بغداد - دعت السفارة الأميركية بالعراق الحكومة العراقية إلى فتح تحقيق شامل في الهجمات التي استهدفت الشركات التابعة للولايات المتحدة في البلاد، فيما تشكّل مسألة حماية المصالح والقوات الأميركية تحدّيا بالنسبة إلى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الذي يسعى إلى تعزيز التعاون بين بلاده واشنطن، الذي ظل مقتصرا على الجانب الأمني، ليشمل مختلف القطاعات وخاصة الاقتصادية. ويأتي هذا التطور بعد أن استهدف مجهولون فجر اليوم الخميس فرع شركة "كاتربيلر" الأميركية في منطقة الجادرية وسط بغداد بعبوة صوتية، كما تم استهداف معهد كامبرج البريطاني - الأميركي بعبوة محلية الصنع، وفق مواقع محلية أكدت أن الهجومين لم يسفرا عن أي إصابات أو خسائر بشرية سوى أضرار مادية. ويأتي هذان الهجومان بعد أيام قليلة من استهداف ملثمين لمطعمي وجبات سريعة تابعين لسلسلة "كنتاكي فرايد تشيكن" الأميركية ومحلّ آخر على الطراز الأميركي. وكشفت التحقيقات الأولية للشرطة العراقية أن المطاعم الأميركية استهدفت في إطار الحملة المناهضة للدعم الأميركي لإسرائيل في حربها على قطاع غزة. ودعت السفارة الأميركية في بيان اليوم الخميس الحكومة العراقية إلى "إجراء تحقيق شامل في هذه الهجمات وتقديم المسؤولين عن الهجمات إلى العدالة ومنع أي هجمات مستقبلية"، مشيرة إلى أن "هذه الهجمات تعرّض حياة العراقيين وممتلكاتهم للخطر ويمكن أن تضعف قدرة البلاد على جذب الاستثمارات الأجنبية". وشددت على التزام الولايات المتحدة بالشراكة الشاملة مع العراق لبناء الفرص الاقتصادية وتحقيق الازدهار لجميع العراقيين. وأعرب سكان عن اعتقادهم أن المركز هو في الأصل عراقي ويقدم دروسا في لغات أجنبية، في حين قالت موظفة في الشركة الأميركية "شركتنا هي وكيل حصري لكتر بلر لبيع المعدات الثقيلة". وأكّد مسؤول في الاستخبارات العراقية أنه "لم يتم التأكد من الجهات التي تقف وراء هذه الهجمات". وتتطابق الهجمات الأخيرة التي استهدفت المطاعم الأميركية مع تلك التي نفذتها ميليشيا "ربع الله"، التي تمثل واجهة لكتائب "حزب الله" العراقي الموالية لإيران، في عهد رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، بهدف ابتزاز أصحاب محلات المشروبات الكحولية مقابل توفير الحماية لهم والسماح لهم بمواصلة النشاط. وأكد العديد من أصحاب محلات بيع الخمور في بغداد في شهادات سابقة أنهم تعرضوا للابتزاز من فصائل مسلحة مقابل حمايتهم من الهجمات التي نفذتها حينها ميليشيات موالية لإيران تعرّف عن نفسها بأنها "أهل المعروف وأصحاب القرى وأهل الكهف وربع الله". ويرى متابعون للشأن العراقي أن الفصائل الموالية لإيران وجهت بوصلتها نحو استهداف المطاعم الأميركية بذريعة دعم غزة بعد أن شنت خلال الفترة الماضية العديد من الهجمات على القواعد الأميركية في العراق. ونفذت الولايات المتحدة خلال الآونة الأخيرة ضربات استهدفت عدد من مواقع الميليشيات العراقية الموالية لإيران ردا على استهداف قواتها وأسفرت عن مقتل عدد من قياداتها، بينما دعت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" بغداد إلى الإيفاء بالتزاماتها في حماية قواتها من هجمات أذرع إيران. وانتقد العديد من العراقيين استهداف مطاعم يرتادها مواطنو البلاد بذريعة التضامن مع غزة، محذرين من عواقبها الوخيمة على الوضع الأمني للبلاد. وواجهت حكومة السوداني انتقادات بالفشل في كبح سلاح الميليشيات الموالية لإيران وتحجيم نفوذها والعجز عن حماية المصالح الأميركية في البلاد. وتطرح هجمات أذرع إيران على المطاعم والمصالح الأميركية تساؤلات بشأن قدرة الأمن العراقي على توفير الحماية لهذه المشاريع في وقت تسعى فيه حكومة السوداني إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وفي صدراتها الأميركية. وكان السوداني قد أكد خلال لقائه الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض الشهر الماضي أن بلاده "تعمل على الانتقال من العلاقة العسكرية إلى الشراكة الكاملة". ووصف تقرير نشرته صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" في وقت سابق العلاقات بين الحكومة العراقية والميليشيات الموالية لإيران بـ"المعقدة"، لافتا إلى أن "هذا الوضع يجعل حكومة السوداني في موقف حساس وهي تحاول أن تحقق التوازن بين علاقاتها مع الولايات المتحدة والجماعات المسلحة".
مشاركة :