تراجعت حدة الأعمال العسكرية في معظم جبهات القتال في ثامن أيام الهدنة في اليمن، فيما سلّمت ميليشيا الحوثي والمخلوع صالح، العاصمة اليمنية لرجال القبائل، وواصلت حشدها في جبهات القتال، لخوض مواجهات ومعارك جديدة، كما واصلت انتهاك الاتفاقات في تعز ومأرب. وفي التفاصيل، تراجعت حدة الأعمال العسكرية في معظم جبهات القتال في ثامن أيام الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ الاثنين الماضي، تحت إشراف الأمم المتحدة، وبدت المواجهات أقل ضراوة في تعز والجوف ونهم بمحيط العاصمة ومأرب وشبوة. ففي العاصمة صنعاء واصلت ميليشيا الحوثي وصالح حشد مقاتلي القبائل الموالين لها بمحيط العاصمة إلى وسط المدينة لليوم الثاني على التوالي، بحجة إشراكهم في حفظ أمن المدينة، فيما أثار ذلك حالة من القلق والخوف في أوساط سكان العاصمة، واستعادوا بذاكرتهم ما قام به حكم الإمامة في أربعينات القرن الماضي، حيث أباحت سلطة الإمام حينها صنعاء للقبائل الذين مارسوا فيها أعمال السلب والنهب والتدمير. في السياق نفسه، قال مراقبون عسكريون في صنعاء، إن ذلك الحشد وتسليم المدينة لمسلحي القبائل، يعد مكافأة لهم على مساندتهم الميليشيا في جبهات القتال خلال الفترة الماضية، كما يعد حجر عثرة جديد تضعه الميليشيا أمام الحكومة الشرعية في حال تم الاتفاق على تسليم المدينة، حيث ستعمل تلك القبائل على المطالبة بمزايا ومكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية مقابل خروجها من المدينة. فيما قال مصدر عسكري في قوات صالح، ان تلك الحشود القبلية المسلحة من مديريات صنعاء الـ10 من قبل الحوثيين، يأتي لتطويق المعسكرات والمراكز الأمنية بالمدينة الخاضعة لسيطرة قوات صالح، وذلك في إطار التصعيد بين طرفي الانقلاب، خاصة أن تصريحات وسائل إعلام الحوثي تشير بشكل واضح إلى أن ذلك الحشد يأتي لحفظ أمن المدينة. وشهدت جبهة نهم شمال صنعاء والمشتركة مع جبهات صرواح والمشجح وهيلان في مأرب هدوءاً حذراً، فيما أفادت مصادر عسكرية باستمرار المواجهات بين قوات الشرعية وميليشيا الحوثي وصالح بمختلف أنواع الأسلحة، حيث تسعى الميليشيات لاستعادة المواقع التي خسرتها خلال الأشهر الماضية خلال فترة الهدنة. يأتي ذلك عقب التوقيع على اتفاق بين الانقلابيين والشرعية بوساطة لجنة التهدئة ومراقبة إطلاق النار المحلية في مأرب، يقضي بوقف إطلاق النار ومنع العمليات العسكرية بين الجانبين في مختلف الجبهات بدأ مع الساعات الأولى لفجر أمس. وتضمن الاتفاق عدداً من البنود أهمها وقف إطلاق النار في جميع جبهات القتال بمحافظة مأرب، وهي صرواح، الجدعان، حريب، العبديه، ونهم، وإيقاف التحشيد والتعزيزات العسكرية إلى جميع جبهات القتال، على أن تشرف عليه لجان من الجانبين. كما تضمن الاتفاق بنداً يفيد بأنه في حالة حدوث خرق تتم معالجة الخرق وإعادة الخرق إلى ما قبل حدوثه، وتضمن البند الخامس وضع آلية تواصل بين الطرفين، وذلك بتكليف شخصين للاتصال المباشر بين الطرفين. وبحسب الاتفاق فإنه بعد تثبيت وقف إطلاق النار يتم البدء في الجانب الإنساني والأسرى، من خلال السماح للهلال الأحمر أو الصليب الأحمر أو من يمثلهم بانتشال وتبادل الجثث من قبل الطرفين وتأمين عملهما من قبل الطرفين، وتجهيز الطرقات وإعادتها للجاهزية وفتحها في أسرع وقت. كما تضمنت الخطوات الخاصة بالجانب الإنساني والأسرى بعد تثبيت وقف إطلاق النار، العمل على إصلاح وتشغيل محطة مأرب الغازية، ويعمل الطرفان على تسهيل عمل الفرق الهندسية من مأرب إلى صنعاء، وتسهيل مرور وإيصال المواد الإغاثية وإزالة أي معوقات من قبل الطرفين، وتكليف لجنة من الطرفين لاستكمال إجراءات الإفراج عن الأسرى. وفي محافظة تعز، قالت مصادر محلية إن هدوءاً حذراً خيم على جبهات القتال عند الضواحي الشرقية والجنوبية والغربية للمدينة، لكن القصف من مواقع الحوثيين، والاشتباكات المتقطعة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، استمرت بدرجة اقل ضراوة. وأكدت المصادر أن المعابر المؤدية إلى وسط المدينة لاتزال مغلقة، فيما تحدث شهود عيان عن انتشار كثيف لميليشيا الحوثي وصالح في منطقة الحوبان عند المداخل الشرقية والشمالية للمدينة، والذي يضم مقر اكبر معسكرات صالح بتعز المتمثل في اللواء 22 مشاة حرس جمهوري. وكان رئيس اللجنة الإشرافية العليا لمراقبة وقف إطلاق النار في تعز عبدالكريم شيبان، اتهم ميليشيا الحوثي وصالح بانتهاك اتفاق الهدنة الجديد الذي تم التوقيع عليه الأحد الماضي من جميع الأطراف، مشيراً في بيان له إلى أن الميليشيا مستمرة في خرق الهدنة بقصفها أحياء تعز السكنية وقنص المواطنين. وقال شيبان إن الميليشيا لم تلتزم بفتح الطرقات المؤدية إلى تعز، حيث لاتزال تفرض حصاراً على المدينة، كما عزّزت مواقعها بقوات جديدة، مضيفاً أن الميليشيات تستغل الهدنة لإعادة ترتيب ونشر أفرادها وآلياتها العسكرية وتبيت النية للاستمرار في عدوانها. كما شهدت المنطقة الشرقية لمدينة تعز انتفاضة لطلاب المدارس الواقعة في الحوبان الواقعة تحت سيطرة الميليشيا، وأفشلوا مهرجان كانت الميليشيا تسعى لإقامته في المنطقة. من جهة أخرى، أصدرت القوى والتنظيمات السياسية والاجتماعية والمجتمع المدني في تعز بياناً طالبت فيه مشاورات الكويت العمل على تطبيق قرار مجلس الأمن 2216 من دون أي انتقاص احتراماً لما قدمته المدينة من تضحيات، معبرين عن رفضهم مسبقاً لأي سلام منقوص، والذي سيعد خيانة في حق دماء شهداء المدينة الذين بلغ عددهم 2600 شهيد مدني ومقاوم، وأكثر من 10 آلاف جريح، 70% منهم أصيبوا بإعاقات دائمة وبترت أطرافهم. ووفقاً للبيان، فإن ابناء المدينة يرفضون بقاء ميليشيا الحوثي وصالح فيها، والتي عملت على منع الغذاء والدواء والماء والأكسجين الذي أدى إلى وفاة 620 مريض سرطان، و33 طفلاً خدجاً، وزرع الألغام وتدمير المؤسسات الصحية والاقتصادية والثقافية والإعلامية واستهداف التراث الإنساني، وتشريد أكثر من 100 ألف أسرة. وفي تعز ايضاً تواصلت التظاهرات المنددة بوجود الانقلابيين وللتذكير بمعاناتهم المستمرة في ظل القصف والحصار، عشية انطلاق مفاوضات الكويت، وذلك لليوم الثاني على التوالي، ورفع المتظاهرون لافتات تدعم المقاومة والجيش واستعادة الدولة من الميليشيا الانقلابية، وترفض تجاوز تضحيات أبناء المدينة. وفي محافظة إب، واصلت الميليشيا انتهاكاتها ضد أبناء المدينة، وقامت بعمليات دهم في إحدى قرى مديرية يريم واختطفت عدداً من المدنيين. وفي محافظة ريمة، عززت الميليشيا وجودها في مديرية الجبين عاصمة المحافظة، ونشرت عشرات الأطقم العسكرية فيها، فيما عملت على تعيينات جديدة في جميع المرافق الحكومية، كما نصبت عناصرها في وظائف كبيرة في مكاتب المالية والتربية. وفي محافظة حضرموت، أقدمت عناصر تنظيم القاعدة على تفجير ضريحين تاريخيين في مدينة المكلا عاصمة المحافظة، وهما ضريحا الحبيب هود بن علي بن حسن، والحبيب حسن بن علي بن حسن، كما تضرّرت قبة الحبيب علي بن حسن العطاس. وكانت عناصر القاعدة فجرت عدداً من القباب والمساجد التاريخية التابعة للصوفية في المكلا ومناطق ساحل حضرموت في أوقات سابقة.
مشاركة :