وسط تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، استهدف هجومان جديدان موقعَين أميركيَّين في البصرة والموصل، وذلك بعد ساعات من إعلان رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي أن الأرض العراقية لن تُستخدم كساحة للمواجهة بين واشنطن وطهران، مما يشير إلى جهات موالية لإيران ترفض طرح عبد المهدي، وتصرّ على إزعاج الأميركيين في العراق. واستهدف هجوم أمس مقر شركة النفط الأميركية «إكسون موبيل»، في موقع البرجسية غربي مدينة البصرة، حيث أفادت «خلية الإعلام الأمني» بأن ثلاثة موظفين عراقيين أصيبوا بجروح نتيجة سقوط صاروخ «كاتيوشا» على مقار السكن والعمليات التابعة لـ«إكسون موبيل»، مردفة أن الشركة قررت إجلاء 21 من عامليها تحسّباً لأي هجوم آخر. وانطلق الصاروخ بينما كان موظفو «إكسون موبيل» يبدؤون العودة إلى البصرة، بعد أن جرى إجلاؤهم، في مايو الماضي، من أحد حقول النفط، بعد تعرضه إلى هجوم بالصواريخ. وقالت واشنطن حينها إن تهديدات من إيران، التي لها علاقات وثيقة مع ميليشيات الحشد الشعبي العراقية، دفعتها إلى مطالبة دبلوماسييها بالمغادرة. مجمَّع القصور ويأتي القصف في البصرة بعد ساعات من إعلان الجيش العراقي أن صاروخ «كاتيوشا» سقط، مساء الثلاثاء، على مجمَّع القصور الرئاسية، الذي يستضيف مدرّبين أميركيين، في مدينة الموصل شمالي البلاد. وأكد مصدر أمني أن «الصاروخ أطلق من القسم الأيمن من الموصل لاستهداف أحد مقار الأجهزة الأمنية في الجانب الأيسر»، مبيّناً أنه لم يسفر عن وقوع خسائر أو إصابات بشرية. وطمأن قائد عمليات نينوى نومان الزوبعي أهالي المحافظة بأن الوضع تحت السيطرة، موضحاً أن «قوة مشتركة عثرت على منصة الصاروخ». وأعقب هذا الهجومين الجديدين سقوط عدد من الصواريخ من نوع مماثل، الإثنين، على معسكر التاجي، الذي به قوات أميركية، شمالي بغداد، وسقطت ثلاث قذائف هاون، السبت الماضي، على قاعدة بلد الجوية شمالي بغداد، التي بها عسكريون أميركيون. كما جرى استهداف حي الجادرية قرب المنطقة الخضراء. يد من حديد وعقب الهجومَين، أكدت خلية الإعلام الأمني أن القوات الأمنية لن تسمح بالعبث بأمن العراق وستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه المساس بأمن البلاد، وإرباك الأمن وإشاعة الخوف والقلق وتنفيذ أجندة تتعارض مع مصالح العراق الوطنية. وذكرت أنه تنفيذاً لتوجيهات عبدالمهدي «كلفت قيادة العمليات المشتركة جميع الأجهزة الاستخبارية بجمع المعلومات وتشخيص الجهات التي تقف خلف إطلاق الصواريخ والقذائف». ويضع هذان الهجومان الجديدان بغداد أمام موقف محرج، في ظل استمرار خرق سيادتها، خصوصاً عقب تعهّدها بحماية المواقع النفطية، وإعلان عبدالمهدي منع أي قوة أجنبية من الوجود والعمل وممارسة نشاطاتها ضد أي أجنبي داخل العراق وخارجه، من دون إذن واتفاق من الحكومة، موضحاً أن هذه القرارات ستساعد في استعادة هيبة الدولة وقوتها، وإنهاء المظاهر غير القانونية والسيادية. وعلى الرغم من انضواء عدد كبير من ميليشيات الحشد الشعبي تحت لواء الجيش في 2018، فإنها تعمل بشكل منفصل عن الجهاز الأمني العراقي، وتُتهم بولائها لإيران. ويمتلك عدد كبير من قادة هذه الميليشيات أعمالاً تجارية خاصة، ويبسطون سيطرتهم على أحياء بعينها، ويستغلون نفوذهم في تذليل أي عقبات قد تواجه شركاتهم. ولم يقتصر نفوذ هذه الميليشيات على الجانب العسكري فقط، بل امتد أيضاً إلى قبة البرلمان، حيث فاز عدد من قادتها بمقاعد نيابية، وكانت ميليشيا «عصائب أهل الحق» أكبر فصيل في «الحشد» يحقق مكاسب، في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. ويقول متابعون إن بصمات وكلاء إيران حاضرة بقوة في مسلسل الهجمات الذي طال العراق في الأسبوع الأخير، إلا أن الضربات لم تستهدف أي قاعدة أميركية بشكل مباشر، ولم تصب الصواريخ أهدافها، بل كانت تسقط في مكان قريب. (رويترز، أ ف ب)
مشاركة :