تطعيم الزجاج والمعادن بالمينا أو ما تعرف اختصاراً بـ «المينا»، تعتبر من أعرق الصناعات الدمشقية الإبداعية وأكثرها نخبوية، تعود جذور تلك الصناعة إلى الفينيقيين الذين قاموا بنشرها في العديد من دول العالم. وعلى الرغم من أن تلك الصناعة موجودة في بعض الدول إلا أن المينا الدمشقي فريد من نوعه في العالم باعتباره مينا نافرة زينت جداريات، أيقونات، أواني منزلية، قطع ديكور، وقلادات. ومع أن لويس الصراف الذي يعتبر آخر شخص عمل بهذه المهنة وتوفي منذ أكثر من 5 عقود إلا أن العديد من جيل الشباب، ومنهم الفنانة التشكيلية رند الدبس والطالبة الجامعية ملاك ونوس، يحاولون إحياء المهنة وفق أسسها القديمة اليدوية. فن عالمي تقول رند الدبس، تعمل في صناعة تلبيس الزجاج والمعادن بالمينا وتدريبها: «إن هذه المهنة دمشقية قديمة، ويوجد قطع منها في متاحف عالمية في أنحاء العالم». ولفتت إلى أن آل الصراف بدمشق برعوا فيها، وإن آخر من عمل منهم في هذه المهنة هو لويس الصرف وأغلقت ورشته التي كانت موجودة في باب شرقي في عام 1971. وأكدت أن الفضل يعود للفينيقيين في انتشار هذا الفن إلى أنحاء العالم مثل روسيا، إيرلندا (قبائل السلتيين)، الهند، والصين، كما تم اكتشاف مثل هذا الفن على قبر توت عنخ أمون، حيث وجدت قطع ذهبية عليها المينا، والوثائق المصرية تؤكد أن الفينيقيين هم من عرفوا الفراعنة على هذه المهنة عبر التبادل التجاري الذي كان بينهم. وما يميز المينا الدمشقي عن غيره في العالم، أشارت الدبس إلى أن «دمشق قامت بتصنيع المينا النافر، على خلاف الآخرين الذين اعتمدوا على التطعيم على مستوى الزجاج أو المعدن بالإضافة إلى الألوان الدمشقية والأشكال النباتية المعينة التي امتاز بها الطابع الدمشقي». وعن مراحل إنتاج المينا، استعرضت ملاك ونوس مراحل تصنيع المينا على قطع الزجاج المنفوخ يدوياً، حيث قالت «بدايةً نرسم التصميم ونقوم بتثبيت الشرائط المعدنية بحسب الشكل المرسوم، ثم نضع المينا ضمن الشرائط، وبعد إدخالها إلى الفرن وتصبح صلبة نقوم بأعمال الصقل والتلميع بأدوات كهربائية حديثة، وبأدوات بدائية يدوية، وهناك مراحل لا نستطيع أن نستخدم بها الأدوات الحديثة وتتطلب عناية يدوية خاصة». وأضافت: «القطعة الواحدة تدخل إلى الفرن أكثر من مرة وفقاً لشكل القطعة الفنية المشغول عليها، وبحسب شكل المينا وعدد الألوان المستخدمة، فبعد أن نمد الشرائط ونضع لوناً أو جزءاً واحداً من المينا على الرسمة مثلاً ندخلها إلى الفرن، وهكذا تستمر العملية لكل جزئية على حدة». وتابعت: «الأعمال التي نعمل عليها مكورة أي ثلاثية الأبعاد، لذلك الوجه الواحد نعمل عليه كل جزئية على حدة وتدخل الفرن حتى ننتهي من العمل على هذا الوجه، ثم ننتقل إلى الوجه الآخر حتى لا تتمدد أو تتداخل الألوان مع بعضها ولا يحدث تشوهات بشكل المينا أو السطح، وأحياناً ندخل القطعة إلى الفرن أكثر من مرة لجزئية واحدة». وبالنسبة للزخارف قالت ملاك ونوس:«يمكن أن تكون نباتية، كلمات وأبيات من الشعر، لوحات فنية شعبية مثل عنتر العبسي، أو أعمال فنية لرسامين عالميين مثل بيكاسو، أو أي لوحة فنية ممكن أن نبتكرها». Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :