المنطق المتعارف عليه أنه لا كمال لأحد؛ فالخطأ وارد في أي عمل ونشاط ولذلك يأتي النقد والتوجيه ملازمين لهما، وفي بلدنا، كشأن أي مجتمع لديه إيجابيات وسلبيات، منجزات كبيرة، وإعاقات مماثلة، غير أن الإنصاف في رؤية الواقع مجرداً من الغايات الذاتية مطلوب تماماً لتصحيح أي خلل أو خطأ أو إهمال.. هذا الاستهلال يأتي وحادث (لمى) أخذ جانباً وطنياً عاماً تعاطفاً مع حادث سقوطها في إحدى الآبار، وآثاره على الأبوين والإخوة، ومع أن المسؤولية تقع عليهما بالتزامن مع حافر البئر ومهملها، فإن الدفاع المدني وضع كصاحب المسؤولية المطلقة في القضية مع أنهم باشروا الحادثة، وقدموا قدراتهم كلها في انتشال الجثة غير أن الرؤية السلبية التي صاحبت الموقف حول الدفاع المدني هي أنه المهمل وغير المؤهل والجاهز لواجباته، وهذا غير صحيح لمن تابع المشكلة من بداياتها وإلى الاستعانة بأرامكو كأكبر شركة تعرف مبدأ السلامة، والتعاطي مع الكوارث بصورة علمية ومنهجية.. الذي أعنيه أن لدينا العديد من الإدارات المهمة كالدفاع المدني وسلاح الحدود وغيرهما، هم جزء من منظومة أمنية كبيرة، ولديهم تضحيات في مواقع الحوادث تصل إلى العشرات، لكننا مع ذلك لا ندرك أو نعطي الحق للعاملين بتلك الإدارات أولاً لضعف الوعي بدور ما يعملون، وتعودنا على أن الجهاز الحكومي تحكمه البيروقراطية، وهذا يصدق على بعض القطاعات ولا يجوز تعميمه على إدارات تطورت ووصلت إلى نتائج كبيرة.. فالدفاع المدني على سبيل المثال لا يستطيع تعميم مبدأ السلامة وتحقيقها من خلال دوره العملي، لأن الوعي العام هو الأساس في السلامة العامة، ولعل شركة (أرامكو) زرعت هذه المفاهيم في منشآتها وإداراتها حتى حققت جوائز عالمية في هذا الشأن بين كل العاملين بها، وطبقوا ذلك على حياتهم العائلية، ومطلوب أن تنتشر بين طبقات الشعب كله، وإلاّ فالمسؤولية لا تقع على جهة أو فرد يتعرض لأي حادث دون أن يعي المخاطر ويتجنبها.. الأمر الآخر أن العاملين في تلك القطاعات من قادة وصف ضباط وجنود، هم مواطنون يقدمون تضحيات هائلة ومن باب رد الاعتبار والاعتراف بقيمة تلك الأعمال أن نعطي الشكر لصاحب الحق، وإدراك أننا معهم على نفس المسافة في المسؤولية الاجتماعية، لأنه بدون وحدة المشاعر لا نستطيع دفع ثمن الوطنية التي هي واجب عيني على الكل.. شخصياً لا أضع نفسي مدافعاً عن إدارات تملك ما تقول وتدافع عن نفسها، لكن من الإنصاف أن ندرك أن الواجب الوطني مهما ارتفع وتعالى لا تُحصر مسؤوليته على فرد أو جماعة، وإنما تعميمه على الكل حتى في مجال التطوع في مثل هذه الأعمال أمام الكوارث الكبرى، نجد أن هناك مؤسسات عالمية تجند المتطوعين إلى كل بقاع العالم، وواجبنا نحن أن نخلق هذه الروح في شبابنا وقادم أجيالنا؛ لأن العمل الوطني والإنساني واجب وليس تكليفاً فقط..
مشاركة :