مصورة روسية توثق القصور والمباني الكبرى المهجورة في مصر

  • 5/24/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

على غرار الكثير من البلدان العربية الأخرى، يتعرض التراث المعماري المصري إلى حالة من التهميش، إذ أن أغلب المباني القديمة على شفا الانهيار بينما انهار فعليا الكثير منها، بينما تحول دون حمايتها الكثير من العوامل، ولعل من أدوار الفن التأريخ والتوثيق لكل آيل للزوال، ومن هذا المنطلق أخذت مصورة روسية توثق للمباني المصرية القديمة من الداخل. تحفل المدن المصرية الجنوبية والشمالية بإرث معماري نادر بفضل الطفرة المعمارية التي شهدتها مع تولي حكم أسرة محمد على الذي أزاحته ثورة 1952، فقد بنى الأمراء والأثرياء دورا وقصورا وصالونات وعمارات صمّمها معماريون يتمتعون بمخيلة رائقة تحمل الكثير من الرؤى الفنية والجمالية، ومما يؤسف له أن الكثير من هذه الدور والقصور والصالونات قد تم هدمها لحساب الأبراج الإسمنتية وما بقي يعاني من الإهمال. الكتاب المصور “تراب: العمارة المصرية المنسية” للمصورة الروسية زينيا نيكولسكايا الذي أصدرت دار نشر الجامعة الأميركية بالقاهرة طبعة جديدة وموسعة منه تضمن صورا فوتوغرافية للقصور الملكية والصالونات المهجورة والمباني الكبرى المهجورة في مصر، حيث التقطت ببراعة حالة من اليأس المخيف في بعض الأماكن التي صوّرتها، ومعظمها متهالك ومشؤوم. ومع ذلك، ربما يكون أكثر ما يميز أسلوبها هو كيف توجه عين المشاهد إلى التفاصيل الجمالية الواحدة تلو الأخرى. بالإضافة إلى مقالات مصاحبة بقلم كل من هبة فريد وعمر نجاتي. التصميمات الداخلية التي التقطتها نيكولسكايا من إسنا في الجنوب إلى بورسعيد في الشمال الشرقي، باستخدام كاميرا هورسمان القديمة، توضح الكثير عن اضمحلال مصر الحديثة بقدر ما تتحدث عن بريق العصر الذهبي للرفاهية القاهرية؛ سنوات ما قبل 1952. قصور مهجورة زينيا نيكولسكايا: الغبار أو التراب مادة تتبع مرور الوقت على الأشياء الحضارية زينيا نيكولسكايا: الغبار أو التراب مادة تتبع مرور الوقت على الأشياء الحضارية ربما يكون جمال عبدالناصر قد طرد أصحاب هذه القصور الأثرياء من مصر، لكن حسني مبارك هو الذي أشرف على التعفن السياسي والمالي الذي سمح لبلد أن يترك تاريخه يقع في مثل هذا التدهور. ولا يبدو أن الحكومات بعد ذلك لا تقدر تراثها الثقافي أكثر من سابقاتها. شهدت القاهرة ومدن كبيرة أخرى في مصر بين عامي 1860و1940 طفرة إنشائية كبرى أدت إلى بناء قصور غير تقليدية ومبان فخمة عديدة مزجت بين العديد من الأساليب المعمارية، مثل Beaux-Arts وArt Deco والتي تأثرت بمواد التصميم المحلية، ولكن بعد مرور سنوات عديدة عانت تلك القصور والمباني من الإهمال وأصبحت غير مأهولة بالسكان. في 2006، بدأت المصورة الروسية – السويدية زينيا نيكولسكايا الحائزة على جائزة في فن التصوير عملية توثيق وتصوير هذه المباني المهجورة في حوالي ثلاثين موقعا في المدن المصرية المختلفة ومنها القاهرة، والإسكندرية، والأقصر، والمنيا، وإسنا، وبورسعيد. ضم الإصدار الأول من الكتاب هذه الصور ونفد بعد إصداره في عام 2012 بفترة وجيزة ليصبح من الكتب النادرة لهواة جمع الكتب. توضح نيكولسكايا أن غالبية المساكن الخاصة في الكتاب هي إما فيلات أو قصور أو منازل انتقل أصحابها، وهم عادة أرستقراطيون سابقون، إلى الخارج منذ فترة طويلة. ومع ذلك، في بعض الأحيان كانت ملكيتها محل نزاع أو كانت هناك خلافات بين أفراد الأسرة حول ما يجب فعله بها، لذلك تُركت في حالة سيئة. من ناحية أخرى كانت المواقع التي تملكتها الدولة عبارة عن مزيج من المتاحف التي لا يعرف الكثير من المصريين عن أصولها شيئا وكذلك الفيلات والقصور القديمة التي تم تحويلها إلى مبانٍ حكومية. أهمية الغبار إرث تاريخي عريق إرث تاريخي عريق تقول المصورة “يستكشف الكتاب حالة البنايات المعمارية المهجورة في مصر وأهميتها، جامعا بين ازدواجية متشابكة عن الغبار أو التراب باعتباره المادة التي تغلف المدينة والتي من خلالها يتم تتبع مرور الوقت على الأشياء الحضارية، وكذلك كاستعارة عن تسجيل الزمان لهذه التغييرات وتشكيله لذكريات الماضي والوقت الحالي”. وتضيف “لم يكن الغبار أو التراب متعلقًا باكتشاف المباني فحسب، بل يتعلق بالمساحات والأوقات المحصورة داخل هذه المواقع. إن الواجهات في مصر تحظى بتقدير عام، ومع ذلك كان تركيزي كمصورة ينصب فقط على التصميمات الداخلية. نظرًا إلى أن التصميمات الخارجية للمباني تشير إلى النمط المعماري وقد تحتوي على معلومات حول مكان ووقت الصورة، فقد حاولت عن قصد إزالة جميع الصور التي تحتوي على لافتات عربية أو أي شيء قد يؤسس الصورة في موقع زمني أو جغرافي معين، مع استثناء واحد فقط”. بالنسبة إلى نيكولسكايا، خلق الغبار تأثيرا قديما أكمل قدرتها التقنية في الصور الجميلة. كانت جزيئات الغبار الدقيقة خافتة ودرجة الإضاءة منخفضة، مما جعل صورها تظهر كرسومات قديمة تلتقط لحظات ثابتة في الوقت المناسب. وتواصل المصورة صياغة كلمات أحد الأصدقاء “ما يضر الناس جيد للتصوير: الغبار، الغبار، الغبار”. تتضمن هذه الطبعة الجديدة والموسعة صورا من الإصدار الأول للكتاب بالإضافة إلى صور إضافية جديدة التقطتها نيكولسكايا بين عامي 2013 و2021، علاوة على مقالات غير منشورة سابقا بقلم هبة فريد، المالكة المشاركة لجاليري “تنتيرا” والمهندس المعماري والمخطط العمراني عمر نجاتي، المؤسس المشارك في منصة بحث في مجال التصميم الحضاري.

مشاركة :