قال مختصون اقتصاديون إن الإصلاحات التي ينتهجها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية تضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار ، مؤكدين أن مراجعة التعرفة الجديدة للمياه للتخفيف من آثارها على أصحاب الدخل المحدود والمتوسط تؤكد أن خدمة المواطن هي الركن الأساسي للسياسة العامة للدولة. وفيما أثنوا على سياسات توجيه الدعم لمستحقيه ، اعتبروا المراجعة السريعة لآلية الدعم غير مستغربة ، ودليل على أن راحة المواطن رسالة الدولة وغايتها، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن إعادة هيكلة التعريفة لأي خدمة ليست عملية سهلة وتحتاج إلى كثير من الدراسات والأبحاث قبل إقرارها ومعرفة آثارها. واعتبروا أن دعم الأسعار لأي خدمة دون ترشيد أو تقنين هدر للأموال العامة، وهدر للموارد بجميع المقاييس ويزيد في الاستهلاك، مؤكدين أن ترشيد الدعم يجب أن تصاحبه توعية للمواطن بالاستهلاك المتزن. قال الدكتور عبدالرحمن هيجان عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى، إن رسم السياسات العامة في السعودية قائم على المصلحة العامة، فالنظام الأساسي للحكم قائم على الشريعة الإسلامية، لكنه وضح مهمة الدولة توضيحا كاملا فيما يتعلق بتقديم الخدمات للمواطنين. وأضاف أن السياسة العامة للدولة تسير وفق مصالح مواطنيها، فعندما تتخذ جهة تنفيذية قرارا معينا، وترى القيادة استحالة تنفيذه فإنها تقوم بتصحيحه على الفور ودون تردد وهذا هو ديدن حكام السعودية عبر السنين، فلا يوجد قرار صحيح 100 في المائة فنسبة الأخطاء واردة في كل قرار. من جهته، أكد الدكتور خالد الرويس رئيس مجلس إدارة جمعية الاقتصاد السعودية، أن ولي ولي العهد تلقى وجهة نظر المواطن بعناية عبر تأكيده بأن التعريفة الجديدة للمياه غير مرضية وتحتاج إلى مراجعة ، مشيرا إلى أن إعادة هيكلة التعرفة لأي خدمة ليست سهلة وتحتاج إلى كثير من الدراسات والأبحاث قبل إقرارها، ومنها بيان الأسس التي تمت عليها التعرفة الجديدة وإقناع المستهلكين بأهميتها وأهدافها المستقبلية بشكل علمي. وأضاف أن حديث الأمير محمد بن سلمان بهذه الشفافية يحمل رسالة لبقية الوزارات الخدمية، بأن عليها دراسة أي قرار يتعلق بالمواطنين دراسة مستفيضة ومتأنية ومراعاة أوضاعهم الاقتصادية وتهيأتهم له وإيضاح الخطوات العلمية للقرار قبل اعتماده، مشيرا إلى أن قطاع الدراسات الاقتصادية لم يمر به قرار بتشكيل لجنة علمية لدراسة رفع تعرفة المياه، فمن المفترض أن يعرف المستهلك العادي آلية فرض تعريفة المياه قبل اعتمادها. وأشار الرويس إلى أن "تطرق ولي ولي العهد لرفع الضغط عن المواطنين بعد رفع جزء من الدعم عن البنزين والكهرباء هو ديدن الحكومة دائما، فمن المعروف عنها أنها تبتعد عن كل ما يضر المواطنين، ومطالبنا كاقتصاديين أن تعيد الدولة النظر في آلية تقديم الإعانات لكثير من السلع الأساسية، لأنها لا تنعكس على المستهلك، ومن المهم أن يفتح المجلس الاقتصادي والتنمية مثل هذه الملفات وتغيير آلياتها، فهناك كثير من المقيمين الذين يستفيدون من هذه الإعانات التي يفترض أن يستفيد منها المواطنون، ما أدى إلى تسرب كثير من أموال الدولة في مجالات لم تحقق أهدافها". بدوره، قال الدكتور راشد أبانمي رئيس مركز السياسات البترولية والتوقعات الاستراتيجية، إن دعم الأسعار لأي خدمة دون ترشيد أو تقنين هدر للأموال العامة، وكذلك هدر للموارد بجميع المقاييس ويزيد في الاستهلاك، منوها إلی أن إلغاء الدعم يجب أن يصاحبه تعويض المواطن مباشرة ببدل محروقات من خلال زيادة الرواتب والمعاشات بواقع تلك النسبة كعوض لتكلفة غلاء محروقات خاصة وتضاف إلى دخلهم الشهري. وبين، أن التعويض يكون لكافة شرائح المجتمع بمن فيهم المنتسبون للضمان الاجتماعي، وجميع عمال وموظفي الدولة والمتقاعدين وموظفي القطاع الخاص. وذكر أن رفع الدعم سينتج تلقائيا ترشيدا تطوعيا لاستهلاك الوقود، خاصة لو قامت الحكومة بالحد من استخدام المواصلات الخاصة، والاستهلاك المفرط للوقود من قبل الأجهزة الحكومية ومؤسساتها والتوجه إلى إلغاء بطاقات البنزين المجانية التي تقدم للموظفين، والتوجه إلى تقييد كل منشأة حكومية بدفع قيمة الاستهلاك الفعلي للوقود وبالتكلفة الحقيقية، ووضع معايير محددة وصارمة لترشيد استهلاك الوقود لكل الأجهزة الحكومية. وأكد، أن إدخال وسائل نقل حديثة وفاعلة لنقل الطلاب والطالبات لجميع المدارس، بمراحلها المختلفة، سوف يُسهم في خفض استهلاك الوقود، ويوفر بدائل ملائمة، مشيرا إلى أن رفع الدعم وزيادة الدخل ستكون له آثار إيجابية من عدة أوجه، منها الحد من النمط الاستهلاكي وترشيد الاستهلاك وكذلك الحد من تهريب المحروقات. وقال، إن الاستهلاك المفرط بغض النظر عن قانون العرض والطلب وإن لم يكن هناك نقص في المعروض، فإنه مرفوض كونه تبذيرا، ومن جهة أخرى فإن الاستهلاك المفرط في الوقود له أضرار مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد بشكليه الكلي والجزئي وله تبعات سلبية أخرى بيئية واجتماعية وصحية. وحث المنشآت الخاصة على دفع بدل علاوة محروقات خاصة لعمال وموظفي تلك المنشآت لمساعدة جميع شرائح المجتمع على تحمل التكاليف الإضافية على المحروقات إذا هم اختاروا الاستمرار في استهلاك الوقود بالوضع الحالي.
مشاركة :