الحسكة (سوريا) - يعمد المجلس الوطني الكردي الذي يشكل مظلة سياسية لعدد من الأحزاب والتنظيمات الكردية إلى توظيف صلاته مع الولايات المتحدة وأيضا مع تركيا التي يرتبط معها بعلاقات جيدة، للضغط على الاتحاد الديمقراطي الذي يقود الإدارة الذاتية في إقليم شمال وشرق سوريا. ويأمل المجلس الوطني من خلال الاستنجاد بالجانب الأميركي وحتى التركي في وقف التضييقات التي يتعرض لها في شمال وشرق سوريا، وإجبار الاتحاد الديمقراطي على إشراكه في إدارة المنطقة، لكن متابعين يرون أن مثل هذه السياسة تولد ردود فعل عكسية. ويوضح المتابعون أن الاتحاد الديمقراطي يرى في مسلك المجلس الوطني ابتزاز ومساومة، وهذا ما يجعله يتصلب أكثر، ويوصد الباب أمام محاولات استئناف الحوار المعلق بين الجانبين منذ العام 2020. وقال المجلس الوطني الكردي، الاثنين، إن مسلحين من حزب الاتحاد الديمقراطي اعتقلوا عضو الهيئة القيادية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردستاني، وعضو المجلس الوطني فواز صالح بنكو. المجلس الوطني الكردي، يتهم الاتحاد الديمقراطي باعتقال أعضاء له، ويناشد التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بالتدخل وأضاف في بيان أن المجموعة نفسها اعتقلت الناشطة الإعلامية في المجلس الوطني بيريفان فؤاد حاج إسماعيل، واقتادوهما إلى جهة مجهولة “تحت تهديد السلاح، وترهيب ذويهم وسكان الحي”. وجاءت الاعتقالات في خضم جدل تشهده الإدارة الذاتية على خلفية تأجيل الانتخابات البلدية التي كان من المفترض أن تجرى الأسبوع الماضي، بسبب ضغوط أميركية وتركية. وكانت الإدارة الذاتية تراهن على الاستحقاق لإضفاء نوع من الشرعية على وجودها، لكن الحملة التي شنها المجلس الوطني الكردي وتركيا أثرا على ما يبدو في الموقف الأميركي ودفعاه إلى التحرك والضغط لإلغاء الاستحقاق. ويرفض المجلس الوطني الاعتراف بسلطة الاتحاد الديمقراطي، ويشترط أن تكون له حصة وازنة من الإدارة الذاتية قبل الاعتراف بأي مؤسسات داخل هذا الحيز الكردي. ويرى مراقبون أن هناك موجة من الغضب حاليا في الإدارة الذاتية على مكونات المجلس الوطني حيث أن جزءا كبيرا ينظر لمواقف المجلس وآخرها فيما يتعلق بالاستحقاق بلدي على أنه خيانة وخذلانا لمشروع قيام إقليم ذاتي خاص بهم. هناك موجة من الغضب حاليا في الإدارة الذاتية على مكونات المجلس الوطني وهناك تباين فكري وأيديولوجي وسياسي كبير بين المجلس الوطني ذي النزعة اللبرالية، وبين الاتحاد الديمقراطي اليساري والذي تتهمه أنقرة بأنه امتداد لحزب العمال الكردستاني. ويقول المراقبون إن فرص التعايش بين النقيضين تبدو مسألة صعبة للغاية لا سيما وأن كل طرف يسعى لفرض هيمنته وتصوراته، لافتين إلى أن الاتحاد الديمقراطي الذي هو صاحب اليد الطولى في المنطقة لن يقبل بأن يتقاسم الإدارة مع المجلس الوطني أو يسمح لذراعه العسكري “بيشمركة روج” بالعودة من شمال العراق. ويشير المراقبون إلى أن رهان المجلس الوطني على الضغط الأميركي قد لا يحقق له الكثير وإنما قد يفضي إلى تعنت أكبر من جانب الاتحاد الديمقراطي، فضلا على أن ارتباطات المجلس الوطني بقوى المعارضة السورية الموالية لتركيا لا يخدم المجلس شعبيا. واعتبر المجلس الوطني أن المداهمات والاعتقالات التي يتعرض لها تندرج في سياق حملة اعتقالات وتضييق “ممنهجة” ضد أعضائه وضد الصحفيين والناشطين، سبقتها حملة إحراق عشرة مكاتب للمجلس وأحزابه منذ مارس الماضي. وأشار إلى أن الاتحاد الديمقراطي اعتقل خلال الشهر الماضي أعضاء من المجلس الوطني ليصل عدد مجمل المعتقلين إلى 11 شخصًا بينهم أربعة صحفيين. وناشد التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة للتدخل وإطلاق سراح كافة “المختطفين” لدى حزب الاتحاد الديمقراطي، ودعا المنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى إدانة هذه الممارسات.
مشاركة :