المصارف الإيطالية تترنح تحت وطأة ديون متعثرة بـ410 مليارات دولار

  • 4/20/2016
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

يعتقد مختصون مصرفيون أن المصارف الإيطالية وأوضاعها المتعثرة تجعلها تمثل صداعا كبيرا في النظام المصرفي في منطقة اليورو، وبما يفوق اليونان بكل أزمتها، فالقيمة الإجمالية للديون المتعثرة في إيطاليا بلغت 410 مليارات دولار أي ما يوازي خمس الناتج المحلي الإجمالي، وهذا المبلغ كفيل بردع عديد من الاستثمارات الدولية ومنعها من المجازفة والاستثمار في إيطاليا. ووفقا للعديد من المعايير التي يقاس به قوة النظام المصرفي، ومدى استقراره في أي اقتصاد من الاقتصادات، فإن النظام المصرفي الإيطالي يواجه صعوبات وتحديات خطيرة، دفعت الحكومة إلى العمل على إنقاذه من خلال عملية إنقاذ مالي بقيمة خمسة مليارات دولار. لكن السؤال الذي يطرح نفسه لم يعد يتعلق بمدى نجاعة ما قامت به الحكومة الإيطالية من إجراء، بقدر ما يرتبط بمدى كفاية المليارات الخمسة لإنقاذ النظام المصرفي الإيطالي. فعلى الرغم من الترحيب الذي حظي به القرار الحكومي بالعمل على إنقاذ المصارف الإيطالية من ضغط الديون المتعثرة، فإن العديد من جوانب خطة الإنقاذ واجهت انتقادات حادة من مختصين مصرفيين في إيطاليا وخارجها. روجر استيورت المختص المصرفي البريطاني يعتبر أن الإجراءات الإيطالية تسير في الاتجاه الصحيح، لكنها لا تمتلك رؤية دقيقة لخطورة الوضع أو سبل العلاج. وقال ماتيو رينزي رئيس الوزراء لـ"الاقتصادية": كان على صواب عندما أراد من المصارف ذات الأداء المرتفع والربحية العالية أن تعمل على جذب المصارف المتعثرة، وهذا الاتجاه يسير في طريق الصواب، لأنه يعمل على تكامل واندماج النظام المصرفي الإيطالي، لكن المشكلة أن المقترح افتقد الدقة ولم يتطرق إلى التفاصيل ولا يتمتع بالشفافية ما دفع عديدا من المصارف ذات الأداء الجيد إلى التردد في المضي قدما في تنفيذ خطة الحكومة، خشية أن تجذبها المصارف المتعثرة معها إلى أسفل". وقال الدكتور دريك جنكينز أستاذ النظم المصرفية في جامعة بليمث: "الاقتصاد الإيطالي مبني بالأساس على الصناعات الصغيرة، والنظام المصرفي الإيطالي هكذا، فالتداخل بين الجوانب: المالي والسياسي والعائلي في النظام المصرفي الإيطالي يجعل عملية الدمج شديدة الصعوبة، والحكومة الإيطالية محملة بأعباء مالية ضخمة، كما لا تمتلك مساحة كبيرة لحرية التصرف نتيجة القوانين المقيدة في الاتحاد الأوروبي". ولم تتفاعل الأسواق بإيجابية كبيرة حتى الآن مع عملية إنقاذ النظام المصرفي، وربما يعود ذلك في جزء منه إلى أن مبلغ خمسة المليارات دولار يعد صغيرا للغاية مقارنة بقيمة الديون الإيطالية المتعثرة، ولا يتوقع أن يترك تأثيرا حقيقيا في مواجهة الصعوبات التي تواجه المنظومة المصرفية الإيطالية، لكن السبب الأهم هو قناعة الأسواق بأن ما يتم هو مسعى وقتي ومؤقت للتعامل مع مظاهر الأزمة وليس جوهرها. ويعتقد مختصون أن المشكلة لا تكمن فقط في محدودية مبلغ خمسة المليارات دولار، وإنما في قدرة المبلغ على إحداث تغيير يصل تقريبا إلى نحو 45 مليار دولار، وهو ما يكفي للتغلب على الديون الأكثر تعثرا وتمثل 20 في المائة من إجمالي الديون. ويعتبر المختصون أن الخلل الراهن المتعلق بشأن التشريعات المصرفية من جانب وغياب معايير محددة لضمان إنفاق قيمة صفقة الإنقاذ بصورة سليمة وفعالة يعد أكثر أهمية من قيمة الصفقة ذاتها. ويعتبر الدكتور دريك أن التشريعات المصرفية الإيطالية تقوم بدور رئيس في تعقيد المشهد وإرباكه. وقال لـ "الاقتصادية": عملية إعلان الإفلاس في إيطاليا تأخذ في المتوسط سبعة أعوام، مقابل عامين أو ثلاثة في المتوسط في باقي البلدان الأوروبية. وفي بعض مناطق الجنوب الإيطالي إعلان الإفلاس يأخذ 15 عاما، وهذا هو السبب وراء تراكم الديون المتعثرة في الاقتصاد الإيطالي. وعلى الرغم من ترحيب البنك المركزي الأوروبي بالخطة الإيطالية ودعمه لها، فإنه واصل الضغط على المشرعين الإيطاليين للعمل على تغيير القوانين لتسريع إعلان إفلاس المصارف، فمشاكل المصارف الإيطالية تضغط بقوة على النظام المصرفي الأوروبي بأكمله، ومشكلة الديون المتعثرة تمثل نحو 18 في المائة من إجمالي ديون المصارف الإيطالية، في الوقت الذي تمثل فيه 6 في المائة فقط في منطقة اليورو، كما أن معدل الربحية المصرفية في إيطاليا هو الأقل بين مصارف مجموعة العشرين. وإذ يعول البنك المركزي الأوروبي على نجاح الخطة الإيطالية دون الحاجة إلى دعم مباشر منه، خاصة في ضوء التحديات المالية التي يواجهها، وسهام النقد التي توجه إلى سياسة التيسير الكمي التي يتبعها، فإن أغلب التوقعات تشير إلى أنه سيضطر إلى التدخل عاجلا أم آجلا، إذا ما أخفقت روما في تفعيل خطتها أو كانت في حاجة إلى مساندة مالية عاجلة، فانهيار النظام المصرفي الإيطالي تحت وطأة الديون المتعثرة يعد كارثة يرجو "المركزي الأوروبي" عدم حدوثها، وإلا كانت القشة التي يمكن أن تقسم ظهر النظام المالي لمنطقة اليورو.

مشاركة :