على مدى عقود من الزمان، عمل السفر كحلقة وصل أساسية بين الصين والولايات المتحدة، ما عزز التفاهم المتبادل بين شعبيهما. ومع اجتماع المسؤولين وقادة صناعة السفر من البلدين في مسقط رأس تماثيل محاربي التيراكوتا المشهورة عالميا لحضور الدورة الـ14 لقمة قيادة السياحة بين الصين والولايات المتحدة، تم نقل رسالة واضحة مفادها أن الصين تعطي الأولوية للتبادلات الشعبية مع الولايات المتحدة وتدعو بحماس الأمريكيين لزيارة الصين واكتشافها. ومن أجل تنفيذ التوافق الذي تم التوصل إليه في قمة سان فرانسيسكو بين رئيسي الدولتين، من المتوقع أن يمهد هذا الحدث الطريق لتعاون ثنائي مستقبلي في مجال صناعة السفر، بما يتفق مع التطلعات المشتركة للشعبين إلى مزيد من الفرص للتفاعل وجها لوجه. وبالنسبة للعلاقات بين الصين والولايات المتحدة، يكمن الأمل في الشعب ويقع الأساس على عاتق الشعب. وتتمسك الصين بتلك القناعة وتسعى إلى تدعيم هذا الرابط من أجل تحقيق مزيد من التبادلات مع الولايات المتحدة. فمنذ العام الماضي، طبقت الصين باستمرار إجراءات تيسيرية للتشجيع على زيادة التفاعل بين الشعبين، بما في ذلك أخذ المواعيد للسفر بدون تأشيرة، وإدخال تحسينات كبيرة على سياسات تأشيرة السفر إلى الصين، وتوسيع خيارات الدفع. وخلال الحوار رفيع المستوى، أقام كلا البلدين مراسم توقيع، حيث حددا كل من شيآن ولوس أنجليس، وشانغهاي ونيويورك، وشنتشن وسان فرانسيسكو كشركتين في إطار المدن السياحية. بيد أن الجهود الرامية إلى تعزيز التبادلات الشعبية وتحسين العلاقات الثنائية لا بد أن تنبع من الجانبين، ويتعين على الولايات المتحدة أيضا اتخاذ خطوات إيجابية. فتحذيرات السفر الأمريكية، التي تطلب من الأمريكيين إعادة النظر في سفرهم إلى الصين، تجعل السائحين الأمريكيين المستهدفين يحجمون عن زيارة الصين، كما تسببت المضايقات والترحيلات غير المبررة للطلاب الصينيين في إثارة القلق على نطاق واسع. ومن ناحية أخرى، يثير بعض الساسة الأمريكيين بتهور مواقف معادية تجاه الصين بينما يسعون إلى تحقيق مصالحهم السياسية الخاصة. وفي مواجهة وابل من الصور السلبية للصين في بلادهم، يتبنى عدد متزايد من الأمريكيين وجهات نظر غير مشجعة تجاه الصين حتى دون الدخول في تفاعلات وجها لوجه مع الشعب الصيني. وإذا كان لنا أن نسترشد بالتاريخ، فلن يتسنى للناس أن يزيلوا الحواجز الإيديولوجية إلا من خلال المشاهدة المباشرة. فالعلاقات الشعبية بين الصين والولايات المتحدة يجب ألا تكون رهينة لإستراتيجية واشنطن الكبرى المتمثلة في الحفاظ على هيمنتها، كما لا ينبغي أن يشوب التبادلات الثقافية خطاب “صارم تجاه الصين”. وقد أثبتت العديد من الحالات أنه بمجرد دخول الناس من كلا البلدين في لقاءات مباشرة، فإنهم سيدركون أن أوجه التشابه بينهما تفوق الاختلافات بكثير. فالتفاعلات الشخصية تعزز التفاهم والتعاطف، وتتجاوز الخطاب السياسي وتقوي الروابط الحقيقية. ومع مشاركة شعبي البلدين في حوارات هادفة وتقاسمهما الخبرات، سيصبحا بمثابة سفراء للنوايا الحسنة، الأمر الذي سيعمل على تدعيم نسيج العلاقات الثنائية. على الرغم من التوترات والمواقف السياسية المتباينة، يمكن أن تكون التفاعلات الشعبية بين الصين والولايات المتحدة بمثابة قوة عظيمة للمصالحة والتقدير المتبادل. ومن خلال توثيق عرى الصداقة بين شعبيهما، يستطيع البلدان العمل بشكل أفضل نحو مستقبل مشرق.
مشاركة :