هل تساءلت يومًا: كيف تم اكتشاف أدوية السكَّري والتخسيس مثل: أوزيمبك، ويقوفي، مونجارو (Ozempic وWegovy وMonjaro)؟ الإجابة قد تكون صادمةً لدى البعض، لكنَّها حقيقة علمية مؤصَّلة، تتمثَّل في أنَّ هرمونًا موجودًا في لعاب «السحالي» يستطيع تنظيم مستويات السكَّري في الدَّم، ومنه تُستخرج الأدوية الخاصَّة بهذا، وأيضًا الأدوية الخاصَّة بالتخسيس.يقول مستشار الإعلام الصحي الصيدلي د. صبحي الحداد: هناك في الواقع قصَّة مثيرة للاهتمام، وراء اكتشاف هذه الأدوية.وتمَّ طرح السؤال حول فائدة هذه الأدوية لأوَّل مرَّة في كندا، عندما تم اكتشاف هرمون في الأمعاء، ينظِّم مستويات السكَّر في الدَّم، وينظِّم الشهيَّة عن طريق تحفيز إطلاق الأنسولين، وهو (GLP-1). ومن الواضح أنَّ ذلك من شأنه أنْ يغيِّرَ قواعد اللعبة بالنسبة للأفراد المصابين بداء السكَّري، نظرًا لأنَّ أجسامهم تكافح من أجل إطلاق الأنسولين وربطه؛ ممَّا يؤدِّي إلى تداول مستويات أعلى من المعتاد من السكَّر في الدَّم باستمرار في مجرى الدَّم.ولسوءِ الحظ، في البشر، لا يوجد هرمون GLP-1 بشكل طبيعي لفترة طويلة جدًّا؛ ممَّا يجعل من الصعب جمعه ودراسته، وقد لا يكون استخدامه كدواءٍ فعَّالٍ؛ لذلك بدأوا في البحث عن مصادر أُخْرَى.هرمون السمويوضِّح د.الحداد قائلًا: لاحظ العلماءُ أنَّ هنالك هرمونًا في سمِّ (سحليَّة جيلا الوحشية)، التي تعيش جنوب الولايات المتحدة. يشبه هرمون الجلوكاجون -1 الببتيد (GLP-1) من حيث العمل على تنظيم مستويات السكَّر في الدَّم، وتنظيم الشهيَّة عن طريق تحفيز إطلاق الأنسولين، ولكنَّه لا يفعل ذلك بسرعة.ويُسمَّى هرمون الزَّواحف هذا Exendin-4، والغرض البيولوجي منه في سحليَّة جيلا الوحشية هو السبات؛ للمساعدة في البيات الشتوي. وقد تم تصنيع هذا الهرمون في المختبر؛ ليصبح -فيما بعد- دواء (أوزيمبيك)، وما تبعه من أدوية تخسيس أُخْرَى.ويضيف د. الحداد قائلًا: أدرك العلماء الكنديون أنَّ هذا الهرمون، على الرغم من أنَّه ليس هرمونًا بشريًّا ولكنَّه هرمون سحليَّة، يمكن تصنيعه لاستخدامه في البشر، كإطلاق ممتد للأنسولين؛ للمساعدة في التحكم في نسبة السكَّر في الدَّم لدى مرضى السكَّري؛ وما يجعله جذَّابًا لأولئك الذين يسعون إلى فقدان الوزن، هو أنَّه يقلِّل الشهيَّة بشكل كبير؛ لأنَّ الأنسولين هو طريقة الجسم للقول: «لقدْ انتهيت مِن الأكلِ»، ويهدأ الجوع. بالإضافة إلى ذلك، فهو يحتفظ بالطَّعام في المعدة لفترة أطول من الوقت، لذلك يشعر الشخص بالشبع الجسدي لفترة أطول من الوقت.سبات السحلية• وعن الغرض البيولوجي المقصود من هرمون الزّواحف Exendin-4 يقول د. الحداد: تدخل سحليَّة جيلا الوحشية في حالة سبات، مثل معظم الحيوانات الأُخْرى. ومن الناحية البيولوجية، يتباطأ التَّمثيل الغذائي لديها إلى المعدل المنخفض لفترة طويلة من الزَّمن. وجزء من عملية التمثيل الغذائي هذه هو أنَّ هرمونات السحلية تحافظ على مستويات السكَّر في الدَّم عند مستوى أساس مقبول؛ حتَّى لا تضر بصحتها أثناء السبات. ويتساءل: دعونا نفكر في هذا الأمر للحظة! ماذا يعني لك السبات؟ ربما يعني ذلك النوم، وعدم الأكل، وعدم الحركة، والتنفس فقط، وحتى التنفس بشكل أبطأ وأعمق.والبشر الذين يتناولون أدوية Ozempic وWegovy لا يتناولون هذا الدواء، ثم يدخلون في حالة سبات، ومع ذلك، فإنَّ أجسادهم تتلقَّى إشارة مفادها أنَّ الأمور بحاجة إلى التباطؤ. ويختتم د. الحداد بقوله: هكذا يستفيد العلماء من الظواهر الموجودة في الطبيعة لتطويعها لخدمة البشرية.
مشاركة :