي يرتكب اعظم من حماس . ثم قال امام الجمعية الوطنية انه يتعين على قضاة المحكمة الجنائية الآن الحكم بشأن اصدار مذكرات التوقيف بشكل مستقل وبكل حرية . فاين استقلال الموقف الفرنسي اذ معظم الطبقة السياسية تعرف ان نتانياهو مجرم ويكذب وأن آخر همه الرهائن لدى حماس . لكن تنقص الوزير الفرنسي الشجاعة للاعتراف امام جمعية وطنية معظمها مؤيدة للدولة العبرية ولجرائمها باستثناء اليسار الاقلية أن جرائم حرب غزة بعيدة عن جميع قيم فرنسا وحقوق الانسان . تجويع الأطفال لاكثر من ستة اشهر وحرمانهم من المياه والمدارس وحياتهم تحت القصف يشهدون أهلهم يقتلون أمام اعينهم اليست جرائم تساوي ما قامت به حماس في ٧ أكتوبر ؟ هي فعلا تساوي وحشية ٧ أكتوبر وأكثر من ذلك إذ إنها مستمرة إلى الآن . أطفال غزة الذين تقطع سيقانهم دون بنج وتخدير أليس جرائم حرب تساوي ما يقوم به نتانياهو في غزة وتدمير المنازل والمستشفيات وتهجير الناس من الشمال الى الجنوب ثم الجنوب الى الشمال تحت القصف . يجب توجيه السؤال للوزير الفرنسي وحكومته اليست هذه جرائم تساوي جرائم حركة إرهابية ؟ صحيح ان فرنسا ليست الوحيدة في مثل هذا الموقف اذ ان إيطاليا وألمانيا على الخط نفسه تابعين للإدارة الاميريكية . لكن كان في الماضي لفرنسا موقفا اكثر استقلالية واكثر تقدما بالنسبة لباقي الأوروبيين فيما يتعلق بسياسة إسرائيل وانضمت الآن الى الذين يريدون حماية اعمال نتانياهو الذي يسيئ حتى لمصالح فرنسا في العالم العربي . كان بوسع فرنسا ان تلعب دور وسيط مثلا في لبنان للتهدئة في الجنوب اللبناني لكن انحيازها الآن بمثل هذا الموقف كما بعد هجوم حماس في ٧ أكتوبر عندما أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل " بالدفاع عن النفس " وشن حرب وحشية دون نهاية ولا هدف قد غيرت المعادلة في الشرق الأوسط وعززت القوى التابعة لإيران في المنطقة من حزب الله الى ميليشيات العراق الإيرانية والى الحوثي . صحح الرئيس الفرنسي بعض الشيء موقفه الاولي الذي كان في البداية اعطى إسرائيل حق الدفاع عن النفس ثم بعد ان اقترح تحالف دولي ضد الإرهاب وعاد وانتقد السياسة الإسرائيلية وحذر نتانياهو من الدخول الى رفح . لكن موقف وزير خارجية فرنسا إزاء المحكمة الجنائية مبهم ومتراجع ولا مبرر لحماية سمعة نتانياهو فقد ارتكب جرائم حرب اذا شاءت او ابت فرنسا فنتانياهو المجرم فعلا الذي يريد حماية بقائه في السلطة عبر الجرائم ويبدو ان مساندة الغرب له مستمرة رغم كل التصريحات والمواقف العلنية . فنتانياهو متهم بالتساوي مع حماس رغم كل ما يصدر من دفاع عن رئيس الحكومة الصهيوني.

مشاركة :