مقالة خاصة: شابة فلسطينية تلجأ للموسيقى للتخلص من الضغط النفسي ونشر الأمل بين النازحين في غزة

  • 6/13/2024
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تتنقل الشابة الفلسطينية رهف ناصر بين المباني المدمرة في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة لعزف الموسيقى على جيتارها الخاص وإنشاد الأغاني الفلسطينية ذات الطابع الوطني في محاولة للتخلص من الضغوط النفسية ونشر الأمل في نفوس الغزيين في ظل الحرب. وقبل اندلاع الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي، اعتادت رهف البالغة من العمر (19 عاما)، وهي طالبة في السنة الأولى من كلية الطب بجامعة الأزهر بمدينة غزة، أن تعزف على الآلات الموسيقية مثل البيانو والجيتار للتعبير عن الحب والسعادة. لكن الوضع حاليا اختلف، حسبما تقول رهف ذات الجسد النحيل والملامح الحزينة، إذ أنها لجأت بعد "أشهر طويلة من الحرب المدمرة إلى الموسيقى والعزف على الجيتار للتخلص من الضغوط النفسية التي تعاني منها بسبب الوضع الصعب الذي تعيشه مع عائلتها في قطاع غزة". وتقول رهف لوكالة أنباء ((شينخوا)) "في البداية ترددت أن أعزف الموسيقى خاصة في ظل الحزن العام الذي يخيم على كل سكان القطاع بسبب العدد الكبير من الضحايا ولكنني كنت أشعر بحاجة ماسة للعزف من أجل التعبير عن مشاعر الحزن عبر الموسيقى". ولم يكن الأمر سهلا بالنسبة لرهف، خاصة أنها تركت آلاتها الموسيقية في منزلها بشمال قطاع غزة عندما اضطرت للنزوح مع عائلتها المكونة من ستة أفراد إلى جنوب القطاع. ومع ذلك لم تيأس رهف، حيث أنها واصلت البحث عن آلات موسيقية لشرائها أو استعارتها من أصحابها إلى أن وجدت جيتارا مع والد صديقتها الذي لم يتوان لحظة في منحها إياه. وتستذكر رهف "ما إن بدأت بالعزف حتى شعرت بأنني تحررت من بعض الضغوط النفسية والخوف اللذين ظلا يرافقاني طوال أشهر الحرب، مما شجعني على المداومة على العزف بشكل يومي". وفي محاولة منها لمساعدة الآخرين، خاصة الأطفال للتخلص من بعض الضغوط النفسية، قررت رهف أن تعزف للعامة في عدة أماكن من خلال تنقلها بين خيام النازحين والمنازل المدمرة. وتقول "كشابة موسيقية أعلم تعابير ملامح وجوه الآخرين، وأستطيع أن أرى التغير الذي يطرأ عليهم ما إن يسمعوا الموسيقى (...) غالبية من يستمع للموسيقى يبتسم، فيما يسرح آخرون بذكريات يأمل أن يستعيدها قريبا". ويعيش سكان قطاع غزة تحت وطأة حرب واسعة النطاق يشنها الجيش الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر بعد تنفيذ حركة حماس هجوما عسكريا مباغتا على البلدات الإسرائيلية المحاذية للقطاع، ما أسفر، بحسب السلطات الإسرائيلية، عن مقتل حوالي 1200 شخص واحتجاز رهائن. فيما يواصل الجيش الإسرائيلي شن هجماته البرية والجوية والبحرية على قطاع غزة، مما أدى إلى مقتل أكثر من 37 ألف وإصابة أكثر من 85 ألف آخرين، بحسب وزارة الصحة في غزة. وما يزيد الأمر سوءا بالنسبة للغزيين، هو تدمير حوالي 80 في المائة من المباني السكنية وغالبية البنية التحتية وعدم توفر الكهرباء والماء الصحي، مما يضاعف من معاناة المدنيين، وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة. وترى رهف أن الوضع في قطاع غزة لن يتغير قريبا. وتقول "لا نستطيع أن نغير الواقع لأنه معقد للغاية، لكننا نحاول خلق أجواء من الفرح والسعادة للجميع.. هذا أقل ما يمكننا فعله". ولم تتوقف مهمة رهف عند هذا الحد، حيث تعمل من خلال عزف الموسيقى على إعداد محتوى إعلامي عبر الغناء باللغتين العربية والإنجليزية من أجل نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى أكبر عدد ممكن من المشاهدين. وتقول "للأسف، يبدو أن العالم اعتاد على مشاهدة الدمار والموت في قطاع غزة دون أن يتخذ موقفا حاسما لمساعدتنا على وقف حرب الإبادة التي نتعرض لها (كمدنيين لا حول لنا ولا قوة)". وتتابع "يعتقد بعض الناس خارج غزة أن أهل غزة اعتادوا الحروب والموت، لكن الناس هنا يحبون الحياة ويريدون العيش في سلام، وهذا ما أريد إيصاله للعالم من خلال الموسيقى التي أعزفها خاصة وأنها لا تحتاج إلى أي ترجمة، فهي تحاكي المشاعر والأرواح دون أي عائق". وتأمل الشابة أن ينتهي الصراع في غزة قريبا، وأن يتمكن السكان المحليون من استعادة حياتهم من جديد والبدء باعادة إعمار ما دمره الجيش الإسرائيلي حتى وإن كان ذلك سيستغرق سنوات، على حد قولها.

مشاركة :